أهالي خربة "الساكوت"

تخبئ الحقول الخضراء في أراضي الساكوت بالأغوار الشمالية من تحتها ألغاما خلفها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال تدريباته العسكرية المتواصلة، ليجعل من كل خطوة يخطوها المتنزهون والمزارعون كما المواشي محفوفة بالخطر الشديد، وخصصت وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، الثلاثاء، الحلقة السادسة والثمانين من سلسلة "أصوات من طوباس" لتسليط الضوء على هذه المنطقة التي تضم أجمل أراضي بوابة فلسطين الشرقية على امتداد نهر الأردن.


ونفذت الوزارة، مسارًا بيئيًا إلى تلك المنطقة، بالشراكة مع مجلس اتحاد الطلبة في جامعة القدس المفتوحة، واستهدفت المشاركين في دورة الإعلام الجديد، والتي انطلقت في شباط/ فبراير الماضي، وتتواصل حتى منتصف آذار/ مارس.


أرض ملونة
وقالت أحلام صوافطة، إن هذه المنطقة التي دمرها جيش الاحتلال عام 1967، وحرم أصحابها من عين الماء والأراضي الخصبة فيها، غنية بالغطاء النباتي من الأقحوان الأصفر، والجرجير، والعكوب، وشقائق النعمان، وعشرات النباتات البرية، وأضافت "سبق أن زرت الساكوت، حين كنت في فريق صحافيات صغيرات، وصورنا فيلمًا وثائقيًا عن الساكوت وعطشها، واليوم ندعو من لم يزرها ليفعل ذلك، وخاصة خلال الربيع".


وسردت عرين دراغمة "الساكوت والأغوار عموما خلابة، ويكفي أن تشاهد أزهارها لتشعر بجمال الربيع، ولولا أنها تفقد حريتها لكانت منطقة جذب للسائحين من كل مكان، وتمنحنا جبالها العكوب واللوف وخيرات كثيرة"، قائلة إن الساكوت والقرى والتجمعات الغورية، تنتظر الدعم، فهي مهددة، والحياة في الصيف شديدة القسوة.


وباحت سجى ناجي "علينا الحفاظ على نباتات الأغوار، والابتعاد عن القطف الجائر للعكوب، حتى نتيح له فرصة النمو مرة ثانية، ورغم هذا الجمال، إلا أن هناك خطر الخنازير البرية، وتنتشر الأفاعي في الصيف، ويعيش الأهالي وسط مناطق تدريب وألغام".


مياه وقذائف

وروت جاهدة براهمة "إن الأغوار والساكوت شاهدة على المعاناة والصمود، فأهلها حرموا طويلًا من أرضهم، وعلينا أن نفكر في طرق دعم نفسي للأطفال الذي يجبرون على ترك بيوتهم، ويحرمون من المياه، ويعيشون على أصوات القذائف"، وقالت أروى محمد "الترويج للساكوت وجمالها في المحافظات الأخرى فكرة جيدة، وتدفع المواطنين إلى طرق بابها، وهي محظوظة بالتنوع الحيوي".

وبيّن عضو المكتب الحركي في "القدس المفتوحة"، محمد صدقي، المولود عام 1962 في قرية أم عشيش القريبة، عدد مواطني الساكوت التي أقامت فيها عائلته، وصل إلى 1688 قبل النكسة، واعتمدوا على زراعة القمح، والبطيخ، والشمام. وتابع "لم يعد المزارعون إلى أرضهم إلا عام 2016، حين انتزعت محافظ طوباس والأغوار الشمالية قرارًا باسترداد عشرات الدونمات، وبدأ المتنزهون بالوصول إليها، بعد أن كانت حكرًا للمستوطنين".


أزهار وألغام
وقالت زهافا صوافطة "إن هذه المنطقة مليئة بالألغام، وهي مليئة بالمشاهد الجميلة، وتنتظر منا الاهتمام"، فيما أشارت نسرين دراغمة التي تقيم في عين البيضاء، إلى أن قريتها آخر نقطة قريبة من الحدود الفلسطينية–الأردنية، وصادر الاحتلال نحو خمسة آلاف دونم منها، فيما تعرضت عام 1967 لعملية هدم طالت المدرسة والعيادة الصحية ومركز الشرطة، ويسكنها اليوم 1850 مواطنًا.


ورأت ريم الفارس، ودعاء غنام، وساندرا دراغمة، أن الأغوار تعيش حياة صعبة، فلا كهرباء أو ماء منتظمة في التجمعات البدوية، وفي مناسبات عديدة تتحول غالبية المناطق إلى أماكن للرماية بالذخيرة الحية، ولا يعود ممكنا التمتع بالأزهار والطبيعة، وقال قيس بني عودة، إن التواصل مع أهالي الأغوار مهم، ويقدم لهم رسالة دعم، فهم ليسوا وحدهم، فيما أكد عبيدة بني مطر، أن نقل واقع المواطنين عبر وسائل التواصل يسهم في دعم صمودهم، ويحث على زيارتهم.


محنة وصور
وحاور المتدربون، الشاب محمد بني عودة، والذي يعمل في رعي الماشية، ويقيم في منطقة الجوبة قرب عين البيضاء، ولخص محنة المزارعين، حيث قال، الكثير من المناطق ممنوع دخولها، أو تتحول إلى معسكرات، مثلما ترتفع أسعار الأعلاف، وتنخفض أثمان الألبان واللحوم، ويعد توفير المياه معجزة في بعض أوقات الصيف،  ولخص بني عودة، محنة المزارعين، حيث قال، الكثير من المناطق ممنوع دخولها، أو تتحول إلى معسكرات، ويحتاجون للبحث عن طرق التفافية للوصول إلى بيوتهم، وهي "مغامرة يومية" قد تكلف صاحبها روحه.

وأوضح منسق وزارة الإعلام في طوباس والأغوار، عبدالباسط خلف، والذي يتولى التدريب، أن المسار هدف إلى تعزيز مهارات المشاركين على وصف بيئتهم، والتعرف إلى معاناة المواطنين والمزارعين، وخاصة أن العديد منهم لم يصلوا إلى المنطقة في السابق.