تمثال سومري

بقي "الرمز السحري" الموجود على تمثال سومري يبلغ عمره أربعة آلاف عام لغزا يحيّر علماء الآثار، غير أن الصدفة قادت عالم آثار في المتحف البريطاني، يعمل في موقع غيرسو في جنوبي العراق لصالح المتحف، إلى كشف أسرار المعبد وتقديم نظرة ثاقبة عن الحضارة السومرية القديمة، حسب ما ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية.   ويدرس سيبستيان راي منذ فترة طويلة معنى "مسطرة القياس" المنحوتة على تمثال بالحجم الطبيعي لغوديا حاكم غيرسو التي كانت مدينة سومرية تقع على مسافة 25 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة لكش، في محافظة ذي قار، وتسمى حاليا تل تيلوه.   ويُعرض التمثال الذي اكتُشف في القرن التاسع عشر، حاليا في متحف اللوفر في باريس، ويتضمن لوحا يحتوي على مخطط معماري لمعبد مخصص لـ"ننغيرسو"، رمز الزراعة عند السومريين، بالإضافة إلى عصا قياس، ومنذ اكتشافها حتى الآن ظلت عصا القياس، وعلاقتها بمخطط المعبد، لغزاً مغلقاً عصيّاً على الفهم، حتى بوجود نص مطوّل على التمثال ورد فيه أنه "مخطط إلهي"، كما قال راي. وفي العام 2016، كان الأخير ينقّب عن الآثار في غيرسو كجزء من خطة المتحف لتدريب السكان المحليين على تقنيات التنقيب عن الآثار.

اقرا ايضاً:

هيئة النيابة الإدارية تُحقق بشأن عرض تماثيل فرعونية مثبتة ببراغ

كانت البداية العثور على بقايا المعبد الذي يوجد مخططه على تمثال غوديا. وفي ربيع العام الماضي، عندما كان راي في بيروت مع زميله عالم الآثار جوليان شانتو الذي يعمل في مشروع منفصل، أخذا يتبادلان الآراء بشأن المعبد وعصا القياس والمسطرة. ووفقا إلى راي فإن التحليل السابق لعصا القياس كان يفترض دائما أنه "نظام القياس المتري المعياري" الذي يعتمد على الأمتار. ومع تقدّم النقاش، خلص عالما الآثار إلى استنتاج مفاده أن خطأ الأجيال السابقة كان "التفكير في ما يتعلق بالمقاييس وقياس أشياء مثلما نفعل نحن، أي القياس باستخدام شريط قياس"، وبالتالي خطرت لهما فكرة أن القياس قد لا يكون نظاماً مترياً، وإنما نظام قياس يعتمد على الكسور.   وقال راي: "إنه نظام مقاييس معقد وفريد يعتمد على الوحدة المقدسة، وهي وحدة مقسمة إلى كسور"، مشيرا إلى أن عبارة "الوحدة المقدسة" تكررت مراراً على عصا القياس، وفي كل مرة كان يجري تقسيمها إلى عدد متزايد من الكسور، وبعد هذا الاستنتاج بدأ اختبار النظرية على المخطط المعماري الموجود على التمثال، وبيّن راي أن السومريين اكتشفوا حتماً أن حجم الجدار كان نصف "الوحدة المقدسة"، بينما تعادل الدعامة الرئيسية سدس الوحدة، في حين أن قياس البوابة يصل إلى ثلث الوحدة.   وعاد راي إلى غيرسو، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وحدد موقع البوابة في المعبد الخفيّ بواسطة الوحدة المذكورة، وفتح ثغرة في المنطقة المحددة. وبعد ثلاثة أسابيع من التنقيب والحفر، عثر على أساسات البوابة، وبذلك تم إثبات النظرية وحل اللغز.   وقال راي إن الاكتشاف كان مهما للغاية، ويبيّن كيف أن علم المقاييس السومري القديم كان يعتبر "أم كل اللغات في العالم"، مضيفا أنه "سمح لنا بأن نفهم كيف يخططون لبناء معبد بذلك الحجم. ووفقا للنقوش القديمة فإن مخطط المعبد كان يستند بالفعل إلى صورة إلهية، تجسدها هندستها" التي خطرت للملك غوديا على شكل حلم

قد يهمك ايضاً:

 الأجهزة الأمنية المصرية تضبط مئات القطع الأثرية النادرة في أحد منازل المنيا  

باحثون يكتشفون "كنزًا" من القطع الأثرية في موقع اسكتلندي عمره 1600 عام