قوات الاحتلال الإسرائيلي

شدّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، قيودها التي تفرضها على حركة المواطنين الفلسطينيين من سكان البلدة القديمة في الخليل المحتلة، وفصلت الإجراءات المشددة التي اتخذها الاحتلال الأحياء الفلسطينية واحد عن آخر، إضافة إلى تخويف الفلسطينيين من خارج البلدة القديمة وردعهم من محاولة الوصول إلى البلدة القديمة والتجول في أحيائها.

وبيّنت الصحافية والكاتبة الإسرائيلية "عميرة هس" في مقالتها المنشورة في صحيفة "هارتس" الناطقة بالعبرية، أنّه تم في شارع السلايمة زيادة طول الجدار الذي يفصل ممر المشاة الخاص بالفلسطينيين عن الممر المخصص للمستوطنين السياح، ونصبت على طرفه بوابة معدنية تكون في معظم الوقت مغلقة وتقطع الطريق المؤدية إلى حي "غيث"، فيما عاد الجيش إلى منع حركة المواطنين الفلسطينيين نهائيا في شارع حي الصاري واغلق الممر أمام حركة السيارات.

ويعتبر شارع السلايمة شارعا رئيسيا في الحي الذي يحمل اسمه والذي يؤدي إلى الحرم الإبراهيمي من الناحية الجنوبية وهو احد الشوارع التي تمنع قوات الاحتلال حركة السيارات فيها، وأقامت قوات الاحتلال عام 2012 في منتصف الشارع جدارا قسمه إلى قسمين وأجبرت الفلسطينيين على السير على أقدامهم عبر ممر ضيق وسيء غير معبد فيما سمحت للمستوطنين والسياح فقط باستخدام الشارع المعبد سواء مشيا على الأقدام أو بواسطة سياراتهم.

وسمحت قوات احتلال عام 2013 للفلسطينيين بالسير على أقدامهم على الشارع المعبد وذلك بعد ان نشرت منظمة "بتسيلم" فيلم فيديو ظهر فيه جنود الاحتلال وهم يوضحون بان الجزء المعبد مخصص لليهود فقط دون غيرهم لكن رغم ذلك بقي الجدار في مكانه، وعادت قوات الاحتلال في يناير 2015 ومنعت الفلسطينيين من السير على الطريق المعبد في شارع السلايمة، وزادت في أيار الماضي من طول الجدار الفاصل القائم وسط الشارع حتى وصل إلى حي "غيث" وأقامت في هذه النقطة بوابة حديدية تبقى مغلقة باستمرار.

وأفاد مواطنون فلسطينيون في شهادات قدموها لمنظمة "بتسيلم" أن جنديا من قوات الاحتلال كان يقف خلال الأيام الأولى بالقرب من البوابة المعدنية ويسمح لسكان الحي بالمرور عبرها، وبعد ذلك أغلقت قوات الاحتلال البوابة 3 أيام متواصلة وأبلغت السكان بانها ستسمح لهم بالمرور عبر البوابة من الساعة السادسة صباحا وحتى منتصف الليل على أن يتم السماح بالمرور بعد تجمع عدد كاف من الناس بالقرب من البوابة ويعود تقدير معنى "كاف" للجندي المسؤول عنها، وحتى هذه القواعد والإجراءات لم تحترمها قوات الاحتلال، ففي بعض الأحيان تترك البوابة مفتوحة وفي أحيان كثيرة تغلقها نهائيا الأمر الذي ترك السكان في حالة دائمة من عدم اليقين والاستقرار.

ويطيل الطريق البديل الذي تحاول قوات الاحتلال إجبار السكان على سلوكه الطريق إضافة كونه طريقا صاعدا "طلعة " بشكل حاد يتخلله "درج" والكثير من الأزقة المظلمة، ما يعني أن كبار السن والأشخاص الذين يحملون بعض الأغراض مثل المواد الغذائية واحتياجات البيت وأوعية نقل المياه خاصة وان الخليل تعاني انقطاعا شبه متواصل للمياه لا يمكنهم استخدامه.

ومنعت قوات الاحتلال حركة السيارات الفلسطينية في الحي الجنوبي - الشرقي من الخليل المعروف باسم "وادي النصارى" وتحديا في الطريق التي تقود نحو الحرب الإبراهيمي التي تطلق عليه قوات الاحتلال اسم "محور المصلين" وذلك منذ عام 2002، بعد أن اشتبكت مجموعة فلسطينية مسلحة مع قوات الاحتلال وقتلت 12 جنديا وضابطا ومستوطنا مسلحا.

ويربط الطريق المغلق حي " الحريقة " مع حي جبل جوهر حيث يقيم في هذه الأحياء الثلاثة "النصارى، والحريقة، وجوهر" حوالي 45 ألف فلسطيني، ونصبت قوات الاحتلال عام 2002 بوابة حديدية تفصل بين هذه الأحياء وتمنع حركة السيارات بينها ومنع الفلسطينيون خلال العام الأول من عمر البوابة من المرور بها حتى سيرا على الأقدام، لكن هذه القوات أصدرت عام 2014 حوالي 100 تصريح يسمح من خلالها لمائة سيارة فلسطينية فقط تعود ملكيتها لسكان الأحياء المذكورة بالتحرك عبر البوابة لتعود وتلغي هذه التصاريح نهاية عام 2015، وسمحت للفلسطينيين بالسير على الأقدام فقط ومنذ نهاية شهر حزيران الماضي لا تسمح قوات الاحتلال للفلسطينيين بالحركة عبر هذه البوابة إلا بالصدفة وبشكل انتقائي ولسيارات الخدمات فقط لا غير، فيما يحتاج الفلسطينيون لتجاوز هذه البوابة والوصول إلى المنطقة التي تقع خلفها مباشرة إلى سلوك طريق بديل يبلغ طوله 3 كم .

وتمنع قوات الاحتلال منذ عامين أي شخص لا يسكن في حي "تل رميدة" من دخول هذا الحي، وأجبرت القيود المشددة التي فرضتها قوات الاحتلال منذ جريمة القتل التي استهدف فيها المجرم "باروخ غولديشتاين" المصلين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي عام 1994، وجرى تشديدها بالتدريج الكثير من سكان وسط مدينة الخليل على ترك بيوتهم وأدت إلى انهيار السوق والمركز التجاري الذي كانت تشكله هذه المنطقة.

وقالت منظمة "بتسيلم" إن تشديد الإجراءات والقيود المفروضة على حركة الفلسطينيين جزء من سياسة تهدف الى الوصول إلى عملية "ترانسفير" هادئة تنتهي بطرد الفلسطينيين من مركز المدينة وبلدتها القديمة كون هذه القيود تمس بعشرات ألاف الفلسطينيين، وتمنعهم من تنظيم حياتهم وإدارتها بشكل طبيعي وحولت حياتهم إلى ما لا يطاق.