تنظيم "داعش"

يُواصل تنظيم "داعش" استعراض حجم عملياته التخريبية في العراق، متباهيا بين الحين والآخر بالكشف عن تعداد العمليات التي ينفذها في ذلك البلد، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة عن أسباب استمرارية التنظيم المتطرف.

وأظهرت إحصاءات لمرصد الأزهر للفتاوى في مصر، أن هجمات "داعش" في العراق بلغت الضعف مقارنة بغيرها من الدول، في حين أشارت بيانات صادرة عن الذراع الإعلامي للتنظيم إلى أنه نفذ 73 هجوما في العراق خلال أسبوع، في حين جاءت سورية بفارق كبير في عدد الهجمات عند 43 هجوما.

يأتي تصاعد عمليات التنظيم في العراق مخالفا للمنطق وفق محللين، فهناك عدة دول أخرى كانت مرشحة لتكون الملاذ للتنظيم بعد القضاء عليه في العراق وتراجع نفوذه في سورية، بسبب عدم استقرار تلك الدول مثل المناطق النائية في أفغانستان وباكستان والصومال.

ويعزو خبراء تصاعد هجمات التنظيم لأسباب عدة، منها هيمنة الميليشيات الطائفية على المشهد الأمني في العراق، وضعف عمليات إعادة إعمار المناطق التي كانت تحت سيطرة "داعش" سابقا.

وحسب مستشار المركز العراقي للدراسات السياسية، مؤيد الونداوي، فإن هناك أسبابا كثيرة لمواصلة "داعش" عملياته في العراق، أبرزها حجم المنطقة الجغرافية الكبيرة التي ينشط فيها من بغداد وصولا إلى سورية، الأمر الذي مكّنه من الظهور عبر "خلايا نائمة"، عملت على تدمير البنى التحتية وترويع المواطنين.

ولفت الونداوي في حديث له، إلى أن الحكومة العراقية لم تنجح في إدارة مرحلة ما بعد "داعش"، فضلا عن عجزها عن تطبيق برامج خاصة بالمجتمعات التي عاشت تحت حكم التنظيم المتطرف لسنوات، بالإضافة إلى فشل السياسات الاقتصادية في استقطاب هؤلاء وتأمين حياة كريمة لهم.

سطوة الميليشيات الطائفية
يؤكد المتابعون للشأن العراقي والخبراء أن الحكومة العراقية لم تنجح في إدارة مرحلة ما بعد "داعش"، فسطوة الميليشيات الطائفية على المشهد تمثل أحد أهم أسباب عودة التنظيم، كما أن غياب قوات أمنية وجيش قوي تدعمه أجهزة استخبارية نظامية وكفوءة يمثل أرضا خصبة للتنظيم المتشدد.

وتعليقا على مسؤولية المنظومة الأمنية العراقية في القضاء على "داعش" بيّن الونداوي أن ملف مناطق التنظيم سلّم لأشخاص غير محترفين، منهم قادة من ميليشيات الحشد الشعبي والميليشيات الطائفية الأخرى، والتي استفادت من ذلك في أغراض سياسية وتنفيذ عمليات انتقام، هذا إلى جانب استغلال الأمر لتحقيق استفادة مالية، والعمل بهذا الملف بما يتوافق وأجندة إيران التوسعية الخاصة بالمنطقة.

وحول الإجراءات التي تستدعيها عملية القضاء نهائيا على "داعش"، أشار الونداوي إلى ضرورة عمل الحكومة العراقية على تنفيذ سياسات اقتصادية ترمي لتأهيل المجتمعات التي كانت تحت قبضة التنظيم، وتفعيل مشاريع إعادة الإعمار في المناطق التي دمرها.

"داعش" يعود بقوة
وحذر تقرير أميركي صدر في يونيو الماضي من عودة أكثر خطورة لتنظيم داعش الإرهابي، مؤكدا أنه "يحضر لاستعادة أراض في سوريا والعراق، وبشكل أسرع".

وأوضح التقرير الذي أعده مركز دراسات الحرب بواشنطن، أن "داعش" لا يزال يحتفظ بشبكة مالية عالمية تمول عودته، وتمكنه من إعادة هيكلة عملياته للعودة.

وأضاف أن زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، كان "يعمل بشكل ممنهج على إعادة تشكيل التنظيم، للتحضير لموجة جديدة من العنف في المنطقة".

وتمكن التنظيم  من المحافظة على عدد كاف من الأسلحة والتجهيزات في شبكة من الأنفاق ومناطق دعم أخرى، بهدف تجهيز قوات جديدة، كذلك فرض "داعش"، وفق التقرير، ضرائب على السكان، مما أدى إلى نزوح عدد كبير منهم، وبذلك سيطر على جيب صغيرة من الأراضي في العراق بحكم الواقع.

وأكد التقرير أن التباطؤ في مكافحة "داعش"، منحه فرصة للتخطيط للمرحلة الثانية من الحرب، مؤكدا أن هذا التباطؤ قد يساعد على تمدد التنظيم في كل من سوريا والعراق مرة أخرى.

وحذر التقرير من أن "داعش" أعاد تشكيل قدراته الأساسية نهاية العام الماضي، مما قد يمكنه من شن هجمات أكبر في الأشهر المقبلة