حدود الدور التركي في سورية
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

حدود الدور التركي في سورية

 فلسطين اليوم -

حدود الدور التركي في سورية

بقلم : هاني عوكل

لا تنفك القيادة التركية توجّه تهديدات بشأن التحرك العسكري صوب منبج السورية، التي يفصل بينها وبين عفرين في الشمال أقل من 150 كيلومتراً بقليل، غير أن هذه الرسائل تنطوي على أبعاد متنوعة، خصوصاً أن منبج تقع تحت سيطرة الأميركيين والأكراد.

سؤال التحرك التركي إلى مدينة عفرين والسيطرة عليها بعد حوالى شهرين من القتال المتواصل مع الأكراد هناك، يرجع إلى رغبة القيادة التركية في صياغة المشهد السوري وفق المصالح التركية الإستراتيجية، وهذا بدأ منذ أوائل النزاع السوري عام 2011.

تركيا حاولت ممارسة نفوذ إقليمي في سورية بهدف تعظيم حضورها في المشهدين الإقليمي والعالمي، فضلاً عن تأمين حدودها مع جيرانها العرب وفي القلب منهم سورية، لكن التدخلين الروسي والأميركي في النزاع السوري جعلا مهمة تركيا صعبة للغاية.

من ذلك على سبيل المثال أن الحكومة التركية نادت ليلاً نهاراً بضرورة إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري تهدف إلى حصر مسألة التدفق الديموغرافي في تلك المنطقة، وبالتالي فرملة لجوء السوريين إلى تركيا. إنما الهدف الأساس من إقامة هذه المنطقة هو منع أي وجود كردي مسلح في الشمال السوري، وضبط الحدود بطريقة حديدية تمنع التواصل الكردي في شقه السوري مع الآخر التركي.

أنقرة التي دخلت في علاقات صعبة مع روسيا على خلفية حادثة طائرة السوخوي التي أسقطتها الدفاعات التركية فوق السماء السورية، عادت تفكر أن وقوفها في عداوة مع موسكو لن يجلب لها المنفعة وإنما الضرر، ولذلك عاد الود حين اعتذر الرئيس رجب طيب أردوغان عن هذا السلوك.

بعد الاعتذار التركي حصلت الانفراجة بعودة المياه إلى مجراها، والأهم أن تركيا حظيت بدور معقول في الملف السوري، من حيث التأثير على شركائها السوريين للدخول في مفاوضات حضّرت لها كل من روسيا وإيران وتركيا.

ويجوز القول: إن أنقرة استفادت من تحسن علاقتها بموسكو، وهذا جعلها تتحرك عسكرياً لطرد الأكراد من محيط عفرين السورية، ذلك أن روسيا هي التي وافقت على هذا التحرك، وكذلك فعلت الولايات المتحدة الأميركية، أو على الأقل غضت الطرف عن التحرك التركي وتفهمته.

لكن وجهة أنقرة لا تستهدف عفرين فقط، إنما تريد القيادة التركية أن تطمئن لمسألة إزالة التهديد الكردي، والعمل على تفتيت أي تواصل جغرافي كان يمكن له أن يشكل حزاماً أمنياً في الشمال السوري، ولذلك كانت الحلقة الأضعف في عنوان عفرين التي كان يسيطر عليها الأكراد.

معادلة منبج مختلفة 360 درجة عن عفرين بحكم أن الأميركيين هناك، وهم وحدهم من يستطيعون فرملة التحرك التركي، وأساساً من غير المستبعد أن تقدم أنقرة على مغامرة خطيرة دون موافقة الأميركيين في هذا الأمر.

ما تريده القيادة التركية لتحقيق الجزء الأهم من أهداف عمليتها، هو محاربة الأكراد في الشرق من عفرين نحو منبج، ونقلهم بالسلم أو القوة إلى شرق نهر الفرات، بحيث لا يكون هناك أي تواجد كردي من غرب الفرات.

بطبيعة الحال لو كان الأمر بيد الأتراك لأنهوا الأكراد في منطقة واسعة يسيطرون عليها تصل إلى حوالى ربع الدولة السورية، إنما هناك مخاطر كبيرة من مثل هذا الإجراء، لأنها تعني أولاً توتراً شديداً في العلاقات مع الحليفة واشنطن، وثانياً توتراً مع روسيا التي تربطها علاقات جيدة مع الأكراد أيضاً، إلى جانب الحساسية الدولية من مثل هذا التحرك.

لهذه الأسباب لم تقبل القيادة التركية على التحرك صوب منبج، ولذلك نسمع بين الوقت والآخر عن تصريحات تهدد بالذهاب إلى هناك، وهي في الأساس رسائل تصل إلى الأميركيين من حيث أن عليهم تفهم الموقف التركي من العقدة الكردية.

أما أن تبقى أنقرة إلى الأبد في سورية، فإن هذا الأمر غير منطقي ولن تشكل عفرين عنواناً لسيطرة دائمة هناك لأكثر من اعتبار، وهو أن الوجود الدائم في سورية سيعني بشكل أو بآخر مواجهة بين النظامين التركي والسوري بعد أن تتمكن القوات الحكومية السورية من إزالة أهم المهددات في حساباتها.

ثانياً: لن تقبل روسيا بإقامة تركية دائمة في سورية، لكنها تستوعب أن لأنقرة مصالح في الملعب السوري، حالها من ذلك حال إيران وإسرائيل، ولذلك فإن موسكو تتعامل مع تركيا في الملف السوري بمنطق «الأخذ والرد» وهي سياسة تقوم على تقاسم المصالح في المنطقة.

ثالثاً: قد تتأجج الأوضاع الداخلية في تركيا على خلفية السيطرة الدائمة على عفرين، ناهيك عن تأثير الوجود الدائم على الفواتير السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولذلك فإن تركيا تراهن في سعيها إلى تحقيق أهدافها بإضعاف الوجود الكردي في سورية إلى مرحلة لا يشكل فيها خطراً على المصالح القومية التركية.

أغلب الظن أن النظام السوري لا يعتبر الجارة تركيا بعبعاً بالمعنى الحقيقي حتى وإن سيطرت على عفرين، خصوصاً أن روسيا هي التي ترسم خريطة النفوذ وهي التي تمتلك قوة التأثير في الملف السوري، وبالتالي من غير المستبعد أن تجد قناةً للحوار بين البلدين تؤسس لعلاقات صحية بينهما.

هذا هو هامش النطاق الذي تلعبه تركيا في سورية من دور كان يذهب إلى توسيع النفوذ لتأكيد الحضور الإقليمي وتعظيمه بالرهان على دول تابعة لها أو تسير في فلكها، إلى دور يؤكد أحقية أنقرة في تأمين مصالحها الإستراتيجية بإزالة التهديد الكردي من الشمال السوري.

المصدر : جريدة الأيام

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدود الدور التركي في سورية حدود الدور التركي في سورية



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 06:05 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 22:13 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"تحديد موعد النظر في شكوى فلسطين ضد "الفيفا

GMT 19:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

غياب كنكوني والعازمي عن مباراة برقان وكاظمة

GMT 12:54 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

ظافر العابدين ينتهي من تصوير المسلسل البريطاني Fearless

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 21:53 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

ضعف الأظافر وتساقط الشعر دليل عن نقص الفيتامينات في جسدك

GMT 10:05 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء الأسيرات المحتجزات في أسوار سجون "الاحتلال "

GMT 11:38 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستخبارات العراقية تعتقل 3 من قيادات داعش في الأنبار

GMT 19:37 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

رياض المالكي يعلن إعتراف كولومبيا بدولة فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday