اللاجئين

كشفت المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن أن نحو 90% من المهاجرين القادمين من غرب القارة الأفريقية يمرون بالنيجر بغية الوصول إلى ليبيا ومن ثم إلى أوروبا.
وذكرت المفوضية - في تقرير - أن مأساة المهاجرين هي مشكلة قديمة لكن تنامي هذه الظاهرة من شأنه أن يدفع صناع القرار السياسيين لوضع سياسات تحول دون حدوث هذه الكوارث.

وأشارت إلى أن أوروبا أصبحت تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى لأنها تعتبر بمثابة "الملاذ" للمهاجرين مما دفع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التوجه إلى الدول المجاورة للحد من مرور المهاجرين عبر البحر المتوسط.
وسلطت مجلة (سليت أفريك) الفرنسية الضوء على الموقع الجغرافي للنيجر الذي جعل لها دورًا محوريًا في عملية الهجرة غير الشرعية حيث تقع غرب أفريقيا في المنطقة الانتقالية بين شمال وجنوب القارة.

وتعد العلاقات بين النيجر والاتحاد الأوروبي قديمة وترجع إلى الاتفاق التعاوني لمعاهدة روما عام 1957، إلا أنها تندرج اليوم في إطار اتفاق كوتونو الشامل لعام 2000 بين دول أفريقيا والاتحاد الأوروبي ، والذي ينص أيضًا على مساعدات عامة للتنمية تأتي من الصندوق الأوروبي للتنمية.

وفي إطار هذه العلاقات الخاصة التي تربط النيجر بدول الاتحاد الأوروبي، استطاع الاتحاد تفسير لماذا باتت الدول الأعضاء فيه هدفا للمهاجرين؛ حيث توفر أوروبا الرخاء والرفاهية مما يجعل هذه الدول تتساءل هل توجد استراتيجية موحدة يتبنها الاتحاد الأوروبي لمواجهة هذه الظاهرة أم توجد إستراتيجية شاملة تتبعها عدة دول أو هناك إستراتيجية فردية تتبعها كل دولة على حده؟

وتعد الهجرة إلى أوروبا بمثابة ثمرة علاقاتها مع الدول الأفريقية، فخلال المفاوضات التي سبقت اتفاق كوتونو، طرحت اللجنة الأوروبية فكرة الحد من الهجرة غير الشرعية القادمة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في بداية المفاوضات مما أدى إلى فشل عملية التوصل إلى اتفاق فى هذا الصدد ، وانتقد البرلمانان الأوروبي والأفريقي هذا الموقف آخذين على اللجنة الامتناع عن الضغط على الدول الأفريقية.

ويأتي التعاون بين النيجر والاتحاد الأوروبي في إطار اتفاق كوتونو إلا انه يضع خطة طويلة الأمد تطبق في الفترة ما بين عامي 2010 و2020 وهي خطة تضم عدة مشروعات تنموية تدخل في إطار الوثيقة الاستراتيجية الخاصة بالفترة ما بين عامي 2008 و2013، والتي لا تزال في طور التنفيذ، وإستراتيجية الأمن والتنمية الخاصة بدول الساحل التي تبناها الاتحاد الأوروبي عام 2011 وتم التصديق عليها في عام 2014.
وقد كللت تلك الاستراتيجية بالنجاح عن طريق البعثات المدنية لقوات الأمن الداخلية من أجل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والتي تم إقرارها عام 2012 في إطار سياسة الأمن والدفاع المشترك بين الاتحاد الأوروبي بناء على طلب حكومة النيجر، وتم تمديد وزيادة قوام البعثة وتوسيع نطاق عملها في يوليو 2014 وحتى يوليو 2016 طبقًا لطلب السلطات النيجرية.

ويسمح هذا التعاون بتعزيز قطاع الأمن الغذائي عن طريق تمويل البرنامج الحكومي الذي يطلق عليه (النيجريون يطعمون أنفسهم) وتم تصنيف النيجر على صعيد مؤشر التنمية البشرية وقطاع قدرات الدول على وضع سياسة اجتماعية وقطاع الأمن والحوكمة والحفاظ على السلام فضلا عن قطاع تحرير المناطق التي لا تنعم بالسلام أو تلك التي على شفا الانخراط في النزاعات؛ نظرًا لأن لديها حدود مع دول ليبيا ومالي ونيجيريا التي تعاني من النزاعات المسلحة.
وبعد مأساة الهجرة التي شهدها عام 2015 ونظرا لنقص فاعلية عملية (ترتون) الخاصة بقوات (فرونتكس) وهي الوكالة الأوروبية لإدارة التعاون العملي خارج حدود الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، انطلقت مرحلة إستراتيجية جديدة في العلاقات بين الاتحاد والنيجر.

وقررت لجنة الشؤون الخارجية بالاتحاد في 13 مايو 2015 إجراء تعديل أحادي الجانب على مهمة البعثة إلى النيجر عن طريق إدراج بند مكافحة الهجرة غير الشرعية، فتحول الاتفاق من منطق التعاون التجاري والتنموي وتعزيز قدرات النيجر الأمنية والعسكرية إلى منطق مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تصب في مصلحة أوروبا.

ونظرا لعدم قدرة أوروبا على تمرير اتفاق مكافحة الهجرة خلال اتفاق كوتونو، أدرج الاتحاد الأوروبي هذه الاستراتيجية الجديدة على برنامج البعثة المدنية التي تدعم قوات الأمن الداخلية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
ويتعلق الأمر إذن بقرارات جديدة تتبناها أوروبا ضد الهجرة غير الشرعية في خطوة استباقية للسيطرة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي عن طريق دولة أخرى مثل النيجر.

وتعد النيجر بالنسبة للاتحاد في وضع جغرافي حرج؛ نظرا لتدفق المهاجرين منها نحو أوروبا، فحوالي 90% من المهاجرين القادمين من غرب أفريقيا يمرون عبر هذا البلد بغية الوصول إلى ليبيا ومن ثم إلى إيطاليا.
لذا تعتبر النيجر دولة محورية لدعم الهجرة غير الشرعية كما أكدت نائبة رئيس المفوضية العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيدريكا موجرينى في 13 مايو 2015 ، مما دفع مجلس الشؤون الخارجية إلى إملاء دعم مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة على الحكومة النيجرية عن طريق نشر قوات بطول الحدود الممتدة من ساحل النيجر إلى مدينة أجازي على الحدود مع ليبيا التي تضم بدورها قاعدة عسكرية فرنسية في ماداما منذ عام 2014.