حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي

 فلسطين اليوم -

حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي

بقلم : رجب أبو سرية

بعد استقالة أفيغدور ليبرمان من الحكومة الإسرائيلية، وانسحاب حزبه "إسرائيل بيتنا" من الائتلاف الحاكم، يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام عدة خيارات، ليست سهلة، لكنها لا تضطره بالضرورة إلى تبكير موعد الانتخابات العامة، كما طالب بعض الإسرائيليين خاصة من المعارضة، وكما يتوقع بعض المراقبين الفلسطينيين، ورغم ذلك فإن ما كانت قد شهدته هذه الحكومة من "استقرار سياسي" لم يتمتع به كثير من الحكومات من قبلها، لن يطول كثيرا، وذلك بعد أن تلقت الصفعة الناجمة عن استقالة الرجل وانسحاب حزبه، التي نغّصت عليها نشوتها المتواصلة منذ عام، أي منذ إعلان دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وما تبعها خلال هذا العام من "فتوحات" تطبيعية نتنياهوية لعدد من دول الخليج العربية.

أولا وقبل كل شيء، لا تفقد الحكومة أغلبيتها البرلمانية مع انسحاب حزب ليبرمان، فهي لا تزال تحتفظ بالأغلبية البسيطة، أي بـ61 عضوا من أصل 120، وهي بالمناسبة كانت بدأت حكمها بهذه الأغلبية، حيث إن ليبرمان وحزبه كانا قد انضما للحكومة بعد نحو العام من تشكيلها، كذلك كانت حكومة اسحق رابين التي عقدت اتفاق السلام مع (م ت ف) تتمتع بمثل هذه الأغلبية، التي لم تحل دون أن تقدم على الخطوة التاريخية، بعقد اتفاقات أوسلو.
كذلك لا بد من التذكير بأن بضعة أشهر فقط لا تتعدى الأربعة هي التي تفصلنا عن الموعد الطبيعي لإجراء انتخابات الكنيست الواحد والعشرين في إسرائيل، حيث في آذار القادم تكون قد مرت أربعة أعوام على إجراء الانتخابات السابقة.

كل هذا كان يدركه بنيامين نتنياهو وهو يقوم بشلّ يدي وزير دفاعه، خلال الأشهر الماضية، ويحاصره، ويمنعه من الظهور كوزير دفاع قوي، أو قادر على فرد عضلاته واستعراضها أمام جمهور اليمين الإسرائيلي، خاصة مستوطني ما يسمى غلاف غزة، الذين كانوا يتنمرون عليها، ولا يطيقون رؤية البعوضة وهي تدمي مقلة الأسد، وذلك من خلال ما يحدثه الشباب الفلسطيني من صخب على الجانب الآخر من السياج الشائك الفاصل بين غزة وإسرائيل،

استمر منذ آذار الماضي وحتى الآن، دون أن تنجح إسرائيل بكل جبروتها في وضع حد له ولما يسببه من صداع لها.
لكن لماذا اختار ذلك نتنياهو، فعلى الأغلب لأنه كمسؤول أول يرى المعادلة السياسية من كل جوانبها، فهو لا يريد أن يشوش على "فتوحاته" الخليجية، كذلك هو يدرك أن ترامب صار أضعف قليلا بعد انتخابات الكونغرس النصفية، ولا ينقصه سبب إضافي لتعطيل إعلان صفقة القرن، ثم إنه يعرف ما هي حدود غزة، وأن اندلاع حرب معها، قد يعطل جهده في إخراج إيران من سورية، بل وفي متابعة حصارها ومحاربتها وتقليص نفوذها في الشرق الأوسط، ويدرك تماما بأن غزة بعد أن رفع إسماعيل هنية راية المقاومة السلمية لا تشكل تهديدا أمنيا وجوديا لدولته ولا بأي حال من الأحوال، فلم المبالغة في الرد على البالونات الحارقة، وكل ما تريده غزة هو لقمة خبز وكهرباء واتصال خارجي عبر الوسيط الذي تقبله إسرائيل، إن كان الأمم المتحدة، مصر، تركيا أو قطر، بل وحتى بصيغة اتفاقية كوندوليزا رايس، أي مع مراقبة خفية إسرائيلية على المعبر الخارجي عبر الكاميرات.

ولعل بنيامين نتنياهو قد عبّر في احتفائه بذكرى ديفيد بن غوريون يوم استقالة ليبرمان، وحاول أن يظهر لأول مرة صورته كقائد تاريخي لإسرائيل حين تحدث عن القرارات الإستراتيجية التي قد لا تعجب بعضا من الجمهور لكن صحتها ستظهر لاحقا، وهو يقول هذا بعد أن تولى الحكم بأطول فترة منذ بن غوريون، وبعد أربع حكومات ترأسها، في إشارة تغمز من قناة منافسه على زعامة اليمين الذي كان قد فاز بستة مقاعد فقط في الانتخابات السابقة.

لكن نتنياهو الذي ظفر مع آخر حكومة شكلها باستقرار لم تشهده حكوماته السابقة، لديه مشاكل تتمثل في كونه مضطراً لأن يجد حلا لوزارة الجيش، التي كان يطمح فيها شريكه اليميني الآخر، الطامح أيضا لوراثته كزعيم لليمين ونقصد بالطبع نفتالي بينيت زعيم البيت اليهودي.

فقد كان الرجلان - ليبرمان وبينت - شريكين مناكفين طوال عمر الحكومة الرابعة والثلاثين في تاريخ إسرائيل، ورغم أن البيت اليهودي حاز على ثمانية مقاعد في الكنيست العشرين، إلا أن تكتيك ليبرمان، الذي كان قد تريث في انضمامه للحكومة الحالية، منحه إياها، في حين كان يصعب على الليكود أن يمنح وزارتي الجيش والخارجية للأحزاب الشريكة، لذا فقد احتفظ نتنياهو بالخارجية إلى جانب الصحة والآن بوزارة الأمن، وهذه مشكلة.

كيف يحلها نتنياهو هذا هو مربط الفرس، فبينت بدأ منذ لحظة استقالة ليبرمان بابتزازه مطالبا بها، وإلا فانه سيجبر رئيس الحكومة على الذهاب المبكر للانتخابات، حيث معروف بأن تبكير الانتخابات عادة ما يضر بحظوظ الأغلبية في الانتخابات القادمة.

يمكن القول إذا إن عهد نتنياهو قد بدأ في الأفول، وان معركة وراثته في زعامة اليمين قد انفتحت خاصة بين شريكيه في الحكومة الرابعة والعشرين، أي ليبرمان وبينيت، ذلك أن شخصية نتنياهو القوية قد أضعفت رموز الليكود، بحيث لا يبدو أن هناك واحدا منهم يمكنه أن يقود الليكود في المرحلة التالية، وإذا كان بينيت يعتمد في صعود نجمه على مستوطني الضفة الغربية، فإن ليبرمان قد أضاف إلى جمهور ناخبيه مستوطني غلاف غزة، الذين عارضوا، بل وتظاهروا علنا ضد موافقة الكابينت على وقف النار مع غزة.

لذا بتقديرنا يحتاج نتنياهو إلى وقت حتى يحتوي على نتائج ما حدث، لكن السؤال هو هل يسعفه الوقت، خاصة إذا ما اضطر ترامب لإعلان صفقة القرن قريبا، لذا فالمهم هو أن نتنياهو قد تعرض إلى "خضّة" أو هزة، كما حدث مع حليفه ترامب قبل أسبوع، وكل هذا يغري الجانب الفلسطيني ليعيد ترتيب أوراقه، حتى يفرض واقعا أكثر توازنا في معادلة الصراع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"

GMT 04:20 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

معاوية محمد نور رائد الحداثة الأدبية الفكرية في السودان

GMT 14:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

ابرزي جمالك بالتوربان مع هذه اللفات العصرية الأنيقة

GMT 08:43 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تويتر تطلق سياسة جديدة بشأن التغريدات المخالفة المحذوفة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday