منظمة الصحة العالمية

طالب حقوقيون وإعلاميون ونشطاء وطلبة جامعيون بضرورة تضافر الجهود من قبل المؤسسات الحقوقية والمعنية بالرعاية الصحية، من أجل وصول المواطن الفلسطيني للخدمات الطبية، وفي مقدمتها الحق في العلاج  ، مؤكدين أن الحق في العلاج حق أساسي للأشخاص، ولا يجوز منع أو انتقاص هذا الحق، أو فرض أية قيود أو عراقيل لوصول الأفراد لواقع صحي متميز.  

جاء ذلك خلال فعاليات يوم دراسي نظمته الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون، بالتعاون مع الكلية العربية للعلوم التطبيقية في محافظة رفح، بعنوان "الحق في العلاج حق قانوني إلزامي"، تركز فيه الحوار حول ثلاث محاور أساسية أولها الحديث حول الحق في الصحة من منظور حقوق الإنسان، ودور وزارة الصحة الفلسطينية  من تمكين المواطنين الوصول للعلاج، ودور المؤسسات الدولية في تعزيز الحق في الصحة من جانب أخر.  

وشارك في فعاليات اليوم الدراسي رئيس الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية فرع رفح الدكتور روحي عواجة، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية الدكتور إبراهيم معمر، وأمين سر مجلس إدارة الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون محمد الجمل، ومن القطاع الصحي مدير دائرة العلاج في الخارج الدكتور بسام البدري، ومنسق مشروع المناصرة في منظمة الصحة العالمية غزة أ. محمد لافي ، بحضور ومشاركة أحمد نصر محافظ مدينة رفح والنائب السابق سلمان الرومي وحشد من الطلبة والحقوقيين والإعلاميين والأكاديميين.

وبدوره رحب روحي عواجة بالمشاركين في اليوم الدراسي، شاكرًا الجمعية لإثارة  هذه القضية الهامة التي تمس شرائح المجتمع كافة ، وتحتاج إلى جهد وتعاون من قبل شرائح المجتمع ، كما أشاد بجهود الجمعية بالتعاون مع الكلية الجامعية في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في أوساط الطلاب ، مؤكدًا أهمية مثل هذه اللقاءات.

وفي كلمة الجمعية الوطنية شكر الصحافي محمد الجمل محافظ رفح علي حضوره والذى يعكس اهتمامه بمتابعة قضايا المواطنين، موضحًا أن الحق في العلاج ثابت مكفول بموجب القوانين الدولية والمحلية لا يمكن التنازل عنه بأي شكل من الأشكال، متحدثًا عن جهود الجمعية الوطنية خلال الأعوام الماضية ، ومشروع تعزيز وصول الفئات الهشة للعدالة في جنوب قطاع غزة، والذي تنفذه الجمعية بدعم من "سواسية" البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وتعزيز سيادة القانون العدالة والأمن للشعب الفلسطيني2014-2017 ، لمساعدة الفئات الهشة والضعيفة في الوصول لحقوقها التي أقرتها القوانين.

ونوه إلى أن الجمعية خلال الفترات الماضية حققت قصص نجاح عديدة، خلال فتح عيادتها القانونية أمام الفئات الهشة ومساعدة العشرات منهم لاستعادة حقوقهم ، وأن العلاج حق ثابت .

من جانبه تحدث الدكتور إبراهيم معمر عن الحق في العلاج بموجب القانون الدولي أن القوانين والمعاهدات الدولية ضمنت هذا الحق، وحرمت المساس به، حيث أكد العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على أن لكل شخص الحق في مستوى معيشي لائق به من الجوانب كافة ، وهو من حق المواطنين الحصول على الأدوية الطبية بسعر مناسب دون تميز.

وأكد أن القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003 نظم خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز والشيخوخة، وأن قانون الصحة لعام 2004 شدد على تقديم الخدمات الصحية الحكومية الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية، وإنشاء المؤسسات الصحية اللازمة للمواطنين ، شريطة أن تكون موزعة جغرافيًا ، بما يتيح المواطنين إمكانية الاستفادة من الخدمات الطبية.

وأشار معمر إلى تداعيات الانقسام الفلسطيني والحصار الخانق منذ عشرة أعوام ، والاحتلال الإسرائيلي الذي أثر على مجمل الأوضاع والحقوق المختلفة للمواطنين في المجتمع الفلسطيني.

ورأى الدكتور بسام البدري أن نصف مرضى غزة اللذين يحتاجون للعلاج في الخارج ممنوعين من مغادرتها من خلال معبر بيت حانون "ايريز" ، بسبب إجراءات الاحتلال، ومنعه مرضى القلب والسرطان وغيرها من الأمراض المستعصية السفر للتوجه لمستشفيات الضفة الغربية والقدس والداخل، التي تعاقدت معها الوزارة.

وقال البدري إن دائرة العلاج في الخارج التابعة لوزارة الصحة في السلطة الفلسطينية، وبتعليمات من الرئيس محمود عباس، ووزير الصحة دكتور جواد عواد، تعمل كل ما بوسعها من أجل إنهاء إجراءات أي مريض يتأكد من حاجته الماسة للعلاج في الخارج، خاصة مرضى السرطان والقلب، وتستكمل الإجراءات من حجز موعد، واستصدار تحويلة، والتقدم بطلب للحصول على تصريح مغادرة من الجانب الإسرائيلي.

وقال: في كثير من الأحيان يذهب موعد المستشفى ولا يصدر التصريح، تارة تأتي رسالة بأن الطلب قيد الفحص، وتارة بالرفض، وفي كثير من الأحيان لا يأتي رد أصلا، وتضطر الدائرة لحجز موعد ثاني وثالث في المستشفى، وتبذل قصارى جهدها من أجل تمكين المريض من الحصول على حقه في العلاج".

وبين أن كثير من المرضى توفوا وهم ينتظرون صدور التصريح، والبعض تفاقمت حالتهم الصحية قبل صدور التصاريح، مؤكداً أن الجانب الإسرائيلي يمارس إجراءات قاسية وصعبة بحق المرضى. كما شدد البدري على أن هناك لجنة تدقق أوراق وتقارير كل مريض، ولا يمكن صدور أية تحويلة علاج إلا لمستحقيها فقط. دور منظمة الصحة العالمية  وفي ذات السياق أشار أ.محمد لافي إلى الحديث عن دور منظمة الصحة العالمية في تعزيز الحق في الصحة وإعماله في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولتطبيق هذا الموضوع الهام لابد من التطرق لأمرين رئيسين وهما الحق في الصحة كحق قانوني شرعي يشمل الرعاية ميسورة التكلفة وذات جودة مناسبة ، وفي الوقت المناسب من جانب، و دور منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية في إعماله من جانب أخر متمثل بتعزيز قدرات المنظمة والدول الأعضاء فيها على دمج نهج قائم على حقوق الإنسان في الصحة، إضافة للدعوة والنهوض بالحق في الصحة في القانون الدولي في إجراءات التنمية الدولية.

ولفت إلى أن جهود منظمة الصحة العالمية في خلق واقع صحي جيد في فلسطين، وأن المنظمة الدولية تعمل مع وزارة الصحة، وتتابع الوضع الصحي، ونفذت وتنفذ العديد من البرامج والأنشطة، وتتدخل عند اللزوم، لضمان خدمات صحية جيدة.

وأوضح أن المنظمة تدخلت وجلبت تمويل لشراء وقود للمستشفيات في قطاع غزة، التي عانت أزمة خانقة قبل نحو عام ونصف، ولازال المشروع مستمر، والتدخلات مستمرة في أكثر من مجال صحي.

وفي نهاية اللقاء فتح باب النقاش والتساؤلات، حيث خرج المشاركون بجملة من التوصيات، أهمها تطوير الكادر الطبي الفلسطيني، عن طريق ابتعاث أطباء للخارج، لتلقي دورات ومن ثم العودة لفلسطين، وإنشاء مراكز صحية متطورة في الضفة وغزة، للاستغناء عن تحويل المرضى للخارج ، بالإضافة إلى مطالبة المجتمع الدولي بالضغط علي دولة الاحتلال لإرغامها على احترام الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وخاصة حق المواطنين بالسفر والتنقل لتلقي العلاج .

كما أثني المشاركون على الجهود التي تبذلها وزارة الشؤون المدنية لتسهيل سفر وحركة المرضي عبر معبر بيت حانون ، داعين إلى بذل المزيد من الجهود للتخفيف من معاناة المرضى وضمان حقهم في الوصول للعلاج، كما طالب المشاركين بضمان حق التقاضي والوصول للعدالة للمرضى كافة الذين تعرضوا للإهمال من قبل أي جهة في المجتمع الفلسطيني .