عن كتاب «سلالة فرعون» لأحمد رفيق عوض
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

عن كتاب «سلالة فرعون» لأحمد رفيق عوض

 فلسطين اليوم -

عن كتاب «سلالة فرعون» لأحمد رفيق عوض

تحسين يقين
بقلم : تحسين يقين

كلما تقدمنا بقراءة الكتاب، تعمق إحساسُنا، وانطباعنا الأول عن رسالة الكتاب وهدفه، خصوصاً في سياق متابعتنا لإنجازات الكاتب الروائية وفكره الإنساني الملتزم، واهتمامه الأصيل بمسألة تأثيرات نظم الحكم عبر التاريخ، وما آلت إليه. وما يدفعنا لذلك هو أن الكاتب قد باح باهتمامه هذا قبل 3 عقود، والأمر الآخر، ولعله الأكثر أهمية أن د. أحمد رفيق عوض، وعلى مدار 3 عقود أيضاً، يعد من أهم الأصوات الروائية العربية والفلسطينية، فما باله كروائي مهم يعمد لنشر هذا الكتاب؟

ليس غريباً أن يرتبط الروائي بشكل خاص، بالتحولات في المجتمع، وروايات أحمد رفيق عوض هي أصلاً، رواية تحولات الزمان، بل تحولات الأزمنة والأمكنة، فكان من الواضح والمبرر اهتمام الكاتب بنظم الحكم، والتي دفعته لوصفها ورصد تجلياتها في الحياة، باتجاه نقدها. لذلك، أجد نفسي منتصراً لفكرة أن الكاتب عوض في «سلالة فرعون» إنما أراد نقد هذه السلالة، التي تتشابه وإن اختلفت خرائطها الجينية والدم، لما شكله السيد فرعون، من رمزية عظمى للتحكم والاستبداد، وصولاً لـ «سي السيد» المتحكم الذكوري اجتماعياً.

وهذا يؤكد فكر الكاتب الروائي، والذي استطاع عبر رواياته الإيحاء به، أكثر من التصريح، من خلال تفاعل الشخصيات والواقع، من منظور فهمه لتغيرات التاريخ ودور القوى المؤثرة، حيث وصفها وحللها أدبياً، تاركاً للقارئ دوره في التغيير.سنجد أنفسنا إزاء الديكتاتورية السياسية؛ فالعنوان الرئيس، وتحته العنوان الفرعي الأكثر طولاً: حكايات مدعي الألوهية والنبوة»، يدلل على ما ذهبنا له، وصولاً إلى فكرة الكتاب الرمزية والنقدية، أكثر منها بحثية أو تاريخية، حيث يبدو أن الكاتب قد جاء بما جاء به ليقول لنا أمراً واحداً، يتعلق بنظمنا السياسية العربية على وجه خاص.

وأزعم أنني بهذه الافتتاحية قد أتيت على ما أود قوله، ويستطيع القارئ أن يتوقف هنا، فليس هناك ما هو مهم فعلاً لأضيفه!ولكن، هناك ما يمكن إضافته، وأظنه جديراً بالاهتمام، ألا وهو الجمهور، وإن تم عنونة الفصل الثالث الذي تم إفراد الحديث عنه بشكل لافت ومعمق، بـ «عملية التأليه»، مكتفياً بما عنون به الفصل السابق-الثاني، بـ «الجمهور المؤلَّه».من «لماذا التأليه» إلى «الجمهور المؤله»، بما فيه كما ذكرنا من وصف وتحليل ونقد حاد في معظم الفصل، بل كثيراً ما عنّ للكاتب نقد الجمهور خلال سياق أي موضوع يتصل به، وصولاً للفصل الرابع، حين جعل الحكام على رأس أنواع المدعين؛ حيث إن جَعْلهم في المقدمة، إنما يؤكد على أننا أمام كتاب في نقد النظم السياسية، بأسلوب مراوغ بعض الشيء.

وقد ربط الكاتب، وهو خبير إعلامي، ما بين سطوة الحكم، ونقده للجمهور، وأظنه الجمهور العربي، الذي رآه منقاداً ومتغيراً، وشعبوياً سطحياً وإن لم يذكر ذلك صراحة. وهو جوهر توصيفه للجمهور كمحكومين، وما يجعلهم لفترات طويلة مسبغين التقديس للحاكم خوفاً وطمعاً، في ظل نقده وتوصيفه معاً لبرمجة الجمهور وهندسته. ولعل د. عوض قد ذهب في تحليله إلى مدى متطرف، حين رأى «ان الجمهور مصطلح عريض وواسع، يمكن ان يتحول الى كتلة هلامية أيضاً إذا توفرت اللحظة المناسبة والخطاب المناسب والشخصية المناسبة»؛ والذي جاء في سياق تحليله السريع للظرف التاريخي لظهور مدعي الألوهية والنبوة، التي استغلها المدعي، و /أو محيطه مثلما حدث في شخصية حمزة الذي حرّض الحاكم بأمر الله  في ظل ردّ الأمور الدينية قديماً وحديثاً، في كيفية استغلالها من أجل فرض القوة والاستئثار بالثروات والسلطة وهندستها بما يحقق ترسيخ علاقات القوة.

وقد كان الكاتب معمقاً في تحليله، من هذا المنطلق، في تحليل اللحظة التاريخية لظهور المدعين/ات بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث رأى أنهم وجدوا رضى قبائلهم، رغم معرفة القبائل بكذبهم، بسبب مناهضة الهوية الجديدة والتنافس السياسي. ولعلنا هنا نضيف بما يتصل بالنظام السياسي، وهو الاقتصاد. كذلك أضاف لنا الكاتب في تحليل القرن التاسع عشر فكرياً، في ظل ظهور مدعي النبوة.من استخلاصات الكاتب المهمة، ما يتعلق بالشخصيات المستلهمة للادعاء، حيث لم تخرج عن المسيح المخلّص لدى المسيحيين و(اليهود بقدر محدود)، وبحث إمكانية وجود علاقة مع الصهيونية من خلال تشجيع هذه الادعاءات لتسريع مجيء المسيح بالنسبة للمسيحيين. أما ما له علاقة بالمسيح والمهدي المنتظر لدى المسلمين، فإن الكاتب لمح إلى ارتباط القاديانية بالاحتلال الإنجليزي للهند، من خلال مسألة الجهاد التي لم يوافق عليها غلام أحمد القادياني، كما لا ننسى أهدافاً أخرى ذاتية مثل السعي نحو المال والجنس، بل وإسقاط التكاليف الدينية.

ذكر الكاتب أنه ينطلق من المعيار «السوسيولوجي»، في سياق تأكيده بعدم إصدار الحكم، ولعلنا نزعم أن مناقشة هذه الظاهرة القديمة-الحديثة والمعاصرة، تحتاج إلى أدوات تحليل عابرة، واللجوء الى النص الديني كأحد المصادر، في التحليل، حيث شعرنا أنه قد انطلق منه في إيراد الأحكام أو الإيحاء بها.شوَّقنا الكتاب الذي استخدم الأسلوب الانطباعي المقالي، بمسحة علمية بحثية، بتحيز خاص كما قلنا لوجهة نظر سابقة، بل ومعتقد أيضا، وليس في هذا شيء، لأنه لم يتحدث كباحث ومؤرخ.

وكنا نود لو دلف الكاتب، واستحضر الأديان في الحضارات القديمة قبل الأديان السماوية، إذاً لوجد ارتباطاً وعلاقة بين الجمهور قديماً والمعتقدات، والتي كانت بلادنا هي المسرح الأول لها، ما بين النهرين والشام، ثم مصر، وفي الجزيرة العربية قبل الانتقال لمصر القديمة، ثم فيما بعد الى اليونان. باستحضاره ذلك، والذي يمكن لنا أن نستحضره، سيتعمق لدينا الموضوع.لقد أكد الكاتب في المقدمة على ما عنونه بـ «ملاحظة ضرورية»، وهي اهتمامه بـ «رصد سلوك الناس المدهش في بحثه الدائم عن خالقه»، ولعل في ذلك ما يقود إلى غريزة التدين لدى الإنسان، ليصل من خلالها إلى تحولات و/أو أشكال تلك الغريزة، والتي يمكن تفريغ الجمهور طاقته المتعلقة بها، في الانقياد للحكام، «الذين بالضبط هم من ادعوا النبوة والتأليه، صنعوا التاريخ والأحداث» كما جاء في المفتتح.

ألا يعني ذلك شيئاً؟
وأخيراً، نعود إلى تقديم رئيس دائرة العلوم السياسية في جامعة حلوان الدكتور جهاد عودة حول «ظاهرة تعدد مدعي النبوة»؛ حيث أنها كانت جذابة، أضافت معلومات جديدة، وتشكل مجالاً للتحليل والتصنيف، من حيث بلد منشأ المدعي، حيث عربياً كان المنشأ في كل من اليمن ومصر والسودان، كما يمكن أيضا فهم علاقات القرابة والتحالف بينهم، بالإضافة إلى عدم الاقتصار على الذكور، بل هناك مدعيات، كذلك عن هدف المدعين/ات وهو توحيد الديانات باتجاه الدين العالمي.

- صدر الكتاب عن دار «المكتب العربي للمعارف» -القاهرة. وهو من تقديم د. جهاد عودة رئيس دائرة العلوم السياسية في جامعة حلوان، وقد وقع في 185 صفحة من القطع الكبير. أما تصميم الغلاف فكان لعمرو حمدي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن كتاب «سلالة فرعون» لأحمد رفيق عوض عن كتاب «سلالة فرعون» لأحمد رفيق عوض



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 04:46 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أفكار مبتكرة للفواصل في ديكور المنازل العصرية

GMT 04:39 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أفكار أساسية في تصميم السلالم الداخلية للمنزل العصري

GMT 16:06 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 08:18 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة مستمرة في تعرية ظلم القضاء الأفغاني

GMT 05:54 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علي العلاق يضع اسمه على الدينار بدلاً من توقيعه

GMT 14:42 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

المستشار براك يبحث مع ممثل جمهورية مالطا دعم النيابة العامة

GMT 22:03 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مكرمة رئاسية لعدد من الحالات الإنسانية في محافظة جنين

GMT 23:43 2017 الثلاثاء ,28 آذار/ مارس

استقبال خاص لكريستيانو رونالدو في مسقط رأسه

GMT 06:36 2017 الأربعاء ,09 آب / أغسطس

390 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في 18 شهراً

GMT 22:42 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

تعرفي على شخصية حماتك من خلال برجها
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday