حشرة طائرة

حذّر العلماء في تقرير نشرته "الديلي ميل" البريطانية، مِن حدوث "هرمجدون إيكولوجي" بعد اكتشاف انخفاض عدد الحشرات الطائرة بنسبة ثلاثة أرباع على مدى السنوات الـ27 الماضية.

ووثّق الباحثون في ألمانيا انخفاضا حادا في عشرات الحشرات في المحميات الطبيعية، وأثارت النتائج التي توصّلوا إليها مخاوف من أن المنظومة الغذائية سوف تنهار لأن الحشرات هي الملقحات الأساسية للنباتات، كما أنها تعدّ وجبات للطيور والمخلوقات الصغيرة الأخرى.

ويعتقد بأن الانخفاض قد يكون بسبب المبيدات الزراعية المستخدمة لوقف تناول الحشرات للمحاصيل، ويأتي ذلك بعد أن أبلغ السائقون في جميع أنحاء المملكة المتحدة عن وجود عدد أقل من الذباب والمذابح والدبابير والعث أكثر من المعتاد على سياراتهم، ورصد هذا الاتجاه أيضا في أماكن أخرى.

وقال سكوت بلاك، المدير التنفيذي لجمعية كيرسيس التي تتخذ من بورتلاند مقرا لها، وهي منظمة بيئية غير ربحية، لصحيفة واشنطن بوست: "بالنسبة إلى أولئك الذين ينتظرون تقارير، أعتقد بأننا جميعا نشعر بالانزعاج وكلنا نشهد عددا أقل من الحشرات". بالنسبة إلى الدراسة التي نشرت في موقع بلس وان، استخدم الباحثون مصائد لزجة لجمع الحشرات في 63 محمية طبيعية، لقياس الكتلة الحيوية، وتوثيق التغيرات مع مرور الوقت.

وعلى مدى السنوات الـ27 الماضية، وجدوا انخفاضا متوسطا بنسبة 76 في المئة، مع ظهور الآثار الأسوأ في الصيف (82 في المئة).

وقال الباحث الرئيسي هانز دي كرون من جامعة رادبود، إن "تناقص الحشرات الطائرة بمعدل مرتفع في مثل هذه المساحة الكبيرة هو اكتشاف مثير للقلق للغاية".

وقال البروفيسور ديف غولسون من جامعة ساسكس للجارديان: "تشكل الحشرات نحو ثلثي الحياة على الأرض ولكن كان هناك نوع من التدهور المروع"، وأضاف "يبدو أننا نجعل مساحات شاسعة من الأرض غير قابلة للضيافة لمعظم أشكال الحياة، وهي حاليا في طريقها لعمل هرمجدون البيئي".

وأضاف إذا فقدنا الحشرات سوف ينهار كل شيء، فنحو 80 في المئة من مجموع الحياة النباتية في العالم هي من الأصناف المزهرة، حيث إن الحشرات من الملقحات المهمة، ودونها ستختفي هذه النباتات، مما يجعلها ستكون مدمرة لبقية العالم، حيث تعتمد الحيوانات والبشر على هذه النباتات من أجل الغذاء.

وأضاف العلماء أن من بين 50 و90 في المئة من النظام الغذائي البشري يأتي مباشرة من النباتات المزهرة، كما أنهم يدفنون الروث الحيواني وفرائسهم على الآفات، لأنها بمثابة أجهزة التحلل الرئيسية من المواد العضوية، من دون الحشرات سيكون العالم كاملا من الجثث، وبينما لم توضح الدراسة سبب الانخفاض، قال الباحثون إن العديد من المحميات الطبيعية محاطة بحقول زراعية، وإن المبيدات يمكن أن تكون مسؤولة.

وقال دي كرون: "نظرا لأن النظم الإيكولوجية بأكملها تعتمد على الحشرات للأغذية والملقحات، فإنها تضع انخفاضا في الطيور والحشرات الثديية في الحشرات في سياق جديد.. نحن بحاجة إلى القيام بأقل من الأشياء التي نعرفها لها تأثير سلبي، مثل استخدام المبيدات.. علينا أيضا أن نعمل بجد في توسيع محمياتنا الطبيعية وخفض نسبة الاحتياطيات التي تقيد المناطق الزراعية".

هذه ليست أول دراسة تشير إلى أن مستويات الحشرات انخفضت بشكل حاد في السنوات الأخيرة، ففي عام 2013، عادت جمعية كريفيلد للحشرات -وهي مجموعة ألمانية للهواة من علماء الحشرات الذين رصدوا أكثر من 100 محمية طبيعية في أوروبا الغربية منذ الثمانينيات- إلى أحد مواقع محاصرتها منذ عام 1989، ووجدت أن عدد الحشرات انخفض بنسبة 80 في المائة تقريبا.

وأكد تحليل عينات أخرى هذه الظاهرة، ووفقا لديف غولسون، عالم البيئة في جامعة ساسكس الذي يعمل مع جمعية كريفيلد للحشرات، فإن الأنواع الأخرى معرضة للخطر أيضا، وألقى الخبراء باللوم على ما يسمى بـ"ظاهرة الزجاج الأمامي" على الاستخدام المتزايد لمبيدات الآفات على مدى الخمسين عاما الماضية. وأنها ليست مجرد نوع من الحشرات تجد على الزجاج الأمامي الذي يتأثر.

ومنذ عام 2006، انخفضت مستعمرات النحل بنحو الثلث بسبب المواد الكيميائية، فضلا عن فقدان الأراضي العشبية الغنية بالزهرة، وأيد ذلك مات شادلو، الرئيس التنفيذي لشركة بوغليف الخيرية للحشرات، الذي قال للصحيفة: "نعم، بل هذه ظاهرة معترف بها جيدا".​