الصابون النابلسي

أسس الحاج معاذ النابلسي (75 عاما) "مصبنة البدر"، التي إذا قُدر لك أن تزورها؛ فإنك سترى آلات مركونة إلى جدران المصبنة، لكنها ليست معطلة، فقد استبدلها النابلسي بآلات حديثة سريعة الإنتاج، واحتفظ بالآلات القديمة ليحافظ على تراث آبائه وأجداده، وذلك في سوق البلدة القديمة داخل مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة.

ولكن الآلات الجديدة لا تعمل يوميا، بسبب حالة الركود التي يعاني منها سوق الصابون النابلسي، والتي أدت إلى إغلاق عشرات المصابن. ورغم حالة الركود الذي يعاني منها سوق الصابون النابلسي؛ فإن مصبنة البدر مستمرة في إنتاج الصابون النابلسي وفق المعايير والمقاييس الأصلية، بعيدا عن أي بدائل استحدثها العلم، أو فرضها الوضع الاقتصادي، بحسب مديرها شامخ النابلسي (41 عاما).

ومن بين 40 مصبنة في نابلس؛ نحن المصبنة الوحيدة التي ما زالت تنتج الصابون من زيت الزيتون البلدي الخالص، في حين تنتج باقي المصابن الصابون من زيوت نباتية، أو زيت زيتون مستورد". وأشار شامخ إلى أن عائلته اشتهرت بحرفة صناعة الصابون منذ أكثر من 200 عام، وملكت قرابة 48 في المائة من مصابن المدينة، لكن غالبيتها أغلق أو تغير نشاطها، مؤكدا أن إنتاج الصابون من الزيتون النقي 100 في المائة "هو سر الصنعة ومكمن جودتها، وعلامتها التراثية التي ضربت جذورها في عمق التاريخ، بعيدا عن المكسب المادي البحت".

وأضاف شامخ أن عملية صناعة الصابون تمر بمراحل دقيقة، تبدأ بجلب المادة القلوية (هيدروكسيد الصوديوم)، ووضعها في الشيد والماء، وتركها لحين جفافها مجددا لاستخلاص المادة الفعالة منها، لافتا إلى أنهم قديما كانوا يأتون بتلك المادة من جبال البلقاء في الأردن على شكل جذور نباتية، يتم طحنها كي تصبح ناعمة كالبودرة، ومن ثم يتم استعمالها.

وقال إنه "يتم وضع هذه المادة مجددا داخل الحلة المصممة على شكل دائري من أحجار نارية تمنع تسرب الزيت أو الماء أثناء التصنيع"، مشيرا إلى أنه "كلما كانت الحرارة عالية؛ كلما أصبحت عملية التصبن أسرع".

ولا تخلو متعة صناعة الصابون النابلسي؛ من الصعاب الكثيرة التي تهدد استمرارها، وخصوصا ما يتعلق منها بمنافسة وغزو الصابون الأجنبي أو المحلي "الأقل جودة وسعرا، والمصنع بزيت مستورد بصفات زيت الزيتون"، بحسب شامخ الذي بيّن أن "ارتفاع سعر زيت الزيتون البلدي النقي؛ يؤثر على سعر الصابون  في الأسواق؛ حيث يبلغ ثمن القطعة منه قرابة نصف دولار".