استمرار المحققين في جمع الأدلة في بروكسل في إطار التحقيقات الجارية بشأن الهجمات الأخيرة

استنفرت أجهزة الأمن والاستخبارات الأوروبية بعد الإعلان عن أن منفذّي  هجمات بروكسل التي وقعت الشهر الماضي كانت لديهم النية في الأصل للإعتداء علي باريس مجدداً، وأثيرت المخاوف من أن يكون هناك رد فعل عنيف من تنظيم "داعش "المتطرّف وشن هجمات ليس فقط في فرنسـا وإنما أيضاً في عواصم أوروبية أخرى.

 وتبيّن للخبراء في وكالات الإستخبارات وكذلك المسؤولين العديد من الأحتمالات بعد تقييم ما علموه منذ إعتداءات 13  تشرين الثاني / نوفمبر داخل باريس وحولها والتي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً. حيث لم يتضح بعد حجم ونطاق العمليات لتنظيم "داعش" في أوروبـا، ولكنه يبدو أكبر حجماً مما يتوقعه المحققون من الوهلة الأولى. حيث سوف يعتدّ منفذو الهجمات على الشبكات الإجرامية المحلية بالإضافة إلى المتشددين المتطرّفين. وحتى مع قيام الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها إضافةً إلي روسيـا بقتل زعماء تنظيم "داعش"، وردع الجماعة عن تحقيق مكاسب في ساحات القتال داخل سورية والعراق، فإن التنظيم الإرهابي يبدو وأنه يشكل تهديداً خفياً وقاتلاً في مختلف أنحاء أوروبـا.

وعندما أعلن الإدعاء العام البلجيكي عن إلقاء القبض علي محمد عبريني  الجمعة، والذي إعترف بكونه الرجل الغامض في تفجير مطار بروكسل،  كان ذلك بمثابة إنتصار نادر لإنفاذ القانون البلجيكي، والذي سعي جاهداً لتعقب المتطرفين. ولكنه أيضاً كان تذكيرا" بسهولة تحرك المقاتلين من تنظييم "داعش" عبر الحدود والأدوار المتغيرة التي يلعبها المشتبه بهم : فوفقاً للإدعاء العام، فإن  عبريني كان منسقا" لوجيستيا" لهجمات باريس، ولكن كان من المفترض أن يكون من بين منفذي هجوم بروكسل غير أن قنبلته لم تنفجر.
 
وهناك تصورات شبه مؤكدة بوجود شبكات نشطة مماثلة في الدول غير الناطقة بالفرنسية، والتي لم تظهر حتي الآن. كما تعتقد بريطانيـا و ألمانيـا إضافةً إلي إيطاليـا بكونها علي رأس قائمة أهداف تنظيم "داعش". وهو ما يحتاج إلي إبداء المواطنين تعاونهم ومعرفة كيفية التأقلم مع مجموعة من الاحتياطات الأمنية الجديدة ومراقبة أكثر تطفلا، وخاصة في الأماكن العامة.

 وأكد جان - شارل بريسارد، رئيس المركز الفرنسي لتحليل الإرهاب في باريس علي أنهم لم ينتهوا بعد من مهمة البحث عن كل شخص ينتمي إلي الشبكة الكبيرة لهجمات باريس وبروكسل. ومن الواقعي أن ننظر إلى عدد الأشخاص الذين يعتقد بأن لديهم صلة بهجمات باريس وبروكسل: ويشتبه في كون 36شخصاً من بين المشاركين النشيطين بدرجات متفاوتة في تنظيمها أو بتنفيذها. ومن بين هؤلاء، 13 لقوا حتفهم، ومعظم الباقين رهن الاعتقال. وأفرج عن حفنة منها تخضع لشروط، مثل الاختيار الإضافية اليومية في مركز للشرطة.

وما يقلق المحققين هو أن العديد من المشاركين في شبكة هجمات باريس – بروكسل قد تم تجنيدهم من قبل واعظ في حي مولينبيك، الذي يقع في بروكسل  خالد زرقاني الذي حاول تنفيذ هجماتٍ إرهابية مرتين في بلجيكا  ويواجه إتهامات بتجنيد ما يزيد عن 50 شاباً من أجل الإنضمام إلي القتال في صفوف تنظيم "داعش" في سورية، والمساعدة في تمويل رحلتهم إلى الشرق الأوسط. كما تمت تسمية العديد من هؤلاء المجندين البريطانيين العديدين أيضاً في حكم غيابي.

  ويشارك علي الأقل خمسة إلى عشرة هاربين غير معلوم أماكن إختباؤهم في أدوار ثانوية، إلا أنهم قد يكونوا قادرين علي تنفيذ إعتداءاتٍ جديدة. و من بين المجندين للسيد زرقاني، كان عبد الحميد أباعود وهو القائد الميداني في ساحة العمليات لهجمات باريس، والذي ألقي القبض عليه في 24 من آذار / مارس.

ويواجه السيد كريكت تهمة كونه متواجدا" في المراحل الأخيرة من الهجوم علي فرنسـا من خلال ترسانة غير مسبوقة من الأسلحة والمتفجرات بحسب ما ذكر المدعي العام الفرنسي فرانسوا مولينز. كما أن أربعة رجال على علاقة بالسيد كريكيت ممن تم إلقاء القبض عليهم في روتردام Rotterdam كان بحوزتهم 45 كيلوغراماً من الذخيرة، وفقا لهيئة الاذاعة الهولندية المحلية وهو ما يكفي لدعم العشرات من المسلحين.

ولم تتضح علاقة السيد كريكيت بالخلايا التي نفذت هجمات باريس وبروكسل، فضلاً عن تباين وجهات نظر الخبراء، ولكن ذلك يثير الإحتمالات بوجود خلايا مماثلة في فرنسا وبلجيكا وكذلك الأماكن البعيدة. وبحسب ما قال ضابط الاستخبارات الفرنسي السابق كلود مونيكي الذي يعمل حالياً في بلجيكا، فإن الخلايا منفصلة. مضيفاً بأن المحققين حتي الآن لا يعلموا الكثير بشأن السيد كريديت أو حتى صلاح عبد السلام الذي قال الإدعاء العام بأنه واحداً من بين 10 رجال متورطين بشكل مباشر في هجمات باريس.

ويتحدث المسؤولون في أجهزة الاستخبارات ومكافحة الإرهاب الغربية عن عملهم على" إفتراض وجود شبكات لتنظيم "داعش" في إثنين من أكبر الدول الأوروبية، بالإضافة إلى هذه الشبكة في فرنسا وبلجيكا. حيث أنه من المرجح إعداد وترتيب الجماعة لتنفيذ هجماتٍ أخري بحسب ما قال ماثيو هينمان رئيس مركز IHS للإرهاب والتمرد في لندن.

وكان السيد هينمان الذي يعكس وجهة نظر أجهزة الإستخبارات ومكافحة الإرهاب قد أجريت معه مقابلة الإسبوع الماضي في أوروبا والتي ذكر فيها بأن المسؤولين إعتقدوا تطوير تنظيم داعش لشبكة شاملة من الميسرين في أوروبا على مدار السنوات القليلة الماضية تقوم بشراء الأسلحة ، وحجز إقامة في الفنادق فضلاً عن إستئجار السيارات لصالح فرق العمليات ممن سافروا من قبل أو عادوا من العراق أو سورية.

وترفع السلطات البريطانية من حالة التأهب، بينما مستوى التهديد في بريطانيا لا يزال في وضع " خطير"، مما يعني أن الهجوم قد يكون مرجحا" للغاية. وفي بعض الأحيان نجد بأن تهديد تنظيم "داعش" أسهل في القيام به داخل فرنسا و بلجيكا مقارنةً بأي مكانٍ آخر، وذلك بفضل العدد الكبير من المقاتلين الذين يتحدثون لغة فرنسية وكثير منهم من المواطنين الأوروبيين من تلك البلدان.

ويقدر عدد المقاتلين الأجانب من أوروبا في سورية والعراق ما بين 5,000 و 6,000 بينما غادر حوالي 1,800 أو حاولوا الرحيل عن فرنسا للقتال في سورية والعراق وفقا للبيانات التي صدرت مؤخرا من قبل برنارد كازنوفا وزير الداخلية الفرنسي. وقد سافر إلى سورية والعراق 450 عنصراً آخرين من بلجيكا وفقا لتقديرات المحللين في أوروبا