كتائب القسام

يشهد قطاع غزة في الأسابيع الأخيرة توترًا كبيرًا بين حركة "حماس" من جهة والجماعات السلفية من جهة أخرى بعد سلسلة من عمليات إطلاق الصواريخ التي تبنتها مجموعات تابعة للأخيرة، تزامنت مع تفجيرات استهدفت سيارات تابعة للحركة التي تبسط سيطرتها على غزة.

وبالرغم من القوة الأمنية التي تتمتع بها حركة "حماس"، إلا أن استهداف سيارات مسؤولين كبار من الحكومة وكتائب "القسام"، أثار الكثير من التساؤلات في أوساط الشارع الغزي حول قدرة منفذيها على الوصول إلى مثل هذه الشخصيات، وتنفيذ عمليات تفجير منسقة في آن واحد، واستمرار إطلاق الصواريخ على الرغم من إحاطة أمن "حماس" بالمناطق الحدودية، بل وتطور عمل تلك المجموعات بإطلاق صواريخ متوسطة المدى.

ومنذ التاسع عشر من تموز/ يوليو الجاري الذي شهد تفجير 6 سيارات لـ"القسام" و"الجهاد"، تشن "حماس" وأجهزتها المختلفة بما فيها جهاز "استخبارات القسام" حملة أمنية واسعة ضد السلفيين في مختلف مناطق قطاع غزة، علمًا أنَّ بعض الاعتقالات امتدت لسلفيين دعويين من بينهم ماجد العواودة وعبد الله مقاط.

ونفى التيار السلفي في أكثر من بيان له أي علاقة له بالتفجيرات، وهو ما لم تؤكده أيضا حتى الآن تحقيقات "حماس"، حيث لجأت الأخيرة إلى نشر صورة تجمع 7 أشخاص من السلفيين يعتقد بأنهم يقفون خلف التفجيرات.

وتقول مصادر من السلفية، إنَّ بعض كوادرها ملاحقون قبيل التفجيرات في إطار حملات الاعتقال المتواصلة منذ عدة أشهر، كما تنفي عائلات بعض الشبان أي علاقة لأبنائها بما حدث، موضحة أن ملاحقتهم تتم لأسباب وخلافات مع ضباط في جهاز الأمن الداخلي لـ"حماس" والذين يريدون أن يلصقوا التفجيرات بأبنائهم.

وكشفت مصادر خاصة، أنَّ 11 شخصًا من بينهم غالبية ممن نشرت صورهم قد تمكنوا في غضون الأيام الثلاثة الأخيرة من الفرار من قطاع غزة تجاه مصر عبر الأنفاق، مضيفة أن أجهزة أمن "حماس" علمت بفرارهم فجر أمس الاثنين، واعتقلت 8 أشخاص من العاملين في الأنفاق التي ما زالت تعمل على حدود رفح للتحقيق معهم.

ويمثل فرار الملاحقين ضربة قوية لأمن "حماس" الذي يسيطر على الحدود مع مصر، بخاصةً أن الفارين يعتقد أنهم مسؤولون عن تفجير سيارات لقيادات كبيرة في المقاومة، ومنذ تلك التفجيرات صدرت أوامر لقيادات المقاومة ومن يمتلكون سيارات بوضعها في "كراجات" مغلقة تحت حماية أمنية، ومنع وضعها أمام المنازل تحسبا لأي طارئ.

وفي الوقت الذي تزداد فيه الاعتقالات بوتيرة عالية كما يشير السلفيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي وينشرون أسماء للمعتقلين، لجأ ناشطون منهم لنشر بيانات مزودة بصور وأسماء رباعية وأرقام هوية وتعريف بمحققي "حماس" الذين يقودون حملات الاعتقال والتعذيب في السجون، وفقا لما نشر.

واتهمت "حماس" مرارا وتكرارا عناصر سلفية بالوقوف خلف بعض التفجيرات سابقا، قبل أن تعقد مؤتمرات صحافية تبث خلالها مقاطع مصورة لما قالت أنها اعترافات لعناصر من "فتح" بالوقوف خلف تلك التفجيرات بأوامر من قيادات أمنية وسياسية في الضفة، وهو ما نفته الأخيرة واتهمت الحركة التي تسيطر على غزة بنشر أكاذيب واعترافات تم انتزاعها تحت التعذيب ممن ظهروا في تلك المقاطع.

ويرى مراقبون أن حملة "حماس" ضد السلفيين لن تتوقف وأنها ستستمر حتى يتم إيجاد حلول جذرية لم يعرف طريقها بعد، بخاصةً بعد فشل كل المحاولات من بعض الجهات لإبرام اتفاق يفضي للتهدئة بين الجانبين كما جرى منذ عامين.