بقلم د. وحيد عبدالمجيد
تقييم أداء الرئيس فى المائة يوم الأولى عرف سياسى أمريكى يحظى باهتمام واسع رغم ضعف دلالته. وإذا تأملنا الرسالة التى بثها الرئيس ترامب بهذه المناسبة، نجد شيئاً من التناقض, فقد تحدث عن إنجازات هائلة. وقال فى الوقت نفسه إن القياس على هذه الفترة القصيرة اعتباطي.
وبعيداً عن المواقف المتعارضة فى تقييم أداء ترامب، ربما يكون سعيه إلى التكيف مع تقاليد الديمقراطية الأمريكية ومؤسساتها هو الأكثر أهمية وإيجابية فى هذه الفترة القصيرة. تبدو المسافة بعيدة بين ترامب اليوم، وذلك المرشح الشعبوى المنفلت الذى استهان بما لم يرق له، واستباح من اختلف معه. صار رئيساً متزناً أو يسعى لأن يكون كذلك، وحريصاً على التكيف مع مؤسسات وتقاليد أسهب فى هجائها خلال حملته الانتخابية.
لم يجادل كثيراً فى حجية أحكام القضاء الذى جمد مرسوماً أصدره تنفيذا لأهم وعوده الانتخابية، ولم يتحايل عليه بخلاف ما يفعله حكام شعبويون لا يجدون مقاومة لانتهاكهم القواعد الديمقراطية، بل أصدر مرسوماً معدلاً حاول أن يجعله أقل تشدداً. وعندما أوقف تنفيذه أيضاً، لجأ إلى الطريق القانونى الصحيح سعياً إلى تفعيله. كما راجع الكثير من المواقف الحادة والغريبة التى تبناها فى حملته الانتخابية، وأبدى مرونة لا يصدر مثلها عن حاكم شعبوى يزعم أنه صاحب رسالة أو منقذ لشعب أو دولة. لم يكابر عندما ازدادت الدلائل على تورط مارك فلين الذى عينه مستشاراً للأمن القومى فى علاقة مريبة مع روسيا. أما أهم ملامح التكيف الإيجابى فى هذه الفترة على الإطلاق فهو أنه لم يختر معاونين يشبهونه، بل كون فريقاً مميزاً على مستوى رفيع، ويتمتع معظم أركانه بقدرات كبيرة كل فى مجاله. وظهرت بصمات هذا الفريق فى أهم التحولات التى حدثت فى سلوك ترامب السياسى فى المائة يوم الأولي. ورغم أنه لم يراجع نفسه بعد فى مواقفه الحادة ضد الإعلام، وفى نزعته المغالية إلى انتهاج سياسة اقتصادية حمائية قد تلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي، فقد حقق معدلاً معقولاً للغاية فى اتجاهه إلى التكيف مع القواعد السياسية المعتادة فى وقت قياسي.