العلاج بالعطور

أن نكون على تناغم مع ذواتنا سواء على الصعيد الجسدي أو النفسي هو نجاح كبير خاصة في عصرنا الحالي الذي يحكمه مبدأ السرعة، و الذي نتعرض فيه باستمرار لعدة تأثيرات خارجية (الضجيج، التلوث....). حيث أصبح من الضروري تدريب النفس على التعامل مع مجموعة من الضغوطات و الإكراهات اليومية.

للحفاظ على صحة جسمانية جيدة فإن الإنسان يكتسب مند الصغر آليات تساعده على التعرف على الحاجيات الضرورية لجسمه و يلبيها. فعليه أن يأكل عندما يجوع، و أن يشرب عندما يحس بالعطش، الخ. و من نفس المنطلق فإن عقل الإنسان يحتاج إلى الراحة من حين لآخر، خاصة عندما يصل إلى حالة من التشبع بعد ساعات طويلة من التركيز المنهك.

لهذا و بغرض الحفاظ على الصحة الجسدية و الروحية، من الضروري اعتماد المبادئ الأساسية التي بنى عليها القدماء سلامتهم الصحية و التي أثبتت نجاعتها في تحقيق الطمأنينة و السلام الداخليين. لتحقيق هذا التوازن، استعمل أجدادنا طرقا طبيعية بسيطة من أهمها ما يسمى الأروماثيرابي" Aromatherapy" .
فماذا نعني بالأروماثيرابي؟

الأروماثيرابي  أو العلاج بالعطور هي إحدى تقنيات العلاج القديمة التي استعملها المصريون القدامى. فقد استخدم المصريون نباتات عطرية كالنعناع و ورق الغار في صنع جرعاتهم الدوائية. لكن هذه التقنية تطورت بحلول القرن الحادي العشر بعد ظهور فكرة استخلاص المكونات الأساسية للنباتات عن طريق التقطير.

والأروماثيرابي هي فرع من فروع الفيتوثيرابي أو علم التداوي بالنباتات، و يقوم على مبدأ جمع المكونات الأساسية للنباتات من خلال عملية تقطير معقدة باستخدام بخار الماء للحصول على هذه المكونات في شكل سائل مركز وهو ما يسمى بالزيوت العطرية (الأساسية). كل زيت من هاته الزيوت
 
يتوفر على تركيبة كيميائية فريدة، و يميز كل منها عن الآخر وفقا لبيئة النبات، للتربية التي نما فيها، لنسبة تعرضه لأشعة الشمس، الخ. و بالتالي فبإمكان نفس النوع النباتي أن ينتج زيوتا عطرية مختلفة إذا اختلفت ظروف نموه.
إذن فالأروماثيرابي هي استخدام الزيوت العطرية المستخرجة من النباتات و الأعشاب بعد خضوعها للتقطير في علاج بعض المشاكل الصحية.
ما هو دور الزيوت العطرية؟

يعد عالم النباتات مصدرا لا ينضب من المكونات النشطة التي بوسعها التخفيف من مجموعة من الآلام الطفيفة التي قد نتعرض لها يوميا، ناهيك عن استطاعتها مداواة أمراض أكثر خطورة. كما أنها تساعد على تنشيط الجسم و الدفاع عنه في وجه الضغوطات الخارجية.
و لهاته الزيوت العطرية مجموعة من الخاصيات فهي: مضادات للتشنج، مضادات للفيروسات، تساعد على الاسترخاء، مثيرة للشهوة الجنسية، منشطات للجسم، مطهرة للجروح، و مساعدة على الهضم، الخ.
أين يمكنك الحصول على الزيوت العطرية؟

يمكنك أن تجدي هذه العطور في الصيدليات، الصيدليات البديلة (البارافارمسي)، مخازن المنتوجات الطبيعية، و على الأنترنيت، و لكن وجب عليك سيدتي أخذ الحيطة و الحذر و التأكد من جودة المنتوجات قبل شرائها. و لتفادي أي نوع من المشاكل، من الأفضل اقتناء الزيوت من الصيدلية لكون منتجاتها مضمونة الجودة و الفعالية، و مكوناتها مائة بالمائة طبيعية.
عطر الزيوت الأساسية سلاح استثنائي

قد يبدو الأمر غريبا، لكن رائحة الزيوت العطرية ليست محببة للجميع. فهي تشكل في عديد من الأحيان سلاحا فتاكا ضد بعض "الضيوف" غير المرغوب فيهم. كالدور الذي تلعبه رائحة الليمون في طرد البعوض المزعج على سبيل المثال. و في الآن نفسه فهذه الرائحة تجذب الحشرات الناقلة لحبوب اللقاح و التي لا تستطيع مقاومة العطر المنبعث من الزهور.

في معظم الأحيان، يكون لرائحة الزيوت الأساسية تأثير مفيد على نفسية الفرد حيث يعمل هذا العطر على التأثير بشكل مباشر على توازنه النفسي – العاطفي. و بالتالي فإن الزيوت العطرية تلعب دورا هاما في وقاية الأشخاص من الأمراض المرتبطة بالتوتر. فمن خلال مساعدتنا على تحسين توازننا و رفاهيتنا
 
بشكل عام، فإن الزيوت العطرية تساعدك سيدتي على مقاومة التعب و الإرهاق بشكل أفضل، استعادة توازن الجسم و العقل، و القضاء على التوترات العصبية.
فرائحة الورد لها تأثير يساعد على الاسترخاء، و رائحة النعناع لها تأثير منبه، في حين أن رائحة الفانيليا تمنحك مناخا هادئا و مليئا بالإثارة.
كيف تستعملين الزيوت العطرية؟

تتوفر الزيوت العطرية الموافق عليها عادة على زجاجة قياس لاستعمال الكمية الصحيحة و تفادي الوقوع في الأخطاء.
خمسة و عشرون قطرة = ميليلتر واحد من الزيت
عن طريق الفم:

تؤخذ الزيوت العطرية عن طريق الفم لمعالجة اضطرابات الجهاز الهضمي و الالتهابات (التهاب اللوزتين، التهاب الشعب الهوائية،...). لكن تجدر الإشارة إلى إمكانية تفاعل هذه الزيوت مع أدوية اخرى، لذلك فمن الضروري استشارة الطبيب. و ينبغي أن تخلط هاته الزيوت بنوع آخر من الزيت ( زيت الزيتون مثلا) لإضعاف مفعولها القوي، تجنبي سيدتي خلطها بالماء لأنها غير قابلة للذوبان. و تجنبي كذلك استعمالها لوحدها دون خلط لأن استهلاكها بهذا الشكل قد يسبب حروقا في الأغشية الفموية.
عن طريق دهن الجلد:

قومي سيدتي بدهن الزيت على بشرتك في حالة إصابتك ببعض الأمراض الجلدية أو فقط لأسباب تجميلية بغية الحصول على بشرة صافية و نضرة. فهذه الزيوت العطرية معروفة باختراقها الجيد للجلد و عملها في عمق الجسم. لذلك ينصح باستعمالها للعناية بالشعر، الأظافر، و البشرة.
عن طريق استنشاقها أو نثرها:

يمكن استنشاق الزيوت العطرية باستخدام قطرتين إلى ثلاث قطرات في وعاء من الماء. كما يمكن توزيعها في جميع أرجاء المنزل عن طريق رشها لإغناء البيت بالروائح الزكية، تنقية الهواء من الجراثيم المضرة، أو لمجرد خلق أجواء مليئة بالحميمية و الراحة.
احذري من الاستعمالات الخاطئة

يجب التعامل مع الزيوت الأساسية بحذر خاصة و أنها مركزة. معظمنا يظن بأن النباتات لا تشكل أي خطر يذكر على أجسامنا كونها موادا طبيعية، لكن يجب أن نعلم أن هناك بعض النباتات السامة و التي قد يؤدي استعمالها بجرعات عالية إلى تهييج البشرة، تلف الكبد، أو التسبب في إضرار الجهاز العصبي. و لذلك فمن المستحسن استشارة الطبيب أو الصيدلي المختص.
لا ينصح باستعمال الزيوت الأساسية بالنسبة ل:

النساء الحوامل أو المرضعات
الأطفال الأقل سنا من سبع سنوات
الأشخاص الدين يعانون من نوبات الصرع
عن طريق الفم بالنسبة للأشخاص الدين يعانون من القرحات المعدية
استعمال الزيوت الأساسية يتطلب استشارة طبية بالنسبة ل:

الأطفال الأكثر سنا من سبع سنوات
الأشخاص المسنين