عمار يا فلسطين
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

عمار يا فلسطين

 فلسطين اليوم -

عمار يا فلسطين

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

«الكورونا» لا يزال يتجول، وينتقل من مكان إلى آخر، يهاجم الأغنياء والفقراء ويفرض أحكامه على الجميع، ليس لجنس أو لون، أو ملة، أو قومية، أن تتصرف بحصانة، ولا تنفع في مواجهته أكداس أسلحة الدمار، التي تفتخر الدول بامتلاكها. العالم كله فعلياً مجرد قرية صغيرة، فلا الحدود الطبيعية ولا المصطنعة يمكن أن تحول دون انقضاضه على البشر. ربما يقول الكثيرون عن حق، أو من موقع الادعاء بأنه لا يختلف كثيراً عن الانفلونزا، ولا تتجاوز نسب ضحاياه مثيلاتها إزاء أمراض، أو أوبئة أخرى، لكنه من بين القليل من الفيروسات التي تفرض على الحكومات إجراءات استثنائية، بسبب سرعة انتشاره.

العالم كله يعيش حالة حظر تجول، مَن وصله الفيروس، واستقوى على قدراته ومن لم يصله بعد، أو من لا يزال قادراً على محاصرته في نطاق ضيق. الأسوأ هو الاستهتار بالقدرة الفتاكة لهذا الفيروس، والتعامل مع خطورته بخطة، أو بالارتكان على الصلوات والأدعية، فهو لا يميز بين كافر وملحد ومتدين. لا شك أن وسائل الإعلام تلعب دوراً فائق القوة وعلى قدر ملحوظ من المبالغة والتضخيم بهدف التخويف.

تختلط الإشاعة بالإعلام الموضوعي وثمة على مستويات فردية وجماعية ورسمية من يتعمد إرباك الناس وتخويفهم، حتى لم يعد الإنسان قادراً على التمييز بين الصحيح والخطأ، حتى فيما يتعلق بالأعراض المصاحبة أو طرق الوقاية السليمة، أو حتى الوقوف على الأرقام والمعطيات الحقيقية. من حق المجتمعات الفقيرة والمتخلفة أن تقلق أكثر، حين تعجز دول متقدمة عن وقف الهجوم البيولوجي. حين تكون الصين وأوروبا الغربية والولايات المتحدة هي البيئات التي يتكاثر فيها الفيروس أكثر من غيرها، فإن النتائج التي سيتمخض عنها انتشار هذا الفيروس ستكون بحجم كارثة إنسانية كبرى.

والمستفيدون كثر، وأساساً ينتمون إلى عالم التجارة والربح ورأس المال المتوحش، بغض النظر عن الثمن الذي تتكبده البشرية. وبصراحة فإن رأس المال الذي لا يعرف إلا الربح ويبحث عنه بعيداً عن القيم والأخلاق والمصالح العامة للإنسانية، يدرك أن عليه أن يقدم بعض التضحيات، وهي طبعاً ليست تضحيات وإنما أثمان على حساب آخرين.

رأس المال العالمي لا يقيم أي وزن بحجم ونوع الضحايا، فقد حصدت الحروب عشرات ملايين البشر، وكانت الحربان العالميتان الأولى والثانية بين الدول الرأسمالية بالأساس. مدانة بقوة الدول الاستعمارية أو المتقدمة التي تنفق مليارات بل تريلويونات الدولارات في صناعة أسلحة الدمار الشامل بينما تنفق القليل على وسائل الصحة والسلامة.

ماذا يعني أن دولاً مثل إيطاليا وألمانيا وأسبانيا وفرنسا تشكو من ضعف قدراتها ووسائلها للحد من انتشار هذا الفيروس، بينما كلها دول غنية وتسابق بعضها البعض وغيرها في مجال إنتاج الأسلحة؟ في الواقع علينا أن نرفع القبعة للسلطة الفلسطينية التي بادرت بسرعة للإعلان عن إجراءات الوقاية وملاحقة ومحاصرة الأشخاص الذين تقع عليهم شبهة الاختلاط بآخرين.

الحكومة الفلسطينية وبكل أذرعها وإمكانياتها مجندة يومياً وكل لحظة لمحاصرة المشتبه بهم ومنع انتشار الفيروس، حتى أنها تفوقت على إسرائيل التي تحسب نفسها دولةً متقدمةً وتفتخر بقدراتها الاقتصادية والتكنولوجية وتفوقها العسكري. نعم، إذا قارنا عدد الإصابات بالمرض بين فلسطين وإسرائيل، فإن الأفضلية المطلقة لصالح فلسطين، حيث لا يزيد عدد المصابين عن العشرات، بينما تجاوز عددهم في إسرائيل الألفين. في فلسطين لم يفتك الفيروس بحياة أي إنسان، بل إن أكثر من ربع المصابين قد تم شفاؤهم.

وبصراحة البشرية ليست متضامنة في مواجهة هذا الفيروس، إذ إن كل دولة منشغلة بمسؤولياتها الوطنية، وهنا تكمن المسؤولية عن ضعف الدور الذي ينبغي أن تقوم به الأمم المتحدة، باعتبارها حكومة العالم المسؤولة عن الأمن والسلام الدوليين. الأمم المتحدة التي أعلنت الولايات المتحدة في عصر ترامب الحرب عليها وعلى أنظمتها الجماعية، باتت هي ومؤسساتها مجرد شاهد عيان لا سبيل لها للتذكير بحضورها، سوى أن تجمع وتنشر الأرقام ليس أكثر.

إذا كان العالم قد أصبح قريةً كونية، فإن المسؤولية عن سلامة البشرية، لا يمكن أن تكون حصرية بهذه الحارة أو تلك، خصوصاً وأن من يدعون أفضلية إدارة هذه القرية، غارقون حتى آذانهم في الذاتية والركض وراء المصالح الخاصة والربح. في غياب التضامن العالمي لا يقتصر الخطر على مواجهة مثل هذه الفيروسات والأوبئة، فثمة مخاطر أخرى مثل التلوث وذوبان الثلج والتغيرات المناخية والأوزون، وكلها تحتاج إلى تضامن أممي حقيقي.

قد يهمك أيضا : 

عن هذا الانحياز إلى الرواية الإسرائيلية

  الفوضى تسيطر على المشهد الإسرائيلي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمار يا فلسطين عمار يا فلسطين



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:21 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 10:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:30 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقديم عطر أرماني كود النسائي الأفضل لفصل الشتاء

GMT 04:23 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ريتا اور تتألق في إطلالة رائعة تجذب الأنظار

GMT 18:37 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الشرطة تحبط محاولة قتل في إحدى مستشفيات نابلس

GMT 14:51 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday