وزيرة الخارجية البريطاني يقر أنه سيصعب على بريطانيا حماية جبل طارق

صرّح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند اليوم الأحد أنه سيكون من الصعب حماية جبل طارق عندما تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسميا، حيث أخذت هذه المنطقة التابعة للعرش البريطاني دورا في الاستفتاء الذي أجري يوم الخميس على الاتحاد الاوروبي كجزء من اقليم ما وراء البحار البريطاني، وكان من أكثر المناطق الداعمة للبقاء فنحو 19322 صوت ذهب للبقاء فيما 823 صوت مع المغادرة.
 
ودعا الحكومة الاسبانية لمشاركة السيادة في أعقاب النتيجة المثيرة، وأشار الوزير الأول لجبل طارق فابيان بيكاردو " لن يكون جبل طارق اسباني كليا." وذكرت وزارة الخارجية أن بريطانيا ستستمر في الوقوف بجانب جبل طارق ولن تدخل في مفاوضات على السيادة ضد رغبات شعبه.
 
وأضاف هاموند في لقاء تلفزيوني "سنكون أقل قدرة على حماية مصالح جبل طارق، وبالتأكيد نستطيع الدفاع عنه ولكن حماية مصالحه صعبة اذا لم نكن داخل الاتحاد الاوروبي، وتعتمد المنطقة بالأساس على الالاف والآلاف من العمال الاسبان الذين يعبرون الحدود كل يوم ، وسيكون تعديل هذا التدفق مدمرا لاقتصاد جبل طارق، وأعتقد أن نسبة التصويت التي رأينها هناك تعكس هذه الحقيقة."
 
وتنازلت اسبانيا عن جبل طارق لبريطانيا في عام 1713 وفق معاهدة أوتريخت، ولكن على مدى العقود الماضية حاولت اسبانيا اعادته بما في ذلك نزاع وشيك على الحدود في عام 2013 أدى الى تأخير طويل في حركة المرور عبر الحدود.
  
وشهد الاستفتاء على السيادة المشتركة في عام 2002 دعم 98% من المواطنين في جبل طارق البقاء تحت الولاية البريطانية، وسعى الوزير الأوروبي ديفيد يدينغتون عقب الاستفتاء لطمأنة السكان بالقول بأن بريطانيا ستحافظ على سيادة جبل طارق.
 
 


 
وأشار في رسالة يوم الجمعة " أريد أن أكون واضحا تماما، ستواصل المملكة الوقوف بجانب جبل طارق، ونحن لن نتدخل في ترتيبات شعب جبل طارق التي يريد أن يخضع من خلالها لسيادة دولة أخرى، وعلى ذلك فان المملكة المتحدة لن تتدخل في عملية مفاوضات على سيادة جبل طارق."
 
وطلبت اسبانيا بتقاسم السيادة على جبل طارق بعد دقائق من اعلان نتيجة الاستفتاء الاوروبي في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة، ويعتمد اقليم ما وراء البحار البريطاني على المناطق الواقعة عند مدخل البحر المتوسط، ويعتمد بشكل كبير على حدوده المفتوحة مع اسبانيا للتجارة.
 
وصرّح القائم بأعمال وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل غارسيا انه يأمل في مشاركة السيادة على جبل طارق  في أعقاب التصويت، وأضاف وزير الخارجية البريطاني " نحن نعمل بجد على سيناريوهات انسحابنا، ومنذ لحظة وقف المعاهدات يصبح جبل طارق بلدا ثالثا."
 
ويمكن أن يؤدي هذا الى مناقشات حول التشارك في السيادة والتي ستكون ثنائية مع بريطانيا التي لن تعود ضمن الاتحاد الاوروبي، وأوضح الوزير الأول لجبل طارق فابيان الذي شارك فيليب هاموند في ايار/مايو الماضي في دعم حملة البقاء من خلال تغريدة على توتر " لقد تجاوزنا تحديات أكبر، لقد حان الوقت للوحدة والهدوء والتكفير العقلاني، معا وباتحادنا سنواصل الازدهار."
 
ودعّم السياسي المحافظ والنائب عن غرب انكلترا وجبل طارق جولي جيرلنغ البقاء وقال "أشعر بأسف بالغ أن الناس في بريطانيا اختاروا قفزة في الظلام، أعتقد أن الاجيال القادمة ستتساءل عن الحكمة من وراء ذلك، نعم الاتحاد الاوروبي لديه عيوب ولكنني ما زلت اعتقد أننا سنكون بأمان أكثر وأقوى وأفضل معه."
 
وسيطر الحزن والقلق على عقول وقلوب سكان جبل طارق الذي أصبحوا في حالة عدم اليقين بشأن المستقبل بعد نتيجة الاستفتاء في بريطانيا، وهناك عامل مشترك في ردود أفعالهم يتمثل في ادارة تدفق الأشخاص الذين يعبرون الحدود للدخول الى جبل طارق من الجانب الاسباني كل يوم، وأغلبهم من السياح والركاب فضلا عن الموقف السياسي العام من اسبانيا بشأن جبل طارق بعد الانتخابات الاسبانية العامة الأحد المقبل.
 
وبيّن رجل الأعمال من جبل طارق فيجاي فاتفاني " انه أمر مخيب للأمال قليلا فمعظمنا يريد البقاء في أوروبا وهو أفضل بالنسبة لنا فهي أكثر امانا وهذا يعني ممر اسهل الى اسبانيا وخصوصا نحن الذين لا نعرف الوثائق المطلوبة مستقبلا لعبور الحدود."
 
 
واسترسل " نحن ما زلنا في اوروبا ولكن لا نعرف كم ستحترم حقوق الانسان ان لم نكن في المفوضية الاوروبية، انا لا أشعر بالغضب ولكني لا أفهم الموقف البريطاني تماما، وأنا افهم أن الكثير من المال ادخل الى النظام بالرغم من معارضة الكثير من الشعب البريطاني، لذلك انا أفهم موقفهم ولكن من وجهة نظري كشخص من جبل طارق فأشعر بخيبة الامل."
 
وأكد صاحب متجر في المكان ويسمى جوزيف باوتسيتا " لجبل طارق وضع خاص، كنا نظن أن بريطانيا ستبقى في الاتحاد الاوروبي ولكن هذا لم يحدث للأسف، ويمكن بالتالي أن تخلق اسبانيا مشاكل في المستقبل لجبل طارق، ونحن من الناحية القانونية سنكون في أوروبا الا أن الوضع سيتغير نحو الأسوأ، انا قلق ومتأكد من أن الجميع في جبل طارق قلق مثلي، علينا أن ننتظر ونرى كيف ستتطور الامور."
 
ودعّمت الغرفة التجارية في جبل طارق حملة البقاء وأطلقت على المغادرة اسم " قفزة في الظلام" وقال مجلس ادارة الغرفة في رسالة الى أعضائه يوم الثلاثاء أن فتح الحدود مع اسبانيا ساعدت صناعة الخدمات المالية في الاقليم على الازدهار."
 
وجاء في الرسالة " كل نصف يوم من ايام الأسبوع يعبر من القوى العاملة في جبل طارق الحدود للوصول الى العمل 12 ألف شخص حوالي 7000 منهم اسبانيون والبقية أوروبيون، ومن دون هذه الحدود المفتوحة فان العديد من الشركات في جبل طارق لن يكون لديها قوة عاملة."
وأشار السيد بكاردو في مؤتمر صحفي الى أنصار المغادرة في ايار/مايو أن المغادرة ستعني سيادة مشتركة على جبل طارق وتابع " من سخرية القدر، فان شخص يعتقد انه وطني ويدعم جبل طارق بالتصويت بمغادرة الاتحاد الأوروبي ولكن في الحقيقة فهذا سيؤدي الى احتمال سيادة مشتركة مع اسبانيا وهو أمر قاتل ضده أكثر المؤيدين للخروج في وقت مبكر من القرن الـ21 مع حكومة حزب العمال."

وسيطر على الحانات والمقاهي والمحلات التجارية في جبل طارق موضوع واحد وهو مغادرة بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، تشير مواطنة محلية وتسمى اريك اسكويه " اشعر بأنني طعنت من الظهر."
 
وصوّت أغلبية المواطنين في المنطقة للبقاء في الاتحاد الاوروبي وبلغت نسبة الاشخاص الذين اختاروا البقاء 95%، والان يواجه جبل طارق مستقلا غامضا، في الوقت الذي لم تضيع فيه اسبانيا أي وقت بعد اعلان نتيجة الاستفتاء وطالبت بسيادة مشتركة كان حوالي 98% من سكان جبل طارق رفضوها في استفتاء أجري عام 2002.
 
وأفاد سائق سيارة اجرة من جبل طارق ويدعى فيديليو بونفانت " ستبدأ الحكومة الاسبانية بالضغط علينا بشدة بعد أن تركنا الاتحاد الاوروبي، وستصبح الامور أصعب على الحدود."
 
ويعتبر جبل طارق المعبر الحدودي مع اسبانيا والوصول البري الوحيد في القارة وهو محور نزاعات حول السيادة، وفي عام 2013 وأثناء خلاف مرير على المياه المتنازع حولها في جبل طارق، كثفت السلطات الاسبانية مراقبة الحدود لخلق اختناقات مرورية هائلة استمرت لساعات.
 
ويبدو على جبل طارق وكأنه بالفعل جزء من بريطانيا مع محلات هاي ستريت والسوبر ماركت وصناديق البريد الحمراء التقليدية، ومن السهل على الزوار هناك الشعور بأنهم يتنزهون في بلدة ساحلية انكليزية.
 
وأوضحت مالكة سوبر ماركت في مويستونز وتسمى كاورل كروت وهي سكرتيرة متقاعدة هاجرت الى جبل طارق مع زوجها وأبوها قبل 12 عاما " كل شيء من عدم اليقين، فوالدي يعاني من سرطان في الرئة ونحن نذهب الى اسبانيا لعلاجه وعدم اليقين هذا يشعرني بالقلق نحن لا نعرف ما الذي سيحصل."
 
ويخشى الكثيرون أن هذا الامر سينتج معاناة اقتصادية، فالوصول الى السوق الأوروبية ساعد جبل طارق على النمو اقتصاديا فهو يعتمد على الخدمات المالية والموانئ، ولكن تكثر الشائعات أن الشركات المالية ستهرب اذا لم تعد قادرة على الوصول الى سوق الاتحاد الاوروبي الموحد، ولن يتأثر العمال البريطانيون فقط بالأمر بل ان أكثر من 12 ألف اسباني يعبرون الحدود للعمل في جبل طارق كل يوم سيتأثرون.
 
ويعمل كريستيان مور ويبلغ من العمر 26 عاما كطاه في مطعم أوجاماما في جبل طارق ويسافر للعمل من منزله حوالي 15 ميلا ويشير " لقد صدمت، انه امر مؤلم، أشعر أن الاسبان أخوه الانجليز، واذا تركت بريطانيا الاتحاد الاوروبي فقد نحتاج الى تأشيرات للعمل هنا، وقد يصبح من الصعب الحصول على وظيفة."

وتشعر النادلة دينيزا فسيوفا ذات الأصل السلوفاكي بالقليل من التشائم وتشير " لا أعتقد انه سيكون هناك الكثير من التغيرات الكبيرة على معظم السكان من جبل طارق، فهم لا يريدون العمل في مجال الضيافة أو التنظيف، وأعتقد انهم سيحتاجوننا دائما."