الغدد الصماء

تشهد أوروبا تهديدًا وشيكًا بانفجار أزمة تكاليف الرعاية الصحية الناجمة عن اختلال الكيميائي في الغدد الصماء (EDCs)، والتي تعد مماثلة لتكلفة الرصاص والتسمم بالزئبق.

وبحسب دراسة نشرتها صحيفة "غارديان" فإن اختلال الغدد الصماء التي تنتج المواد الكيميائية، والتي تدخل بدورها في النظام الهرموني البشري، يمكن حدوثه بسبب التعرض لمواد مخزنة داخل حاويات المواد الغذائية والبلاستيكية والأثاث ولعب الأطفال والسجاد ومستحضرات التجميل.

وكانت سلسلة جديدة من التقارير التي شارك فيها 18 من أبرز الخبراء في العالم في علم الغدد الصماء؛ أسفرت عن أنَّ التكاليف الصحية الناجمة عن التعرض لاختلال هرمونات الغدد الصماء يكلف ما بين 157بليون يورو- 270 بليون يورو (113بليون- 195 بليون جنيهًا إسترليني)، أو 1.23% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي للقارة.

وذكر البروفيسور فيليب جراندجين من جامعة هارفارد، أحد معدي التقرير للجارديان: "الشيء الصادم هو أنَّ العنصر الرئيسي من تلك التكلفة يرتبط بفقدان وظيفة المخ في الجيل المقبل، أدمغتنا تحتاج إلى هرمونات معينة للتطور عادة- هرمون الغدة الدرقية والهرمونات الجنسية مثل: التستوستيرون وهرمون الاستروجين، وجودها مهم جدًا في فترة الحمل والطفل وعدم وجودها يمكن أنَّ يؤدي إلى التخلف العقلي بسبب نقص اليود وهرمون الغدة الدرقية الناجم عن التعرض للمواد الكيميائية".

وأضاف جراندجين: "بعد فقدان الذكاء، فسمنة الكبار مرتبطة بالتعرض لهذه المادة، مجموعة من المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة البلاستيك، تعد ثاني أكبر تكلفة فيما يخص التكلفة الإجمالية المقدرة بـ15.6بليون يورو في السنة، وفقًا للتقرير، الذي نشر في مجلة جمعية الغدد الصماء للغدد الصماء السريرية والأيض.

وتعزو الدراسة أنه ما لا يقل عن 5٪ من حالات التوحد الأوروبية بسبب التعرض EDC، لكن د. جراندجين قال إنَّ الرقم على الأرجح أعلى من ذلك، بسبب الصعوبات في قياس تعرض الجنين للمواد الكيميائية بعد أنَّ يولد الطفل، مؤكدًا: "أود أنَّ أوصي النساء الحوامل والأطفال بالإكثار من تناول الفواكه والخضروات العضوية وتجنب استخدام العبوات البلاستيكية والمواد الغذائية المعلبة، ولاسيما في الميكروويف، لأن عادة ما يتم وضع الحاويات في الداخل ومن ثم تتسرب تلك المواد والمركبات لحساء الطماطم، ويمكن أنّ تسبب اختلال الغدد الصماء".

منذ فترة طويلة كان يعتقد أنَّ اختلال الغدد الصماء يسبب ضررًا على الصحة التناسلية للذكور، لذا تحدد الدراسة الجديدة "الأسباب المحتملة" لاختلال الغدد الصماء والتعرض لمجموعة من الأمراض، بما في ذلك مرض التوحد، والعقم، والسمنة، والسُكري، وضمور الخصيتين.

ولقياس مدى احتمالية الإصابة بأمراض معينة بسبب التعرض للمواد الكيميائية الصناعية؛ قام الفريق الحكومي الدولي المعني بدراسة تغير المناخ بتضمين نموذج "تصنيف البيانات"، ونموذج علم الأوبئة المستخدمة من قِبل منظمة الصحة العالمية، في الورقة.

وجدت الدراسة أنَّ 70٪ -100٪ من احتمال فقدان الذكاء والإعاقة الفكرية نجمت عن التعرض للفوسفات العضوي المستخدم في مبيدات الأعشاب والمبيدات الحشرية، وأيضًا التعرض لمركبات ثنائي الفينيل متعدد البروم الموجودة في مثبطات اللهب.

أما احتمالات اضطراب نقص الانتباه الناجم عن التعرض للاختلال الكيميائي في الغدد الصماء EDCs فقد جاءت بنسبة أقل ما بين 20-69٪.

من هنا قام فريق البحث من أجل تحليل الاسباب؛ بالاقامة في الإقامة في المستشفى لتقدير التكاليف الناتجة عن هذه الامراض، من خدمات الأطباء والتمريض والرعاية المنزلية والرسوم الطبية الأخرى، وكذلك التكاليف غير المباشرة مثل فقدان إنتاجية العمال، والموت المبكر والعجز.

وقدرت دراسات سابقة أنَّ التكاليف الصحية الأوروبية من الإعاقة الذهنية الناجمة عن التعرض للرصاص والتسمم بالزئبق تبلغ 69 بليون يورو، وأنَّ التكاليف المرتبطة بالتعرض للكثير من المواد الكيميائية الصناعية تقريبًا بنفس المقدار.

وأضافت الدراسة: "هذه الدراسات تطلعنا على حجم الكاليف المخيفة، والتي تعادل 7500 يورو لكل رجل وامرأة وطفل في الاتحاد الأوروبي كل عام".

بينما ذكر مدير تحالف الصحة والبيئة جينون جنسن: "لم يعد مسموحًا وجود بعض هذه المواد الكيميائية في السوق ولكن لا تزال تستخدم على نطاق واسع من قِبل آخرين، ينبغي على المفوضية الأوروبية أن تعمل الآن بطريقة قوية ومنتظمة لتقليل تعرض الناس لها".

وقد واجهت المفوضية الأوروبية انتقادات من دعاة حماية البيئة لتأخير استراتيجياتها المقررة لتحديد ومعالجة الآثار الصحية لتعطل الغدد الصماء، بسبب جماعات الضغط من مصنعي المبيدات والصناعات الكيماوية.

وفي الشهر الماضي، ذكرت صحيفة "غارديان" مزاعم بأنَّ وثيقة رئيسية في الاتحاد الأوروبي قد "حجبت"؛ لأنها قدمت المعايير التي من الممكن أنَّ تؤدي إلى حظر 31 مبيدًا بمليارات من اليورو.

وقال جنسن: "نحن أيضًا تأثرنا سلبًا من جراء التأخير".

وذكر مدير وكالة حماية المحاصيل الأوروبية آنذاك، جان شارل بوكو: "ولكن في الوقت ذاته نحن نفهم أننا إذا أردنا أنَّ يكون النهج القائم مبنيًا على العلم، لذا نتأخر أحيانًا".

ودعا جراندجين اللجنة لنشر معاييرها لتحديد الاختلال الكيميائي في الغدد الصماء EDCs، مضيفًا: "لدينا حاجة ماسّة للوقاية واللجنة لديها السلطة للبدأ، نحن في حاجة إلى أنَّ تبدأ في ذلك قريبًا جدًا جدًا".