المفاوضات مع إسرائيل ـ صورة أرشيفية

بعد أن عاشت حركة حماس في الآونة الآخيرة عاصفة سياسية كبيرة، بعد إعلان نائب رئيس مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق، أنّ حركته قد تضطر إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، جددت الحركة الأحد موقفها الرافض للتفاوض بصورة مباشرة مع "إسرائيل".

وأكد القيادي في الحركة يحيى موسى، في تصريح صحافي، مساء اليوم الأحد، أنّ "حركته لا تنظر إلى طريق المفاوضات مع إسرائيل كمخرج لحل الصراع واستعادة الحقوق".

وكان موسى أبو مرزوق أعلن "كما أنّ حماس تفاوض إسرائيل بالسلاح، ويمكن أن تفاوضها بالكلام، وإذا بقى الحال في غزّة على ما هو عليه في الوقت الحاضر، فقد تجد حماس نفسها مضطرّة إلى التفاوض مع إسرائيل، لتصبح الكثير من القضايا المحرّمة عند الحركة، مطروحة على أجندتها".

وأوضح يحيى موسى أنّ "المفاوضات جُربت ولم ينتج عنها شيء لصالح القضية الفلسطينية"، مشيرًا إلى أنّ ما تتداوله وسائل الإعلام حول استعداد الحركة للتفاوض مع إسرائيل عارٍ عن الصحة".

وشدد على أنّ حماس تسير وفق نهج المقاومة الذي يمثل المخرج الوحيد لإنهاء الإحتلال عن فلسطين، مؤكدًا أنّ حركته تفكر فقط في تطوير المقاومة وحمايتها لمواجهة الإحتلال وغطرسته.

وتابع موسى "بالمقاومة فقط نخضع الإحتلال لشروطنا، أما المفاوضات فقد أثبتت فشلها ولن تجلب لنا إلا المزيد من الدمار وضياع الحقوق".

ونقلت وسائل اعلام، تصريحًا عن مصدرصرحت بأنه قيادي في حماس وأنّ الحركة تعكف حاليًا على إتمام سلسلة من المراجعات الداخلية، تتعلق بالمشهد السياسي والتفاوض مع إسرائيل، وتقييم الوضع العسكري بعد الحرب الآخيرة.

ونقل عن مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"أنّ الحركة تعكف حاليًا على إتمام سلسلة من المراجعات الداخلية، تتعلق بالمشهد السياسي الداخلي والخارجي، إضافةً إلى تقييم الوضع العسكري للحركة بعد العدوان الإسرائيلي الآخير على قطاع غزة.

وكشف القيادي عن أنّ أبرز بند تتم مناقشته عبر ورش العمل واستطلاعات الرأي الداخلية للحركة يتعلق بفكرة التفاوض المباشر مع إسرائيل، وما إذا كان ذلك يعد اعترافًا بها.

وأوضح أنّ عددًا من قيادات المكتب السياسي للحركة يرى ضرورة فتح هذه القضية حتى لو لم يتم الأخذ بها، خاصةً بعد جولات المفاوضات التي عقدت بعد الحرب الآخيرة.

وأشار إلى أنّ هذه المراجعة تتضمن بحث جوانب فقهية وشرعية وأخرى سياسية ومجتمعية، لافتًا إلى أنّ المراجعات تطرقت أيضًا إلى طبيعة العلاقات مع أنظمة دول الجوار.

وأوضح أنّ الحركة في المراجعات تأخذ في الاعتبار التجارب التي مرت بها بعض دول الربيع العربي في السنوات الثلاث الماضية فيما يتعلق بالشأن الداخلي والعلاقة مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية.

وعلم "فلسطين اليوم" من مصدر في الحركة أنّ "اتّصالات حثيثة أجرتها قيادات حماس في الداخل والخارج، لتصدير موقف رسمي حول تصريحات أبو مرزوق، في ضوء عدم الاتّفاق الكامل في الأطر القياديّة على هذا الموقف السياسيّ المتعلّق بالمفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وحتّى لو كان هناك توجّه مستقبليّ معيّن، فلا يجب إعلانه عبر وسائل الإعلام".

وأضاف "ما زلنا حتّى اللحظة نعاني من ويلات الحرب الإسرائيليّة على غزّة، ودماء الشهداء لم تجفّ بعد، والمشرّدون من منازلهم لم يعودوا إليها، لذلك، قد يكون على التوقيت ملاحظة ما، إلى جانب أنّ إثارة مثل هذا الموقف التاريخيّ من حماس لا بدّ أن يحصل على إجماع داخل الحركة، أو على الأقلّ توافق تنظيميّ وقياديّ".

وأعلنّ بيان موجز صادر عن المكتب السياسيّ لحماس في 11 أيلول/سبتمبر، أنّ إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل ليس من سياسة الحركة، وغير مطروح في مداولاتها وأنّ هذه هي السياسة المعتمدة في حماس.

وهو ما أكّده زعيم حماس خالد مشعل يوم 13 أيلول/سبتمبر، خلال مؤتمر صحافيّ عقده في تونس، بالقول أنّ السياسة المعتمدة لدى الحركة هي المفاوضات غير المباشرة، إذا كانت هناك ضرورة إلى ذلك.

وأكّد نائب رئيس المكتب السياسيّ لحماس إسماعيل هنيّة، في 12 أيلول/سبتمبر خلال لقاء له مع الصحافيّين في غزّة، أنّ لا مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، لأنّ السلطة الفلسطينيّة في صدد إعادة النظر في استراتيجيّة المفاوضات.

وأفادت أوساط قياديّة في حماس أنّ "حديث أبو مرزوق عن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل ليس وليد اللحظة، بل طرح خلال الحرب الأخيرة على غزّة، حين كانت مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تتعثّر في القاهرة، وخرج بعض الدعوات الداخليّة في حماس بالذهاب إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، من دون الحاجة إلى وسطاء محليّين أو إقليميّين".

وأكّد عضو القيادة السياسيّة لحماس محمود الزهار في 12 أيلول/سبتمبر أنّ موقف الحركة الثابت سيبقى كما هو، ويبقى الباب مفتوح أمام وسائل تواصل أخرى مع اسرائيل، معلنًا "سنبقى ضدّ التفاوض معها، لكن إذا فشلت جهود الرئيس محمود عبّاس في المفاوضات مع إسرائيل في شأن رفع الحصار عن غزّة، وفتح المعابر والميناء البحريّ والمطار، فقد نضطرّ إلى البحث عن وسيلة آخرى".

لكنّ وكيل وزارة الخارجيّة السابق في حكومة حماس المقرّب من أبو مرزوق أحمد يوسف، أوضح في حديث صحافيّ أنّ هذه التصريحات ستتمّ ترجمتها من المجتمع الدوليّ في شكل جيّد، وتؤكّد نضجها، وفهمها لطبيعة السياسة.

فإنّ تصريحات أبو مرزوق كما قال مسؤول في حماس "ألقت بحجر كبير في الماء الراكد داخل حماس حول المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وهي إن لاقت رفضًا حاليًا من بعض الأوساط القياديّة، لكنّها فتحت المجال واسعًا لنقاشات بين مؤيّد ومعارض، ولم تعد من المواضيع المحرّم تناولها، لاعتبارات دينيّة أو سياسيّة، وهذا في حدّ ذاته كلام جديد داخل حماس يبنى عليه في المستقبل".