الرئيس عبد المجيد تبون

أرجأت الرئاسة الجزائرية «إثراء مسودة تعديل الدستور» إلى آجال غير معروفة بسبب حالة الاستنفار التي تشهدها البلاد جراء انتشار فيروس «كورونا»، وفي غضون ذلك، استعاد، أمس، 6 نشطاء بالحراك حريتهم، بموجب حكم بالبراءة أصدرته أمس محكمة الاستئناف بالعاصمة. وقالت مصادر قريبة من الحكومة، "إن كل المشروعات والورشات ذات الطابع السياسي، التي أعلن عنها الرئيس عبد المجيد تبون، تم وقف الاشتغال عليها، وأهمها مراجعة الدستور، وتعديل قانون الانتخابات، وتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة وحل البرلمان، قبل نهاية العام الحالي"، وأكدت المصادر نفسها أن السبب هو اهتمام الدولة المركز بتعبئة الإمكانات البشرية والمادية لمواجهة الوباء، الذي أثار استنفاراً لم تعرفه البلاد منذ فترة مواجهة الإرهاب قبل نحو 30 سنة.

وأعلن محمد لعقاب، أحد مساعدي الرئيس تبون، في وقت سابق أن «لجنة خبراء تعديل الدستور»، برئاسة فقيه القانون الدستوري أحمد لعرابة، انتهت من صياغة مسودة التعديلات، موضحاً أنها سترفعها إلى الرئيس أواسط الشهر الحالي في أقصى تقدير. كما صرح بأن الرئاسة ستنشر المسودة بموقع إلكتروني خاص لإتاحة الفرصة لمناقشتها، وإثرائها، لكل الجزائريين. لكنه أعلن بعد ذلك عن تراجع السلطة عن قرار عرض الوثيقة على البرلمان لمناقشتها في جلسة مفتوحة، بعد أن انتقدت الصحافة وقطاعات من المجتمع هذه الخطوة، بحجة أن البرلمان بغرفتيه «هو وليد التزوير، وبالتالي لا يمكن الأخذ برأي نوابه في قضية هامة كالدستور».

واللافت أن الاقتراحات التي أعدتها «لجنة خبراء تعديل الدستور»، وضعت بشكل حصري بين أيدي أساتذة الجامعات. فقد كلفت الرئاسة لعقاب، وهو في الأصل أستاذ في كلية الإعلام، بتنظيم ندوات حول المقترحات، وجمع آراء الأساتذة من كليات ومعاهد العلوم الاجتماعية. فيما لا يعرف سبب «إقصاء» بقية الفئات المهنية من المسعى، كالمحامين والقضاة والأطباء والنقابيين.

وقالت الرئاسة عند إطلاق «لجنة الخبراء» في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن أعضاءها الـ15 «سيتولون تحليل وتقييم كل جوانب تنظيم وسير مؤسسات الدولة، على أن تقدم إلى رئيس الجمهورية مقترحات وتوصيات بغرض تدعيم النظام الديمقراطي، القائم على التعددية السياسية والتداول على السلطة، وصون بلادنا من كل أشكال الانفراد بالسلطة، وضمان الفصل الفعلي بين السلطات وتوازن أفضل بينها، وهذا بإضفاء مزيد من الانسجام على سير السلطة التنفيذية وإعادة الاعتبار للبرلمان، خاصة في وظيفته الرقابية لنشاط الحكومة. كما ستتولى اللجنة اقتراح أي إجراء من شأنه تحسين الضمانات، التي تكفل استقلال القضاة، وتعزيز حقوق المواطنين وضمان ممارستهم لها، وتدعيم أخلقة الحياة العامة، وكذا إعادة الاعتبار للمؤسسات الرقابية والاستشارية». وأعطيت لـ«اللجنة» مدة شهرين لإعداد المقترحات.

إلى ذلك، أعلن محامون يدافعون عن معتقلي الحراك الشعبي أن محكمة الاستئناف بالعاصمة حكمت، أمس، ببراءة 6 أشخاص، يعرفون بـ«حاملي راية الأمازيغ» خلال المظاهرات المعارضة للنظام. وكانت المحكمة الابتدائية قد أدانتهم بستة أشهر حبساً نافذاً، بعد فترة قضوها في الحبس الاحتياطي. وقد اعتقلوا برفقة العشرات من المتظاهرين الصيف الماضي في احتجاجات بالعاصمة، على أثر أوامر من قائد الجيش المتوفى نهاية العام الماضي، الفريق أحمد قايد صالح، الذي كان شديد الحساسية تجاه المحتجين الذين يظهرون خصوصياتهم الثقافية الأمازيغية، والذين يتحدرون من منطقة القبائل بشرق البلاد. وقد خلفت الاعتقالات سخطاً كبيراً لدى سكان هذه المنطقة، وكانت من أسباب مقاطعتهم الكاملة انتخابات الرئاسة في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتم أول من أمس إيداع ناشط بالحراك الحبس الاحتياطي في بسكرة (400 كيلومتر جنوب العاصمة)، بسبب منشورات بشبكة التواصل الاجتماعي، عدّت من طرف النيابة وقوات الأمن التي اعتقلته، مسيئة لرئيس الجمهورية وللمؤسسة العسكرية. واتهم بـ«إضعاف معنويات الجيش»، و«إهانة هيئة نظامية»، و«المسّ بالوحدة الوطنية».

قد يهمك أيضا :

الرئيس الجزائري يوضّح أن الحراك الشعبي في البلاد "ظاهرة صحية"

الرئيس الجزائري يُطالب الحكومة بترشيد الإنفاق