صحيفة "نيويورك ديلي نيوز"

استقبلت صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" فوز دونالد ترامب بالرئاسة بصورته على الصفحة الأولى مع العَلَم فوقه، ووضعت نصف موظفي البيت الأبيض تحت عنوان "بيت الأهوال"، ومنذ ذلك الحين ظهر ترامب في صفحتها الأولى بكلامه الساذج تحت عناوين الصحف الضخمة التي نعتته بـ"الكذاب" و"العنصري".

وأطلق Tronc، وهو من ضمن مالكين جدد لصحيفة "ديلي نيوز" فجأة نصف موظفي التحرير بعد اجتماع دام دقيقة واحدة، ولم تأتِ الخطوة إلا بعد مرور عام على قيام شركة "ترونك" بشراء الصحيفة الشعبية مقابل دولار واحد، ومتحملة المسؤولية عن جميع التزاماتها التشغيلية ومعاشات موظفيها.

وتعدّ الصحيفة التي كانت توزع 9 مرات يوميا هي الآن إلى صحيفة "نيويورك بوست" لروبرت مردوخ، وما تبقى من "ديلي نيوز" وصحيفة "نيويورك تايمز" و"ول ستريت جورنال"، اللتين خفضتا بشكل كبير من تغطية الخاصة بهما لصالح تحليل أكبر، وقصص وطنية ودولية.

وأغلقت Voice نسختها المطبوعة وفقدت معظم موظفيها، بينما انقرض موقع Newsinfo الإخباري وتم إغلاق Gothamist وأعيد فتحه من قبل WNYC في شكل أقل بكثير، وكانت صحيفة "ديلي نيوز" على قدم وساق، حيث فازت بجائزة البليتزر الحادية عشرة في العام 2017، واجتذبها ترامب بشكل واضح حتى إنها استلهمت من تجاوزاته لتعطي العنوان الأكثر شهرة في تاريخها الذي بلغ 99 عامًا.

وتعهد جيرالد فورد عام 1975 باستخدام حق النقض (الفيتو) لإنقاذ مدينة نيويورك المفلسة، وانتظرت "ديلي نيوز" أربعة عقود، لكن عندما سحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس المناخية، ذهب رئيس التحرير جيم ريتش مع "ترامب إلى العالم.. سقط ميتًا".

ذهب ريتش خلال هذا الأسبوع، في القائمة التي تركت الصحيفة مع 45 موظفا، بانخفاض عن أكثر من 400  موظف في أواخر الثمانينات، ورفض ريتش إجراء مقابلة في هذا المقال، لكن سيرته الذاتية عبر "تويتر" تعكس حالة مزاجه: "فهو مجرد رجل يجلس في البيت يشاهد الصحافة يتم خنقها". بالنسبة إلى المدينة التي يبلغ عدد سكانها 8.6 ملايين نسمة فإن التغطية المحلية المتضافرة وصلت إلى نقطة منخفضة في المكان الذي عكست فيه الصحف الصاخبة وتيرة الهوس في نيويورك.

ومن المعروف أن تسمية "الصحافة الصفراء" على أنها اختصار لعبارة التابلويد المبكرة في نيويورك خلال معركة القرن التاسع عشر بين بارونات الصحافة جوزيف بوليتزر وويليام راندولف هيرست. وكان هيرست مسرورا من رسام كاريكاتير محبوبا للغاية، كان يُنظر أنها الصحيفة الأولى من نوعها.

وبدأت الصحيفة بدلا من التركيز على المبنى المحترق، كان يهدف إلى تصوير عدسته على الناس الذين كانوا يبكون أثناء مشاهدة منازلهم، أو كما هو الحال في إحدى الصور، قال: "قتلهم الأول"، وهو يركز على حشد من الأطفال.

وبحلول الخمسينات من القرن الماضي، كانت أفلام مثل Sweet Smell of Success تنعم بالشهرة، مع بيرت لانكستر ككاتب، يتنقل بين رجال الشرطة الفاسدين والسياسيين المهددين ووكالات الدعاية ذات الحياة المتدنية، ليعلن: "أنا أحب هذه البلدة القذرة!". ومهما كان سحر البراعة المتصوَّر في هذه الصناعة، فإن القوة العظيمة لـ"ديلي نيوز" جاءت من مراسليها الذين اعتدوا عليها وحقيقة أن الأقوياء لم يتجرؤوا على تجاهلها. وبمجرد أن أصبحت أكبر جريدة تداول في أمريكا، إذ بيعت 2.4 ملايين نسخة في اليوم في ذروتها، لكنها انخفضت إلى نحو 200 ألف نسخة اليوم، لكن قوة "ديلي نيوز" بقيت على قيد الحياة.

والصورة الوطنية للصحيفه في تراجع دائم حيث أصبحت تبيع 40 من أصل 110 صحف يومية في أميركا وتعاني من تسريح العمال منذ يناير 2017، وجدت دراسة جديدة من مركز بيو للأبحاث هذا الأسبوع، إذ قال الباحث البارز مايكل بارتيل: "على مدى السنوات الثلاث الماضية، كان هناك انخفاض بنسبة 15٪ في العدد الإجمالي لموظفي غرف الأخبار، من نحو 46000 إلى نحو 39000".

وكشفت "ديلي نيوز" الأسبوع الماضي فيديو يعرض موت أحدهم في العام 2014، والذي تم التقاطه على شريط فيديو بينما كان يتوسل قائلا "لا أستطيع التنفس"، بينما احتجزه ضابط شرطة في نيويورك في خنق الجميع، وهذا الضابط سيواجه الآن تهما تأديبية. وقالت الصحيفة "لم نكن نعرف ظروف ما حدث، ولم نكن نعرف مدى ضخامة القصة الظالمة، لكننا ذهبنا إلى هناك على أي حال لأن شخصًا مات وكان ذلك أمرًا يحتاج الناس إلى معرفته". وفَقَدَ المصور كين موراي الذي تابع شريط الفيديو وظيفته هذا الأسبوع إلى جانب طاقم التصوير بأكمله، ولا تزال The Daily News تحتوي على صورة بكاميرته في الإعلان الترويجي لها