ذكريات في ذكرى غسان كنفاني
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

ذكريات في ذكرى غسان كنفاني

 فلسطين اليوم -

ذكريات في ذكرى غسان كنفاني

سما حسن
بقلم : سما حسن

فاجئنا الأيام وتصدمنا التواريخ والأرقام، تتمعن بما كنت تمر عليه مرور الكرام، وتكتشف مصادفات ومفارقات وتتنهد وأنت تسند رأسك إلى الخلف وتقول: سبحان الله. وهذا ما يحدث قليلا لأن صخب حياتنا أصبح يلاحقنا بسوط ثقيل فلا نتوقف لكي نلتفت، ولكني فعلت ذلك والتفت ورأيت في حياة غسان كنفاني وكيف دخل إلى حياتي وأغرمت بكتاباته ومقولاته، رأيت واكتشفت ما يجعلني أقول، إن للآخرين بصمات في حياتنا ونخطئ حين نقول إننا قد اخترنا وحدنا وبمفردنا.

تأملت في تاريخ وفاة الكاتب والروائي والصحافي والناقد غسان كنفاني فوجدت انه قد توفي وأنا لا زلت رضيعة ابنة ستة اشهر، وانه ولد في العام 1936 وهذا العام لا انسأه أبدا، فهناك عدة أشخاص بالقرب مني قد ولدوا في هذا العام.

غسان كنفاني دخل إلى حياتي في العام 1988 بالتحديد ولم اقرأ له بالطبع في كتاب مدرسي، ولكنه دخل بيتنا بكتاب يحمل اسم "الأعمال الكاملة" ولهذه قصة طويلة، واختصارها إنني كنت من جيل الثمانينيات الذي اغرم بالمراسلة كهواية، وحدث أن نشرت أول قصصي القصيرة في جريدة القدس اليومية وقتها وذيلت القصة برقم صندوق بريد أبي وكنت انتظر رأي القراء على سذاجة مني فيما كتبت وفوجئت بصندوق بريد أبي ممتلئا برسائل ترحيب وعرض للمراسلة من شتى أنحاء فلسطين، وهكذا وجدت رسالة من شاب من غزة كتب لي فيها منتقدا ما خطته يدي من قصة قصيرة وظل ينتقد وينتقد ويقارن ظلما وجورا أسلوبي بأسلوب غسان كنفاني، وبأن علي أن اقرأ واقرأ، وهكذا وقعت على اسم غسان كنفاني لأول مرة في حياتي في هجوم لم أكن مسؤولة عنه فقد كنت مجرد كاتبة صغيرة في باب الهواة في الجريدة ليس اكثر.

حملت أمي اسم الشاب لزميلة لها في المدرسة والتي أخبرتها ان هذا الشاب يمت بصلة قرابة لها، وبدورها أخبرته انني ابنة لزميلتها وهكذا دون تردد وعلى وجه السرعة كانت أمي تعود من المدرسة ذات ظهيرة وفي يوم إضراب شامل حيث لم تتوفر المواصلات وقتها وعادت سيرا على قدميها وهي تحمل المجلد الضخم وصوت لهاث صدرها يسبقها بأمتار، فقد كانت أمي تعاني من الربو المزمن، فحزنت عليها وقد عنفتني في غير شدة وهي تقول: خذي هذا الكتاب، هذا ما ينالني من حبك للكتب، ألقته نحوي وقد تلقفته وبدأت دخول عالم قصص غسان كنفاني.

وهكذا قرأت كل القصص في المجموعة الضخمة، وبدأت اكتشاف ان الأدب مقاومة مثلما قال وكرر، وان قصة قصيرة تغني عن ألف سلاح، وقررت ان استمر في الكتابة رغم تحفظ أمي وبأن علي ان ادخل المطبخ لكي اتمرن لأصبح ربة بيت ماهرة، ولكن ذلك لم يحدث واصبح لي ركني المظلم الذي أقرأ فيه خلسة عن اجتماعات العائلة، والذي استغل انشغال أمي بجاراتها في ساعات ما بعد العصر لكي اقرأ وأبحر في العالم البعيد الذي تأخذني إليه القراءة.

مرت سنوات طويلة وكان اللقاء الثاني مع صاحب الكتاب الذي أرسله لي وانقطعت أخباره وعلمت انه قد اصبح معتقلا في سجون الاحتلال خلال سنوات الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجارة"، وعلمت انه قد نال حكما لخمسة عشر عاما، وهكذا انطوت ذكراه ولكني لم انس اسمه، وبأنني قد قرأت ملامح ثائر على رسالة وحيدة أرسلها لي، رسالة أشعرتني انه يحمل السلاح ويهتف في التظاهرات ويرفع الشعارات، حتى كان اللقاء الثاني.

اللقاء الثاني كان في عيادة عامة ولفتني اسم طفله، فالتفت نحوه، فوجدت أمامي رجلا مهزوما، مهزوم الحلم ومهزوم العاطفة، كان شعره اشعث يخالطه الشيب، ولم يكن يتحدث عن الثورة والنضال ولا عن أي شيء، كان يهمس لامرأة عادية جواره عن ضرورة شراء البندورة في طريق العودة على المنزل، ويوصيها ألا تنسى تقديم خافض الحرارة للصغير.

قد يهمك أيضا :  

عندما نألف النِّعم

  في وداع فاروق مواسي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكريات في ذكرى غسان كنفاني ذكريات في ذكرى غسان كنفاني



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 19:58 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

4 انتصارات في ختام دوري الدرجة الأولى

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

منتزهات" الطائف" للتمتع بالطبيعة الخلابة والمساحات الخضراء

GMT 10:59 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

قائمة المرشحين لحصد جوائز "أوسكار" 2019 تخرج إلى النور

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة مؤثرة من الأميرة هيا بنت الحسين إلى شقيقها الأميرعلي

GMT 00:52 2014 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

اليابان تكشف النقاب عن الروبوت الأسرع في العالم

GMT 08:10 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سارة نخلة تُشارك في مسلسل "هبة رجل الغراب 4"

GMT 05:51 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

"رجال الأعمال" "قرار 800" يدفع الشركات الأجنبية للهروب من مصر
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday