القوات الأميركية في سورية

قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إبقاء القوات الأميركية في سوريا لفترة محدودة، منهيًا التكهنات حول الانسحاب الفوري، واتفق في اجتماع مع مجلس الأمن القومي على أن القوات الأميركية البالغ عددها 2000 والتي تدعمها قوة جوية هائلة يجب أن تبقى في سوريا حيث تدعم الأكراد في شرق البلاد.

وقال مسئول كبير في الإدارة الأميركية: "لن ننسحب على الفور، لكن الرئيس ليس مستعد لدعم التزام طويل الأمد"، مضيفًا أن ترامب أراد ضمان الهزيمة النهائية إلى داعش ويود أن تساعد الدول الأخرى في تحقيق الاستقرار في سوريا.

وقال البيت الأبيض في وقت لاحق "إن مهمته العسكرية للقضاء على داعش في سوريا قد وصلت إلى نهاية سريعة".

ويذكر أن ترامب في الأسابيع الأخيرة، كان على خلاف مع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" في وعود بالانسحاب السريع من الولايات المتحدة، تمامًا كما كرر كبار الجنرالات التزامهم بالوقوف إلى جانب القوات الكردية السورية، وحدات حماية الشعب "YPG"، وهي تحتفظ بما بين 25 و 30 % من سوريا وهي الحليف الوحيد للولايات المتحدة في البلاد، وفقدت داعش تقريبا كل أراضيها ولكنها تعود إلى حرب العصابات في أجزاء من شرق سوريا، وشجع مقاتلوها من خلال انسحاب قوات حماية الشعب الكردية، التي ذهبت لمواجهة الغزو الذي قادته تركيا لمنطقة عفرين الكردية في شمال سوريا.

وعقد زعماء تركيا وروسيا وإيران قمة في أنقرة يوم الأربعاء في محاولة إلى التوصل إلى أرضية مشتركة حول مستقبل سوريا حيث جميعهم لديهم قوات عسكرية، وتختلف أجنداتهم بشكل جذري، حيث تدعم روسيا وإيران الرئيس بشار الأسد، بينما تريده تركيا من السلطة.

والهدف الكبير الوحيد الذي يجمع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني في الصراع السوري، هو أنهم جميعهم يريدون خروج القوات الأميركية من سوريا، رغم اختلاف دوافعهم، ويريد بوتين وروحاني من قوات الأسد أن تمدد سيطرتها على شرق البلاد وشمالها، بينما تريد تركيا تدمير شبه الدولة الكردية، التي يطلق عليها الأكراد السوريون "روجآفا"، التي نمت شرق نهر الفرات خلال الحرب ضد داعش.

إذا تم سحب العدد المحدود من القوات البرية الأمريكية من سوريا، بالإضافة إلى قدرة وحدة حماية الشعب على شن هجمات جوية أمريكية ضخمة، فإن قوات حماية الشعب لن تتمكن من وقف الغزو التركي عبر الحدود السورية التركية الطويلة، وسهل الشمال السوري الذى لا يمكن الدفاع عنه ضد الدبابات التركية المدعومة بالغارات الجوية.

وفي بيان مشترك صدر في ختام قمتهم، قال بوتين وروحاني وأردوغان "إنهم رفضوا كل محاولات خلق حقائق جديدة على الأرض تحت ذريعة مكافحة الإرهاب"، ويعد هذا إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة، حيث قالوا "إنهم ملتزمون بوحدة سوريا، لكن هذا لا يمنعهم من التدخل باستخدام وكلاء وحلفاء محليين. ولم تحضر سوريا، قمة أنقرة، وهي الثانية في سلسلة من ثلاثة، أما التالية ستعقد في طهران. وتعهدت الدول الثلاث التي اجتمعت في أنقرة باستقرار سوريا إلى حد ما".

ودعا روحاني تركيا إلى تسليم عفرين للجيش السوري، وهو أمر من غير المحتمل أن يحدث، حيث تقوم روسيا بتعزيز تحالفها الجديد مع تركيا، ولكنها في الوقت نفسه ملتزمة بالأسد الذي ساعده للتو في استعادة كل الغوطة الشرقية تقريبًا، وكانت رغبة روسيا في السماح إلى تركيا باستخدام سلاحها الجو في عفرين، والتي سبق أن دافعت عنها الطائرات الروسية والصواريخ المضادة للطائرات، التي فتحت الباب للغزو التركي في 20 كانون الثاني/ يناير، واحتلال مدينة عفرين بعد شهرين.

وتحتاج تركيا إلى الدعم الروسي أو الحياد إذا كان لها أن توسع تدخلها ضد الأكراد في شمال سوريا، وربما أعطى بوتين الضوء الأخضر للغزو التركي لعفرين من أجل تغذية المواجهة بين الولايات المتحدة وتركيا، حيث تحاول الولايات المتحدة حماية حلفائها الأكراد وتسعى تركيا لتدميرهم.

وسيسيطر الأسد قريبا على كل من دمشق وحلب والمناطق الأكثر كثافة سكانية في سوريا، كما أنه سوف يجلب الأمل من حقيقة أنه في حين أن الأكراد السوريين لا يحبون حكومته، فإنهم يفضلون ذلك على احتمال تجاوزهم من قبل الجيش التركي ومساعديه العرب السنّة.