الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

تباينت تقديرات دينامية نمو الاقتصاد الروسي خلال الأشهر الماضية، ما بين تقارير دولية حسنت توقعاتها لوتيرة النمو، وتقارير رسمية روسية تحدثت عن تباطؤ النمو الاقتصادي، وسط تحذيرات خبراء من دخول الاقتصاد الروسي مجددًا في حالة ركود نتيجة تراجع الطلب في السوق المحلية.

وفي تقرير جديد تناقلته وسائل إعلام روسية، أعادت "فيتش" النظر في توقعاتها، وحسنت تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي حتى 2 في المائة، أي بزيادة 0.2 نقطة عن آخر توقعات، وقالت إن التضخم المتوقع عام 2018 سيكون عند مستوى 2.9 في المائة , إلا أن وزارة التنمية الاقتصادية الروسية أشارت على العكس، إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وأحالت ذلك إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، وانكماش الطلب المحلي.

ونقلت صحيفة "كوميرسانت" الروسية عن إيريك أريسبي، كبير الخبراء في مجال التصنيف السيادي في "فيتش" قوله، إن الوكالة أعادت النظر في توقعاتها خلال شهر أغسطس / آب الماضي، لوتيرة نمو الاقتصاد الروسي، وحسنتها من 1.8 حتى 2 في المائة , ولفت إلى أن الوضع سيتغير العام المقبل، ويتوقع تباطؤ النمو عام 2019 حتى 1.5 في المائة، ومن ثم سيطرأ تحسن جديد عام 2020، حيث من المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي مستوى 1.9 في المائة

وأشار الخبير المالي أمام مؤتمر "فيتش" السنوي إلى أن "التصنيف السيادي الروسي قوي"، إلا أن الوكالة لم تتمكن من تحسينه بسبب تأثير العقوبات، وأوضح أن ذلك التقدم الذي تمكنت روسيا من تحقيقه في المجالات الأخرى قد يتحطم بفعل العقوبات , وكانت الوكالة حافظت في شهر أغسطس / آب على تصنيف روسيا السيادي عند مستوى (BBB -) مع توقعات إيجابية , إلا أن المعطيات المتوفرة لدى وزارة التنمية الاقتصادية الروسية تشير إلى وتيرة نمو اقتصادي لا تتوافق مع تلك التي عرضها خبراء "فيتش". و وأشارت الوزارة في تقريرها الشهري بشأن "النشاط الاقتصادي ونشاط الأعمال"، إلى تباطؤ النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي من 1.8 في المائة في شهر يوليو / تموز حتى 1 في المائة في شهر أغسطس / آب ، وقالت إن هذا الوضع نتيجة انخفاض الإنتاج الزراعي في شهر أغسطس/ آب بنسبة 10.8 في المائة على أساس سنوي، وتباطؤ وتيرة النمو السنوي للإنتاج الصناعي من 3.9 في المائة في يوليو حتى 2.7 في المائة في شهر أغسطس / آب ، وفق معطيات الوكالة الفيدرالية للإحصاء.

وهناك أسباب أخرى أدت إلى تباطؤ نمو الاقتصاد الروسي، على حد التقديرات الرسمية، ومن تلك الأسباب يشير الخبراء إلى انكماش الطلب المحلي , ووفق دراسة أعدتها المدرسة الروسية العليا للاقتصاد، فإن مؤشر تقييم الدينامية الاقتصادية لجهة الطلب انخفض خلال شهر أغسطس بنسبة 0.4 في المائة، وهو أدنى مستوى لهذا المؤشر منذ منتصف عام 2016 , وبالإضافة إلى التراجع الملموس على الطلبيات الجديدة، برزت زيادة بحجم المنتجات في المستودعات، وهو ما يمثل تأكيدًا إضافيًا على انكماش الطلب المحلي. ويقول الخبراء من المدرسة العليا للاقتصاد إنه "حتى مع ارتفاع أسعار النفط بنسبة 37 في المائة (مقارنة بالأسعار في أغسطس / آب العام الماضي)، وتراجع قيمة الروبل التي تساهم في تفعيل التنافس بين المنتجين والمضاربة بالأسعار، هذا كله لم يساعد على تجاوز التداعيات السلبية لانكماش الطلب المحلي".

وتراجع الدخل الحقيقي للمواطنين يعد سببًا آخر لتباطؤ النمو الاقتصادي , ووفق معطيات الوكالة الفيدرالية للإحصاء، سُجل في شهر أغسطس / آب الماضي أول تراجع خلال عام 2018 على حجم الدخل الحقيقي للمواطنين، نتيجة توقف زيادة المعاشات الشهرية. وأدى هذا الوضع إلى تراجع على الطلب في مطلع الربع الثالث من العام، وبصورة خاصة على الطلب في سوق المنتجات الغذائية , ومن غير المتوقع أن يتحسن الطلب خلال الأشهر المقبلة، نظرًا لحالة الترقب بانتظار بدء العمل مطلع العام المقبل بقرار زيادة ضريبة القيمة المضافة، وما يترافق مع ذلك من ارتفاع على الأسعار.

ويحذر اقتصاديون من مركز التنمية في المدرسة العليا للاقتصاد من أن الطلب الضعيف في السوق المحلية قد يؤدي إلى دخول الاقتصاد الروسي مجددا في حالة ركود، على الرغم من ارتفاع أسعار النفط.