اختراع رذاذ الجلد السائل لعلاج الجروح المزمنة

قد يبدو الأمر مثل الخيال العلمي، ولكن أطباء هيئة الصحة البريطانية يجرون تجارب على ؤ لافت لأخذ عينة سائلة من جلد المريض، مما يسمح لهم برشها على الجروح لبدء عملية الشفاء، ويجري اختبار الإجراء الجديد لعلاج الجروح المزمنة أو الشفاء البطيء، مثل تقرحات الضغط وقرحة الساق الوريدية (VLUs)، والتي يمكن أن تكون مؤلمة للغاية وتترك المرضى طريحي الفراش، وفي بعض الحالات تؤدي إلى بتر القدم أو الساق، وذلك باستخدام عينة صغيرة من الجلد، عادة ما تؤخذ من منطقة الفخذ في المريض في عملية منفصلة تحت تأثير التخدير الموضعي، ويتيح الجهاز للإنتاج والتعليق التجديدي الطلائي (RES)، وهو السائل الذي يحتوي على مركبات التئام الجروح الضرورية لشفاء الجلد بطريقة طبيعية.

ولا تستغرق العملية أكثر من 30 دقيقة وتتم على جانب فراش المريض، حيث يتم فيها أخذ عينات من المريض لعلاج المنطقة المصابة، وتعمل العينة عن طريق بعث إشارات إلى الخلايا لشفاء الجرح، ويتم تطعيمه حتى يتكامل بسرعة مع أنسجة الجسم نفسه، ويمكن رش العلاج أو تنقيطه على الجلد، مما يترك جلد المريض بمرونة ونعومة في الملمس ويصبغ على الجلد المحيط، مع ترك ندبات محدودة.

وشهدت التجارب الطبية لجهاز ReGenerCell (إعادة توليد الخلايا) على المرضى الذين يعانون من حالة VLUs كبيرة، خفض ما لا يقل عن 40 في المائة من حجم الجرح على مدار ستة أسابيع، وهي نسبة أعلى من أولئك الذين عولجوا بالطرق التقليدية، وقال جراح الأوعية الدموية في مستشفى أدينبروكس، كامبردج، الدكتور بول هايز،  وهو واجد من الذين نفذوا التجربة على جهاز توليد الخلايا: "إن الجهاز نجح في شفاء قرحة، بشكل لم يستطعه أي علاج. نعالج المرضى الذين لديهم قرحة مزمنة لأكثر من سنة، وأحيانا سنتين أو ثلاث سنوات، وقد فعلنا كل ما بوسعنا من خلال محاولة تعزيز الدورة الدموية إلى الأطراف، ولكن لا شيء من ذلك أثبت فعالية"، وأضاف: "لا يوجد علاج واحد يشفي كل القرح المزمنة، ولكن إذا كنت تستطيع مساعدة نصف أو حتى ثلث منهم فهذه محاولة جديرة بالاهتمام".
 
ويتذكر هايز: "كان لدينا اثنين من المرضى المحاصرين في منازلهم في انتظار ممرضة المنطقة للحضور وتضميد جراحهم، وبعد استخدام الجهاز الجديد تحسنت الجراح والتئمت، والآن هؤلاء المرضى يإمكانهم الذهاب في عطلة خارج منازلهم. هذه خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لأولئك المرضى، لمنحهم نوعية الحياة التي اعتادوا عليها".

ويوجد في بريطانيا 200 ألف مريض لديهم نوع من الجروح المزمنة، وتشمل الأعراض الألم والرائحة، مما يعرضهم لقلة النوم، فقدان الحركة والعزلة الاجتماعية، وقرحة الساق الوريدية هي نوع من القرحة، وتمثل نحو 95 في المائة من جميع الحالات، غالبية المصابين في الثمانينات من أعمارهم، وتحدث نتيجة لارتفاع ضغط الدم مما يتسبب في جرح طفيف يسوء نسبيا، وكان أكثر من نصف المرضى الذين أجريت عليهم الدراسة قد عانوا من المرض لمدة عام أو أكثر، وعادة ما تسبب قرحة ضغط غير مريح، وغالبا ما يشل المريض بسبب الألم.

وتشير التقديرات إلى أن واحدا من كل خمسة مرضى النائمين في المستشفى يعانون من قرحة الضغط، والتي يمكن أن تكون مهددة للحياة، وتقدر تكلفة الخدمات الصحية الوطنية لرعاية المرضى الذين يعانون من الجروح المزمنة نحو 3 مليارات استرليني سنويا، ولا يوجد علاج فعال غير جراحي لالتئام الجروح، في الوقت الحاضر،  الخيارات الحالية هي عملية جراحية لإزالة الأنسجة المريضة أو استعادة تدفق الدم والمضادات الحيوية، أو في الحالات الشديدة، بتر أحد الأطراف، وقد تم إنقاذ ريتشارد باريل، 73 عاما، من بتر قدمه بفضل العلاج بالجهاز الجديد، بعد أن خسر أصابع قدميه نتيجة الجروح المزمنة، ويقول السيد باريل الذي عانى من مرض السكري من النوع الثاني لمدة 20 عاما: "لقد تحولت الجروح إلى اللون الأسود وماتت، كانت النتائج مثيرة للإعجاب حقا حيث التئمت الجروح في غضون بضعة أشهر."