الرئيسين دونالد ترامب وايمانويل ماكرون

تنتهي الثلاثاء، فترة السماح الأميركية التي أعفيت بموجبها الواردات الأوروبية من الصلب والألمونيوم من الرسوم الجمركية التي أقرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتترقب الأوساط الاقتصادية حول العالم ما سيتخذه الرئيس، وسط محاولات واسعة لممارسة ضغوط عليه لإثنائه عن بدء تطبيق القرار والحصول على إعفاء دائم من الرسوم.

وخلال الأيام الماضية، توالت محاولات زعيمي أكبر اقتصادين في منطقة اليورو، وهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقاءين متوالين مع ترامب، من أجل إقناعه بضرورة التخلي التام عن فرض الرسوم على الصادرات الأوروبية؛ إلا أن الأخير لم يبد أي بادرة للتراجع.

وكان ترامب أعلن عن الرسوم في مارس/ آذار الماضي عن تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على واردات الصلب و10 في المئة على واردات الألمونيوم، زاعمًا أن الواردات المعدنية المدعومة تهدد الأمن القومي من خلال الإضرار بالمنتجين المحليين... لكنه استبعد على نحو مؤقت الاتحاد الأوروبي من فرض الرسوم بعد ضغوط قوية من بروكسل، وكذلك يسر الأمور مع كل من كندا والمكسيك وأستراليا والأرجنتين والبرازيل وكوريا الجنوبية، لأسباب متباينة، فيما أبقى عليها لتتضرر منها بشكل كبير القوة الاقتصادية الثانية على مستوى العالم وهي الصين.

وكان وزير التجارة الأميركي ويلبر روس، قد ذكر في تصريحات صحافية يوم الأحد أن بعض الدول التي حصلت على إعفاءات مؤقتة ستحصل على تمديدات عندما تنتهي صلاحية الإعفاءات المؤقتة الحالية، ورغم تلميحات روس، ومحاولات ماكرون وميركل، إلا أن التشاؤم كان يسود الأوساط الاقتصادية الأوروبية التي توقعت فرض الرسوم على الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء المهلة الأميركية.

وفي بيان صادر مساء الأحد، حذر ماكرون وميركل، إضافة إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مجددًا الولايات المتحدة من فرض رسوم تجارية على أوروبا، معتبرين أن على الاتحاد الأوروبي "أن يكون مستعدًا للرد في حال حصول ذلك، بفاعلية وسرعة". وأفاد البيان الصادر إثر مشاورات هاتفية السبت بين ماكرون وميركل وماي، أن "القادة الثلاثة يأملون بألا تتخذ واشنطن إجراءات تتنافى والمصالح بين ضفتي الأطلسي".

من جانب آخر، لمح لاري كادلو، المستشار الاقتصادي البارز للرئيس ترامب، الخميس، إلى أنه على الاتحاد الأوروبي تقديم "تنازلات" إذا أراد تجنب هذه الرسوم. لكن الأوروبيين أكدوا أنه من دون إعفاءات على تلك الرسوم، سيتخذون إجراءات مضادة تستهدف منتجات أميركية بارزة.
والإثنين، دعا وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير إلى تقديم "عرض محدد" للولايات المتحدة في الخلاف الجمركي معها. وقال التماير، المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة ميركل، في تصريحات لإذاعة ألمانيا إنه يتعين مواصلة التفاوض، حتى لو أقر الرئيس الأميركي فرض رسوم جمركية أعلى على واردات الصلب والألمونيوم من الاتحاد الأوروبي. وأضاف  "أنا شخصيًا أعتقد أنه يتعين علينا تقديم عرض محدد يمكن على أساسه مواصلة التفاوض".

وذكر التماير أن مراجعة الجمارك بناء على قبول قواعد منظمة التجارة العالمية قد يستغرق فترة طويلة، وقال "لذلك أعتقد أنه يتعين علينا مواصلة التفاوض بصرف النظر عما سيحدث اليوم"، وأوضح أن الهدف من المفاوضات ينبغي أن يكون خفض الجمارك بوجه عام، مضيفًا أن ألمانيا لديها فائض في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة، إلا أن هذا لا ينبغي أن يكون مدعاة للحد من الصادرات الألمانية.

وسجل التماير أنه إذا قرر ترمب فرض قيود جمركية، فإنه سيكون هناك رد فعل على المستوى الأوروبي "في ضوء تطورات الأيام والأسابيع المقبلة". وأوضح أن هناك حاجة لموقف واضح من ناحية، وإلى وعي من ناحية أخرى بالمسؤولية تجاه "عدم وصول الأمر إلى سباق جمركي يخسر فيه الجميع في النهاية ولا يكسب أحد".

وفي السياق ذاته، ناشدت غرفة التجارة الأميركية في ألمانيا كلًا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنقيح نظام التعريفات الجمركية الخاصة بكل منهما في ظل الخلاف التجاري القائم بينهما حاليا، وقال الرئيس الجديد للغرفة في ألمانيا، فرانك سبورتولاري، في تصريحات خاصة لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية في عددها الصادر الإثنين "ليس هناك شيء يعارض فحص النظام على نحو أدق وتعديله"، لافتًا إلى أن "بعض اللوائح التي نمت تاريخيا على كلا الجانبين فقدت شرعيتها".

وأعرب سبورتولاري عن أمله في التوصل لاتفاق قبل نهاية المهلة الثلاثاء، وقال "سيكون أمرًا محبطًا للغاية، إذا لم يغير الرئيس ترامب رأيه... نشوب حرب تجارية لن يؤدي سوى إلى خاسرين". مؤكدًا تأييده لإبرام اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأشار إلى أن ذلك سيكون "الأداة المناسبة لوضع التجارة بين أوروبا والولايات المتحدة على أساس جديد ومتين".