النفط

أعلنت شركة «إكسون موبيل» النفطية الانسحاب من كل المشاريع المشتركة التي تنفذها بالتعاون مع شركة «روسنفت» الروسية، وذلك على خلفية العقوبات الغربية ضد روسيا، وفي غضون ذلك قالت وسائل إعلام صينية إن شركة النفط الصينية «سي إي إف سي» تلغي صفقة شراء حصة من أسهم «روسنفت» بقيمة 9 مليارات دولار، لعدم تمكنها من تأمين قروض مصرفية تغطي الصفقة.

ولن تكون «روسنفت» مرتاحة في حال ألغت الصين تلك الصفقة، ذلك أن العقوبات الغربية التي حدت من إمكانات توسيع التعاون بين روسيا وشركات أميركية وأوروبية، هيأت ظروفًا جيدة للشركات الصينية كي تزيد من نشاطها في هذا المجال مع روسيا، وقالت «إكسون موبيل» في تقريرها السنوي إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، إنها مضطرة للبدء خلال العام الحالي (2018) في عملية الانسحاب من المشاريع المشتركة مع شركة «روسنفت»، كبرى شركات النفط الروسية، وذلك بسبب العقوبات، وأوضحت أنها أسست عامي 2013 و2014، بالتعاون مع «روسنفت»، مختلف البنى لتنفيذ الأعمال في مجال التنقيب عن النفط، وأضافت أنه في عام 2014 فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على قطاع الطاقة الروسي. وفي النصف الثاني من عام 2017 ثبتت الولايات المتحدة تشريعيًا العقوبات ضد روسيا وشددتها، ومن ثم يؤكد التقرير على أن «شركة (إكسون موبيل) والشركات التابعة لها، وبناء على ما جاء أعلاه، فستلتزم بتنفيذ كل التشريعات والقواعد والمعايير، وقررت منذ نهاية عام 2017 الانسحاب من المشاريع المشتركة مع (روسنفت). وسيترتب على تنفيذ هذا القرار خسائر تقدر بنحو 0.2 مليار دولار»، وفق تقرير «إكسون موبيل».

وعبَّرت شركة النفط الروسية «روسنفت» عن أسفها لهذا القرار، وقالت إنه كان متوقعاً. وقال ميخائيل ليونتيف، المتحدث الرسمي باسم «روسنفت» في تصريحات لوكالة «تاس»«لم يحدث أي أمر جديد. وهذا للأسف حدث متوقع، على صلة بالعقوبات»، وعبر عن قناعته بأن «(إكسون موبيل) كانت مضطرة لاتخاذ هذه الخطوة»، وأكد ليونتيف في تصريحات لصحيفة «آر بي كا» أن قرار الانسحاب من المشاريع المشتركة، لا يعني قطعًا نهائيًّا للعلاقات بين «إكسون موبيل» و«روسنفت»، و«سيستمر التعاون بيننا»، موضحًا أن الشركة الأميركية اضطرت لاتخاذ القرار في هذا التوقيت، لأنه آن أوان بدء العمل بالحفريات المشتركة في البحر الأسود، وكان عليها أن تمتنع في الوقت المناسب.

وأشار إلى أن الخسائر التي ذكرها التقرير تعود بصورة رئيسية إلى الانسحاب من اتفاق التنقيب وبدء حفر الآبار في البحر الأسود، وشدد على أنه اعتبارًا من الآن كل ما قامت به (إكسون موبيل) من أعمال أصبح ملكية لنا (روسنفت) ، ولفت إلى أن الاتفاقيات واضحة وتحدد بدقة أن الطرف الذي ينسحب من الاتفاق يتحمل الخسائر.

وقال إن أي خلل في «التعاون المريح للطرفين» يحمل الضرر لهما معًا، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن «روسنفت» يمكنها الاستمرار بأعمال التنقيب في البحر دون مساعدة الشريك الأميركي، وتشير تقارير إلى أن «روسنفت» التي لا تمتلك كامل التقنيات الضرورية للقيام بالأعمال في الحقول النفطية البحرية، اعتمدت على «إكسون موبيل» بصورة خاصة في أعمال التنقيب والحفر في البحر الأسود وبحار شمال روسيا، وتعود بدايات التعاون بين «روسنفت» و«إكسون موبيل» إلى عام 1992، حين انضمت الشركة الأميركية إلى مشروع شبكة أنابيب قزوين، لنقل النفط من حقل «تنغيز» في كازاخستان، إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي على البحر الأسود، وقالت «إكسون موبيل» على موقعها الرسمي إن الشركة تعاونت مع الجانب الروسي عام 1995، حين انضمت إلى مشروع التنقيب والإنتاج من حقل «سخالين - 1» أقصى شرق روسيا، بحصة 30 في المائة من أسهم المشروع، وفي عام 2011 وقعت «إكسون موبيل» و«روسنفت» اتفاقية شراكة استراتيجية للقيام بأعمال التنقيب في المنحدر القاري القطبي. وفي ربيع عام 2012، وقع إدوارد خودايناتوف، رئيس «روسنفت» حينها، وريكس تيلرسون، رئيس «إكسون موبيل»، حينها اتفاقات تحدد بدقة المشاريع في المنطقة القطبية، وجرى التوقيع بحضور فلاديمير بوتين، وكان يشغل حينها منصب رئيس الوزراء.

وانضمت واحدة من الشركات التابعة لـ«روسنفت» عام 2013، إلى مشروع «إكسون موبيل» للتنقيب في خليج المكسيك. ووقع الجانبان في العام ذاته اتفاقيات جديدة للعمل في أقصى شرق روسيا، واستمر تطوير التعاون حتى عام 2014، حين فرضت الولايات المتحدة عقوبات استهدفت بما في ذلك قطاع الطاقة الروسية، إثر ذلك اضطرت «روسنفت» و«إكسون موبيل» إلى تجميد التنقيب والحفر وتنفيذ كل المشاريع التي تضمنتها اتفاقياتهما المبرمة منذ 2011. وفي عام 2016 جمدتا التعاون في مشروع الخليج المكسيكي.

وفي تطور آخر على صلة بالصفقات مع «روسنفت»، قالت وسائل إعلام صينية إن شركة النفط الصينية «سي إي إف سي» تلغي صفقة شراء أكثر من 14 في المائة من أسهم «روسنفت» بقيمة 9.1 مليار دولار، لأنها لم تتمكن من العثور على بنك تحصل منه على قرض يوفر لها الجزء المتبقي من المبلغ المطلوب لإتمام الصفقة، وقالت صحيفة صينية إن بقاء مصير الصفقة مع «روسنفت»، معلق يعود إلى تحقيق فتحته السلطات الصينية مع رئيس شركة «سي إي إف سي».

وأوضحت الصحيفة نقلاً عن مصادر أن الشركة الصينية كانت تنوي دفع 4 مليارات من ميزانيتها في الصفقة مع «روسنفت» والحصول على قروض مصرفية لتغطية الجزء المتبقي، إلا أن المصارف تتخوف حاليًا من المشاركة في الصفقة بسبب التحقيق مع رئيس الشركة الصينية.

وأعلنت شركة «سي إي إف سي» الصينية، أعلنت في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي عزمها شراء حصة نسبتها 14.16 في المائة في شركة النفط الروسية العملاقة «روسنفت» مقابل 9.1 مليار. وتعتبر هذه الصفقة أكبر استثمار تقوم به الصين في روسيا. ومن شأن هذه الصفقة، إن تمت، أن تعزز التعاون بين الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وروسيا أكبر منتج للنفط عالمياً.