قراءة في رباعية إسطنبول
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

قراءة في رباعية إسطنبول

 فلسطين اليوم -

قراءة في رباعية إسطنبول

بقلم : هاني عوكل

تُعقد القمة الرباعية بين رؤساء كل من روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا يوم غد السبت في اسطنبول، وسط مساحة كبيرة من الخلاف حول الملف السوري الذي يُشكّل عنوان اجتماع هذه الدول للبحث في العديد من الموضوعات وفي القلب منها مشكلة اللاجئين.

يمكن إطلاق مصطلح قمة الأولويات على اجتماع اسطنبول، انطلاقاً من الحاجتين الفرنسية والألمانية للتركيز تحديداً على موضوع اتفاق إدلب ومصير اللاجئين السوريين الذين يعيشون في أوروبا، علماً بأن باريس وبرلين تحضران إلى القمة وتتحدثان باسم الاتحاد الأوروبي.

هي قمة الأولويات لأن فرنسا وألمانيا ترغبان في كسر الاحتكار الروسي للملف السوري، والمشاركة فيه من باب تحقيق مصالح معقولة، ذلك أن القمة ستخوض في موضوعات كثيرة من بينها اللجنة الدستورية وإعادة إعمار سورية.

بطبيعة الحال لن تخرج القمة بقرارات كبرى، فهي تشاورية تناقش في مسألة الالتقاء بين أطرافها الأربعة حول قضايا يمكن التفاهم حولها. غير أن ما يلفت الانتباه إلى هذه القمة أنها مصغرة يغيب عنها لاعبون مؤثرون بقوة في الملف السوري هما الولايات المتحدة الأميركية وإيران.

في مسألة الغياب هذه يمكن القول إن واشنطن لها أجندتها الخاصة في سورية وهي تشتغل على هذا الأساس، مع توفر حد معقول من التنسيق مع روسيا لتجنب أي صدام عسكري فوق الأراضي السورية. فضلاً عن ذلك فإن أولويات الولايات المتحدة حول الملف السوري مختلفة تماماً عن أولويات الرباعي روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا.

ملف اللاجئين السوريين لا يهم واشنطن كثيراً كونها ليست متضررة من هذا الملف أولاً، وتمتلك معايير وسياسات محددة لاستقبال اللاجئين بأعداد مقبولة ومقننة، وبالتالي أولوياتها لا تتعلق بهذا الملف وإنما الأهم بالنسبة لها يتعلق بمصير الوجود الإيراني في سورية.
على هذا الأساس تتحرك واشنطن، ولذلك من غير المستبعد أن تقايض وجودها العسكري في سورية بمغادرة إيران تماماً عن الساحة السورية، مع رغبة أميركية في وجود معارضة تهتف باسمها وتكون عينها وعقلها في الداخل السوري.
من ذلك ربما لم ترغب واشنطن أن تكون طرفاً في قمة تُحرّكها أو تقودها وتدعو إليها روسيا، وتشعر بأن قوتها وحضورها في سلم النظام الدولي يعطيها أهلية التفاوض المباشر والثنائي مع موسكو أو ترك المفاوضات جانباً والمضي في ترسيخ أجندتها بسورية.

أما عن غياب إيران في قمة اسطنبول التي لم تُدعَ لها فله علاقة بحساسية الدول الأوروبية من هذا الوجود، وربما شعرت موسكو أن جلب طهران إلى هذه القمة سيوسع من دائرة الخلاف مع كل من فرنسا وألمانيا، فضلاً عن أن روسيا مدركة بأن كل الدول التي تقف في الطرف الآخر من موقفها إزاء الأزمة السورية ترغب في إنهاء الدور الإيراني بالأخيرة، وبالتالي قد يُشكّل عقد مثل هذه القمة رسالة إلى القيادة الإيرانية بأن عليها إعادة النظر في مسألة وجودها في سورية.

عودة إلى القمة الرباعية، يمكن القول إن مشاركة فرنسا وألمانيا فيها تأتي بهدف منع قيام أي عملية عسكرية في إدلب، لأن مثل هذا الفعل إذا حدث فإنه سيسمح بولادة موجة جديدة من المهاجرين السوريين، وبالتالي سيؤدي مثل هذا التدفق البشري إلى زيادة تأزيم الوضع الداخلي في أوروبا.
أيضاً هناك تصميم ألماني على معالجة ملف اللاجئين السوريين، خاصةً وأنه شكل تحدياً كبيراً للدول الأوروبية وعلى رأسها برلين التي طالتها سهام المعارضة التي دعت إلى وقف سيل الهجرة وإعادة اللاجئين إلى بلادهم.
موضوع اللجنة الدستورية توليه الحكومتان الفرنسية والألمانية كل الاهتمام أيضاً، على قاعدة تشكيل حكومة سورية ملونة ومحكومة بأطرافها وفاعليها على الأرض، والأهم حكومة مقبولة من جانب المجتمع الدولي تحظى بترحيبه واشتراطاته.
ملف إعادة الإعمار يأتي في آخر سلم الأولويات في الأجندتين الفرنسية والألمانية لأنه مرتبط بالنسبة لهما بحل باقي الملفات الأخرى، دون إسقاط رغبتهما في أن يكون لهما حصص في الاستثمارات لكن بعد أن تضع الحرب أوزارها.

هذه الأولويات ليست بذات سلم الأولويات الروسي، ذلك أن موسكو تسعى إلى تنفيذ ثلاثة عناوين، الأول إنهاء ملف إدلب الذي قال عنه وزير الخارجية سيرجي لافروف إنه مؤقت وينبغي حله بشكل نهائي والتركيز على منطقة شرق الفرات التي تخضع لنشاطات مشبوهة.

القصد من ذلك أن روسيا مهتمة لجهة حسم ملفات النزاع الكبرى مثل إدلب والمناطق التي تقع شرق الفرات، فضلاً عن الملف الكردي في الشمال السوري، والعنوان الثاني يتعلق بدعم روسي لحكومة سورية مُحرّكها ورأسها وجسمها هو النظام الحالي. العنوان الثالث يتصل بإعادة إعمار البلاد الآن، على اعتبار أن هذا الجو قد يُحفّز اللاجئين والنازحين على العودة إلى ديارهم.

الأجندة التركية أكثر ما يهمها هو الملف الكردي فضلاً عن دعم أصدقائها في المعارضة السورية المعتدلة والدفع باتجاه تشكيل حكومة سورية مستقبلية تستوعبهم، ولذلك يمكنها –أنقرة- أن تتنازل عن بعض مصالحها في سبيل إنهاء التهديد الكردي في خاصرتها الجنوبية.

أيضاً موضوع اللاجئين واحد من الملفات التي تعطيها أنقرة أهمية، لكنها ليست بذات الأهمية التي تعطيها كل من فرنسا وألمانيا انطلاقاً من فوائد ومزايا اللجوء وسهولة العيش والتجنس في الأخيرتين، فتركيا بحكم الجوار ومصاعب اللجوء فيها، تدرك أن ملف اللاجئين ممكن حله إذا تحسنت الأحوال في سورية.

قمة اسطنبول التي تعقد غداً استطلاعية لن تجني من الشوك العنب، فهي قمة تريد منها ألمانيا وفرنسا أن تقولا "نحن هنا"، وعلى الجانب الآخر ترى روسيا أن القمة محطة للبحث بهدف التقريب في وجهات النظر وتحديد الثمن الذي يمكن دفعه للخوض في عملية سياسية جدية.
ومرةً أخرى يغيب الموقف العربي عن كل هذه القمم والاجتماعات، سواء جنيف أو سوتشي وحتى أستانة، وكأن النزاع يحصل في بلاد ليست عربية، ومنطقة خارجة عن محيط الشرق الأوسط الذي يُراد له شيطنة دائمة لتعميق التبعية بالخارج. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في رباعية إسطنبول قراءة في رباعية إسطنبول



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"

GMT 04:20 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

معاوية محمد نور رائد الحداثة الأدبية الفكرية في السودان

GMT 14:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

ابرزي جمالك بالتوربان مع هذه اللفات العصرية الأنيقة

GMT 08:43 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تويتر تطلق سياسة جديدة بشأن التغريدات المخالفة المحذوفة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday