مستوطنة "عاميحاي"

أعلنت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، عن بناء مستوطنة "عاميحاي"، للمرة الأولى منذ 25 عامًا، لتقام على أراضي المواطنين الفلسطينيين في قريتي قريوت وجالود، جنوب نابلس. وقررت حكومة الاحتلال إقامة المستوطنة الجديدة، لتنقل بؤرة "عمونا" الاستيطانية، والتي أخلتها بعد قرار قضائي بإخلائها، بعد أن أثبت فلسطينيون يقطنون في قرى سلواد وعين يبرود والطيبة، شرق رام الله، أن البؤرة الاستطيانية مقامة على أراضٍ خاصة تعود ملكيتها إليهم.

وتصادر مستوطنة "عاميحاي" قرابة 2500 دونم من أراضي قريوت وجالود، وتشكل حزامًا استيطانيًا يربط بين مستوطنتي شيلو وعيلي، وهو ما يعني، وفقًا للخبراء، أنها ستشطر الضفة الغربية بشكل كامل. وتربط المستوطنة الجديدة الخط الاستيطاني من الغرب إلى الشرق بشكل كامل، وستعزل الفلسطينيين بشكل شبه كامل، حيث ستؤدي هذه المستوطنة إلى إيجاد تواصل جغرافي استيطاني من كفر قاسم غربي وصولاً إلى غور الأردن شرقًا. وفي هذا الصدد، قال رئيس اللجنة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان، جمال جمعة، إن هذه المستوطنة تقع في واحد من أهم مقاطع الاستيطان في الضفة الغربية، والذي يقطع شمال الضفة الغربية عن وسطها بشكل كامل.
وكشف جمعة عن أن هذه المستوطنة تقام في خط محور أرائيل، والذي يمتد من كفر قاسم وحتى غور الأردن، وهذا المحور عملت إسرائيل على تقويته خلال السنوات الماضية، وخصوصًا في 2014، عندما تم تحويل البؤر الاستيطانية "بروخين" و"رامات راحيل"، المقامة على هذا الخط، إلى مستوطنات، وهذا يعني وصل أرائيل عمليًا بمستوطنة "عيلي"، ومن "عيلي" إلى "شيلو"، والآن يتم وضع "عاميحاي" إلى الشرق من "شيلو"، حتى تشكل حلقة وصل بين "شيلو" و"الأغوار".

ويقيم معظم سكان عامونا، الذين تم إخلاؤهم، في مستوطنة "عوفرا"، بالقرب من "عامونا"، في حين يقيم آخرون في مستوطنة "شيلو". وأكد جمعة أن هذه المستوطنة أقيمت على أراضي جالود وقريوت، وهما القريتين اللتين تحاصران بشكل كامل بالمستوطنات، فهناك خمس مستوطنات مقامة على أراضي القريتين، وصادر الاحتلال  الغالبية العظمى من أراضيها. وتتعدى مستوطنة "عاميحاي" مخاطر الاستيطان التقليدية، فهذا مشروع سينسف حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم، كونه سيشطر الضفة الغربية إلى نصفين، لأن "عميحاي" تقع ضمن تكتل استيطاني يمتد من كفر قاسم إلى نهر الأردن.

وأوضح جمعة أن هذا القطع الاستيطاني تسعى إسرائيل من خلاله إلى أن تقسم الضفة الغربية إلى قسمين، بحيث تعزل شمال الضفة الغربية كليَا عن وسطها وجنوبها، من خلال البناء الاستيطاني المتلاصق، الذي يجعل التواصل الفلسطيني معدومَا تقريبًا. 

وأضاف جمعة: "التواصل الفلسطيني غير ممكن إلا عبر ممر واحد ووحيد، وهو حاجز زعترة، والذي سيكون الممر الوحيد الذي يصل شمال الضفة بوسطها، وهو جزء من مشروع السيطرة على الضفة الغربية بشكل كامل، وضم الأجزاء الكبرى منها. ووفقًا لتقديرات الفلسطينيين، فإن مساحة الأراضي التي صادرها الاحتلال لصالح إقامة مستوطنة "عاميحاي" تبلغ 2500 دونم، وسيتم بناء 102 وحدة استيطانية، إضافة إلى محطة تحلية مياه المجاري، وهو ما يعني عزل الفلسطينيين ومناطقهم السكنية، وربط المستوطنات ببعضها البعض.

وقال جمعة: "عندما يتم الحديث عن ضم الضفة الغربية، يتم الحديث عن المستوطنات، وليس عن الفلسطينيين، فإسرائيل تريد أن يبقى الفلسطينييون محصورون في هذه المعازل، والتي يتم إنشاؤها لهم في مرتفعات الضفة الغربية". ويدرك الفلسطينيون خطورة بناء المستوطنة الجديدة تمامًا، ويرون أن الاستيطان يشكل عقبة أمام السلام في المنطقة، ويبعد الجانبين أكثر عن طاولة المفاوضات، من خلال خلق وقائع على الأرض تصعب التوصل إلى حل.

وفي هذا الصدد، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور واصل أبو يوسف، إن حكومة نتنياهو اليمينية تحاول البناء والتوسع الاستعماري والاستيطاني، من خلال مزيد من السيطرة ومصادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة، للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة، لذلك عندما يتم الآن الإعلان عن بناء مستوطنة استعمارية جديدة، لإسكان مستوطني بؤرة "عمونا"، ونقل المستوطنين إليها، فهذا يهدف بشكل واضح إلى فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها بشكل كامل، وإحكام السيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة جميعها. وعلى مدار سنوات طويلة، كانت حكومة الاحتلال تدعن المستوطنات القائمة، وتتوسع فيها، حتى تضاعف عدد المستوطنين من أقل من 200 ألف، في 1995، إلى قرابة 750 ألف مستوطن، ما يجعل المدن والقرى جزرًا معزولة في بحر الاستيطان.