الرباط - إدريس الخولاني
يقع شاطئ السعيدية في المغرب على حوض البحر الابيض المتوسط ويبعد عن وجدة قرابة الـ 60 كم و التابع ترابيا إلى إقليم بركان، تلك الجوهرة الزرقاء التي فقدت الكثير من بريقها، مشاكل متراكمة ، في غياب رؤية واضحة لتسيير مدينة أصبح ينظر إليها كقاطرة للتنمية في المنطقة. تعتبر الجوهرة الزرقاء وجهة وواجهة سياحية تقل مثيلاتها، وقبلة لساكنة المغرب الشرقي وباقي مدن المملكة، بالإضافة الى استقبالها لسياح أجانب، خصوصاً منذ أن تعزّزت مكانتها بالمحطة السياحية المعتبرة من المشاريع الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس منذ 2003 .الا انه وبالإضافة الى المشاكل العديدة كعجز وزارة السياحة على مواكبة المدينة والمارينا" المحدثة بها،" يسجّل غياب الحكمة وانعدام الحلول الاستراتيجية لانقاذ المدينة.
تاريخ تسمية السعيدية
تقع مدينة السعيدية الشاطئية في أراضي اولاد منصورالتي تنتمي إلى مجموعة قبائل تريفة ( العثامنة وهوراة وأولاد الصغير) وهي القصبة التي بناها المولى الحسن الاول سنة 1883م. عند مصب وادي كيس، لتكون معلمة بارزة تحصن التراب الوطني من كل توسع محتمل من قبل الفرنسيين، بالاضافة إلى محاربة التهريب الذي كان متفشيا عبر خط الحدود، إذ كانت تهرب الماشية والابقار باعداد كبيرة نحو غرب الجزائر، ولما شرع في بناء هذه القصبة إحتجت السلطات الفرنسية عليها لانها اعتبرته خرقا لما جاء في البند الاول من إتفاق "للا مغنية سنة 1845م" ناسية او متناسية ما اقدمت عليه سنة 1882م من بناء برج غير بعيد عن وادي كيس بدعوى حماية سوق اسبوعي "سوق الحيمر"، وبذلك ضربت البند الاول من المعاهدة عرض الحائط (والبند الاول ينص على عدم إشهار معالم الحدود بالحجارة او عدم البناء بخط الحدود) ، حيث كان الشروع في بناء القصبة في بداية شهر يونيو 1883 تحت إشراف عامل وجدة عبد المالك السعيدي ، وانتهت أشغال البناء في بداية سنة 1884، وقد اشتهرت القصبة في بداية عهدها باسم "القصبة السعيدة"،ب" قصبة عجرود"، سعيدة عجرود،" القصبة السعيدة، السعيدة ) الى أن فرضت سلطات الاحتلال اسم السعيدية بحكم الأمر الواقع ، ومن المرجح أن يكون ذلك نسبة إلى عامل وجدة عبد المالك السعيدي، الذي أشرف على أشغال البناء كما تؤكد كتب التاريخ.
تراكم النفايات وتفشي مظاهر العفونة على شاطئ السعيدية و في شوارع وجنبات وزوايا و أزقة المدينة ، ذلك أن الشركة المسماة "أزون" و المستفيدة من صفقة التدبير المفوض تقوم بعملية انتقاء النفايات في شارع محمد الخامس و فنادق المحطة السياحية ، كما أن المجلس البلدي فشل في تنظيف مدينة السعيدية و جمع النفايات بها ، بل حتى الصفقة التي أبرمت مع إحدى شركات التدبير المفوض لم يظهر لها أي أثر مما يطرح عدة استفهامات و يستدعي فتح تحقيق حول هذه الشركات .
وتؤرق الخروقات والاختلالات سكان المدينة و تشوه سمعة الجوهرة الزرقاء بتواطؤ مشترك مع السلطات والمنتخبين، فقد حوّل الواد الحار حياة الناس إلى كابوس يومي في كل أحياء و شوارع السعيدية ، خصوصاً "حيّ الوحدة" و" حيّ الدراق" و""حيّ اتريفة ، أو بالمحطة السياحية "فاديسا"، و ذلك نتيجة الخروقات و الغش في الصفقات و حماية شركات التي فوض لها تدبير هذا المجال لتي لم تنجز مشروع التطهير السائل في الوقت المحدد وفوضت بدورها هذا المشروع إلى شركة إسبانية أخرى ثم إلى شركة مغربية ضد القانون، و بعلم من المكتب الوطني للماء الصالح للشرب و المكتب المسير للمجلس البلدي و السلطة بالسعيدية ، وقامت هذه الشركة بقطع الأسلاك الكهربائية في العديد من الأحياء، و أوقفت الأشغال في أوقات الذروة "فصل الصيف" لكي تترك سكان السعيدية في مستنقع كبير من المياه الأسنة وتعرضهم لجميع الأمراض المتنقلة بمباركة من المجلس البلدي و غض الطرف من طرف السلطة . وبالرغم من إحتجاج مجموعة من السكان وطرح السؤال نفسه عن السند القانوني لاستغلال مخيمي "شمس " و" الأمازون"، واستغلال شركة" COPISA" جانبا من المخيم الأمازون بالأليات و الجرافات و غيرها و الإجهاز على أشجار هذا المخيم، بيئة مهملة ومهمشة في مقابل " الكرم الحاتمي " الذي تحظى به الشركات و المطاعم من طرف المجلس البلدي و السلطة حيث تم حرمان شباب مدينة السعيدية من صفقة مواقف السيارات و ذلك بتعطيل ملفهم من طرف النافذين في المجلس لكي يسند الرئيس هذه الصفقة بطريقة الامتياز في ظروف غامضة لأحد المستغلين .
وتستمر معاناة السكان من الفيضانات حيث تشهد مدينة السعيدية كلما تهاطلت أمطار ،ولو بمقاييس متوسطة، حالة من الفيضان يتسبب في أضرار بليغة وأصبحت المنازل محاصرة بشوارع مملوءة بالمياه وكثرة المستنقعات والبرك" بحي الوحدة وحي أولاد سيدي عبد المومن "وأولاد حمان" وتجزئة "الدراق. و كما جاء على لسان أحد الفاعلين الجمعويين بالسعيدية بنبرة حادة وقال :"تلكؤ الجهات المعنية في تحمل المسؤولية وإيجاد الحلول الملائمة لهذه المعضلة والاقتصارعلى الترقيعات ، رغم كثرة احتجاجات المواطنين"، أما السوق الجديد فهو يشهد عدة اختلالات منها انتشار الفوضى و انعدام النظافة و غياب المراقبة حماية للمستهلك و غياب الأمن و انتشار الدعارة في بعض المحلات في حين يمتلك الوضع البيئي تدهورا منذ سنوات، ومن نتائج ذلك ظهور بقع سوداء على الشاطئ في المحطة السياحية هذه الأيام ونفوق كميات كبيرة من الأسماك بوادي ملوية مما يهدد صحة وسلامة الإنسان والحيوان والنبات في المنطقة.
وتهدد الدراجات البحرية " jetsky " حياة المصطافينن خصوصاً السباحين منهم، كما استغلال الملك البحري من طرف أصحاب هذه الدراجات، ومن دون مراعاة سلامة المصطافين بحيث تنعدم الممرات و المجالات الخاصة لإبحار هذه الدراجات بعيدا عن أماكن السباحة ، مما تسبب في مجموعة حوادث. كما أن خروقات مجموعة من المقاهي و المطاعم في الشوارع الرئيسية المعروفة بعلاقة بأصحاب القرار حيث استحوذت على الأرصفة بشكل كلي مما يضطر الراجلين إلى المشي وسط الطريق المزدحمة بالسيارات. أما الضريبة على المشروبات الغازية فلا تصل إلى 3000 درهم في السنة فإن مداخيل بعض المقاهي أو المطاعم خاصة الشاطئية منها قد يتجاوز 7 ملايين سنتيم في اليوم الواحد فتلك قصة اخرى.
ويساهم عدم توفر الحكمة الجيدة في بروز مؤشرات سلبية و تراجع في مستوى التنمية الاجتماعية حيث لا زالت تراخيص البناء تسلم من أجل بناء الطابق الأول في حين يبنى فيها أكثر من طابقين، حيث تشهد المنطقة استغلالا كبيرًا للملك العمومي في غياب عملية ضبط البناء و تقنينه بالشكل المطابق للتصميم الحضري في مقابل التوسع العمراني سيؤدي لا محالة إلى أزمة اجتماعية مستقبلية، و الدليل في ذلك هو أن مجموعة من موارد المدينة المالية تتعرض للضياع و النهب.
وتحتاج المدينة الى متطلبات كثيرة كتوفير الماء الصالح للشرب و الكهرباء للسكان بالإضافة الى توسيع شبكة ألواد الحار و معالجة المياه العادمة التي يتمّ صرفها في مستنقع يهدّد حياة السكان بالروائح الكريهة و الناموس في غياب وسائل المعالجة. وتعتبر السلطات الإدارية المحلية و المركزية مسؤولة عما تشهده هذه المدينة من خروقات في مجال التعمير و الترامي على الملك العمومي الذي أصبح عرضة للسطو و الاحتكار بشتى الوسائل و الطرق.
وينتظر سكان السعيدية أمام هذا الوضع الكارثي أن تقوم الجهات المسؤولة للتحرّك بواجبها من أجل التخفيف من معاناتهم والقضاء على الفساد المستشري، والمحافظة على القيم والسياحة النظيفة ، بالإضافة الى الضرب بيد من حديد العابثين والمارقين على القانون والسالبين لحق السكان في الثروة الوطنية وحق العيش الرغيد في بيئة سلمية و نظيفة و تنمية سياحية مؤهلة تخلق الإستثمار والثروة وترتقي بالوضع الإجتماعي للسكان.