الرئيس بوتين يتحدث مع العاهل السعودي

تسابقت وكالات الأنباء العالمية وكبريات الصحف العالمية على تحليل أسباب ونتائج الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد الثلاثاء الماضي الى موسكو وهي الأولى له منذ خمس سنوات حين اندلعت الأحداث في سورية .

وفي رواية لصحيفة "كومرسانت" الروسية وترجمها موقع "انتربريتر" أنه بعد ظهر الاثنين، أبلغ الصحافيون في الكرملين أن لدى بوتين اجتماع عمل الثلاثاء، من دون اعطاء اسماء الضيوف. ولكن أحدا لم يفكر في الامر مرتين، فهذا اجراء عادي. وقد يكون الضيفان حاكم اقليم أو على الارجح حاكمين ، أو رئيسي شركتين.

ولكن كان مستغرباً أنه بعد بضع ساعات، قدمت اليهم على نحو مفاجئ بعض التوضيحات، بما فيها أن الاجتماعين سيعقدان خلف أبواب مغلقة.فلم العجلة؟.كانت الساعة 9,20 دقيقة صباحا عندما دعي الصحافيون على عجلة الى مؤتمر عبر الفيديو مع الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، فشعر الجميع أن شيئا ما غريبا يحصل.

ونسبت الصحيفة الى مصادر أن الاسد طلب أن يعقد الاجتماع في سرية تامة.وقالت ان الاجتماع دام أكثر من ثلاث ساعات.
وجاء في حساب الرئاسة السورية على "تويتر" أن الرئيسين عقدا ثلاث جولات من المحادثات، احداها ثنائية والاثنتين الاخريين في حضور وزيري الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو.

ووزعت لاحقاً صور للاسد يتناول طعام العشاء الى مائدة بوتين مع شويغو ولافروف كذلك رئيس مجلس الامن الروسي نيكولاي باتروشيف ومدير جهاز الاستخبارات الروسية في الخارج ميخائيل فرادكوف.

وصرح السفير السوري في موسكو رياض حداد أن الاسد سافر في طائرة سورية وعاد سالماً الى سوريا بعد الاجتماع.الا أن البيانات المتاحة للرحلة تفترض أن الروس وفروا له وسيلة النقل.
وتظهر هذه البيانات بحسب وكالة "رويترز" أن طائرة شحن عسكرية روسية من طراز "اي ل 76 أم دي" طارت من سوريا الى قاعدة تشكالوفسكي العسكرية في موسكو الثلاثاء، وأن طائرة "اي ل 62" من الاسطول الرئاسي الروسي غادرت الى اللاذقية في المساء نفسه.

هذا في الشكل، أما في مضمون المحادثات، فقد جاء في البيان الرسمي أن بوتين ونظيره السوري أكدا ان العمليات العسكرية يجب ان تتبعها خطوات سياسية تساهم في انهاء النزاع المتواصل في سوريا منذ نحو خمس سنوات.
وبعيداً من المواقف الرسمية التي شرحت هدف الزيارة وأبعادها، تكاثرت التحليلات والتكهنات الروسية حول الاسباب التي  دفعت  بوتين الى استدعاء الاسد الى موسكو.

مدير معهد "كارنيغي موسكو" دميتري ترينين كتب على "تويتر " أنه باستدعائه الاسد الى موسكو، يسعى بوتين الى تحويل مكاسب عسكرية أولية الى رصيد سياسي، باطلاقه العملية السياسية بشروطه.
الخبير الروسي في شؤون الشرق جورجي ميرسكي قال إن "الزيارة توجه رسالة الى الزعماء الغربيين أن بوتين لن يدير ظهره للأسد.بوتين أظهر أن ليست لديه أدنى نية لذلك".

ومن جهته، حدد الخبير في معهد الشرق الاوسط في موسكو نيكولاي كوزانوف ل"النهار"  اللبنانية  هدفين للزيارة، الاول هو الحاجة الى تبادل الاراء في شأن ما يحصل على الارض في سوريا والمنطقة، والثاني "وهو الاهم للروس" الذي يريدون معرفة مدى استعداد الاسد للتعاون معهم في ما يتعلق بمستقبل سوريا، موضحاً أن "الروس لا يستطيعون المضي في التحضير لمفاوضات مع الغرب في شأن مستقبل سوريا بلا أفق واضح".

كلام الزميل غير المقيم في برنامج الخارجية والامن في "كارنيغي موسكو" لا يعني أن البحث تركز على مصير الاسد تحديدا ،"فالناطق باسم الكرملين نفى أن تكون المحادثات تطرقت الى هذا الموضوع، ولكن الرئيسين بحثا بالتأكيد مستقبل سوريا، وبالتأكيد يجب أن تكون مسألة تغيير النظام صارت على أجندة الروس".
وليست الزيارة الخارجية الاولى للأسد بلا دلالات رمزية لكل من دمشق وموسكو .

 "فالاسد صار أكثر ثقة بموقعه مما كان عليه قبل شهرين".أما روسيا "فيمكنها التباهي بأنها حققت بعض النجاح على الارض لجهة تحصين موقع النظام، الا أن هذا لا يعني أن الحملة ستشكل نجاحاً في المستقبل" وليست حركة الاتصالات المكثفة التي أجراها بوتين الخميس ، بما فيها مع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز والرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والتركي رجب الطيب أردوغان والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، بعيدة من أجواء الزيارة.فقد أوضح الكرملين أن الرئيس الروسي أطلعهم على نتائج محادثاته مع الرئيس السوري.

كذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن لافروف ونظيره الاميركي جون كيري سيلتقيان نظيريهما السعودي عادل الجبير والتركي فريدون سنيرلي اوغلو في فيينا الجمعة للبحث الوضع في سوريا.
كوزانوف لا يرى أن محادثات الاسد-بوتين بعيدة من اللقاء المرتقب الجمعة "وإنما اعتقد أن ما حصل الثلاثاء هو جزء من الاستعدادات" للقاء فيينا، "لضمان أن الاسد سيتصرف بموجب التسوية السياسية التي يعد لها الروس قبل مناقشتها في الاجتماع الوزاري".

على الصعيد الميداني قال مسؤولون إن بلدة تل ابيض شمال سورية قرب حدود تركيا التي استولى عليها المقاتلون الأكراد من قبضة «داعش» في حزيران (يونيو) الماضي انضمت الآن إلى الإدارات الذاتية الكردية.
وكانت مصادر الرئاسة التركية قالت إن أردوغان أبلغ بوتين القلق من أن الهجمات على حلب شمال سورية قد تثير موجة جديدة من اللاجئين، لافتاً إلى الصلات بين «وحدات حماية الشعب» الكردي و «حزب العمال الكردستاني».

ميدانياً، قتل 13 شخصاً على الأقل بينهم كوادر طبية جراء ضربات روسية استهدفت مستشفى ميدانياً في محافظة إدلب في شمال غرب سورية، وفق «المرصدالسوري لحقوق الإنسان». وأضاف: «قتل 13 شخصاً الثلثاء جراء ضربات جوية روسية استهدفت مشفى ميدانياً في بلدة سرمين» في إدلب، مضيفاً أن بين القتلى «معالجاً فيزيائياً وحارساً وعنصراً من الدفاع المدني».