النازحون السوريون… ومصلحة لبنان
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

النازحون السوريون… ومصلحة لبنان

 فلسطين اليوم -

النازحون السوريون… ومصلحة لبنان

بقلم :خير الله خير الله

ليس في دعوة “حزب الله” الحكومة اللبنانية إلى التعاطي المباشر مع النظام السوري من أجل ترتيب عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم سوى تعام عن الحقيقة والواقع واحتقار لهما. هناك محاولة واضحة تستهدف جرّ لبنان نحو أن يكون جزءا لا يتجزّأ من “محور الممانعة” الممتد من طهران، إلى بغداد، إلى دمشق، إلى بيروت.

تقول الحقيقة والواقع أن هؤلاء النازحين السوريين موجودون في لبنان بسبب الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه والذي صار “حزب الله” شريكا فيها من منطلق مذهبي قبل أيّ شيء آخر. هل هناك عاقل يستطيع نفي هذا الكلام، خصوصا إذا عاد إلى بدايات الثورة السورية ولجوء النظام على وجه السرعة إلى القمع من أجل إطفائها؟

يطرح ذلك سؤالا في غاية البساطة لم يعد مفرّ منه في مناسبة كلّ هذه الدعوات إلى التعاون مع النظام السوري وفتح خطوط معه: هل يسيطر هذا النظام على الأراضي السورية أولا كي يعود هؤلاء الناس إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم ويعيشون فيها بأمان؟

لو كان الحزب حريصا في الأصل على السوريين وعلى بقائهم في أرضهم، لما كان ساهم في حملات التهجير في دمشق ومحيطها وفي مناطق أخرى من أجل تغيير طبيعة العاصمة السورية.

الموضوع في نهاية المطاف موضوع خيار لبناني، وذلك بغض النظر عن كون النزوح السوري إلى لبنان قنبلة موقوتة لا بد من إيجاد علاج لها. تبدأ المعالجة من حيث يجب أن تبدأ، أي بوقف المشاركة اللبنانية، عن طريق “حزب الله” في قتل السوريين وتهجيرهم. مثل هذه المشاركة لا يمكن إلا أن تكون لها انعكاسات في غاية الخطورة في المدى الطويل، خصوصا أن لا مستقبل للنظام السوري الذي صار في مزبلة التاريخ. مثل هذه المشاركة ستخلق عداء شديدا بين الشعب السوري واللبنانيين الذين يتعاطون معه بعنصرية، كما يفعل “حزب الله”. يعبّر الحزب عن مصالح إيران واستخفافها بمصير الشعب السوري ومستقبل العلاقة بين اللبنانيين والسوريين.

من هو حريص على لبنان ومن يدّعي محاربة الإرهاب لا يفعل كلّ شيء من أجل تغطية الجرائم التي يرتكبها نظام أخذ على عاتقه في كلّ وقت إذلال السوريين وإرهابهم. تعاطى النظام مع السوريين وكأنّهم بمثابة عبيد لديه. تعامل معهم بالسلاح الكيميائي والبراميل المتفجّرة ولجأ إلى تدمير المدن الكبيرة وإلى عمليات تبادل للسكّان من منطلق مذهبي حيث دعت الحاجة إلى ذلك.

قليل من المنطق يبدو مفيدا هذه الأيّام. وقليل من المنطق يعني، أوّل ما يعني، التفكير في كيفية الخروج من المستنقع السوري بدل الغرق فيه أكثر فأكثر من دون أن يعني ذلك تفادي البحث عن حلول ومخارج لمشكلة ضخمة اسمها النزوح السوري إلى لبنان.

لا بدّ من الاعتراف بأنّ هناك مشكلة لا يمكن الهرب منها. في أصل المشكلة النظام السوري نفسه الذي لا يجد عيبا في تغيير الطبيعة الديمغرافية لسوريا، متجاهلا أنّه سيصطدم عاجلا أم آجلا بحاجز الأكثرية السنّية، وذلك مهما فعل بالمدن الكبيرة ومهما قتل من السوريين ومهما أشرف على عمليات تبادل للسكان كما حصل أخيرا.

ليس التعاطي مع النظام السوري المدخل لمعالجة أيّ مشكلة مرتبطة بما يدور في سوريا، بما في ذلك مشكلة النازحين إلى لبنان. لو كان النظام السوري يريد، هو و”حزب الله” مصلحة لبنان، لكانا قبلا أن يشمل القرار 1701 منطقة الحدود بين البلدين. الدخول في حوار مع النظام السوري لا يعيد نازحا واحدا إلى سوريا، إنّما يلبي مطالب إيران التي تبدو في هذه الأيّام على عجلة من أمرها، خصوصا لجهة فرض أمر واقع في لبنان.

فحوى الموضوع كلّه أن إيران تريد إثبات أن “حزب الله” يسيطر على لبنان، مثلما أن “الحشد الشعبي” يسيطر على العراق. تستطيع الحكومة اللبنانية التلهي بالماء والكهرباء وسلسلة الرتب والرواتب. يستطيع الجيش القيام بمداهمات في عرسال وغير عرسال. المهمّ بالنسبة إلى إيران إثبات أن لبنان تابع لها وأنّه مجرّد مستعمرة تدور في فلكها. هذا ما يدفع “حزب الله” إلى الدفع في اتجاه الاعتراف بالنظام السوري الذي لا يمتلك أيّ شرعية من أيّ نوع كان باستثناء أنّه قادر على استقدام ميليشيات أجنبية تنتمي إلى مذهب معيّن للدفاع عنه. لا يجمع بين هذه الميليشيات سوى الولاء لإيران التي تسعى إلى تكريس واقع اسمه “البدر الشيعي”.

آن الأوان كي يتنبّه اللبنانيون إلى هذا الواقع الأليم الذي في أساسه رفض حكومة “حزب الله” التي ترافق تشكيلها برئاسة نجيب ميقاتي مع اندلاع الثورة السورية في مطلع العام 2011. رفضت تلك الحكومة في وقت باكر إقامة مخيمات في مناطق آمنة على الحدود السورية-اللبنانية كي يبقى وجود النازحين مضبوطا. كذلك، لا يمكن تجاهل أن المجتمع الدولي تجاهل البحث عن حلول لمشكلة النازحين وبقي همّه محصورا في الحدّ من انتقالهم إلى البلدان الأوروبية.

من يقرّر ما هي مصلحة لبنان؟ الأكيد أن دور “حزب الله”، خصوصا بعد تورّطه المباشر في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري، صار يتجاوز لبنان. إنّه جزء من الأدوات الإيرانية المستخدمة في خلق واقع جديد على الصعيد الإقليمي. لم ينكشف دور “حزب الله” في لبنان وسوريا والعراق والبحرين فحسب، بل انكشف في اليمن أيضا.

ليست الدعوة إلى الدخول في مفاوضات مع النظام السوري بريئة بأيّ شكل. تنمّ هذه الدعوة عن رغبة في تكريس لبنان عضوا كامل العضوية في المنظومة التي تتحكّم بها إيران في المنطقة. وهذا ما جعل السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ”حزب الله” يتحدث في خطابه الأخير في مناسبة “يوم القدس” عن إمكان “فتح الأجواء” أمام تدفق آلاف العناصر التابعة لميليشيات شيعية، من إيران والعراق وأفغانستان وباكستان واليمن على لبنان.

من حسن الحظ أن لبنان ما زال يقاوم. تفرض مثل هذه المقاومة اللبنانية للأطماع الإيرانية عدم تجاهل مشكلة النازحين السوريين، وكيف البحث عن حلول لها بعيدا عن أي نوع من العنصرية وبعيدا عن الاعتقاد بأنّ الحل يمكن أن يكون أمنيا. فأي تصرف يتسم بالعنصرية وأيّ حل أمني لا يمكن إلا أن يرتدا على لبنان عاجلا أم آجلا… مع الأخذ في الاعتبار أن مصلحة لبنان هي آخر هموم “حزب الله” والذين يقفون خلفه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النازحون السوريون… ومصلحة لبنان النازحون السوريون… ومصلحة لبنان



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 04:50 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

"كورونا" يضرب بمتحوره الجديد وزيادة كبيرة في الإصابات

GMT 01:15 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثة فنانيين قدموا الأخرس في السينما المصرية

GMT 00:08 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

صناع فيلم " خلاويص" يهنئون الفنانة أيتن عامر بعيد ميلاد

GMT 01:57 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تحذيرات من نشوب حرب جديدة تقضي على وحدة العراق

GMT 07:52 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

"فورد" تطلق "إكسبلورر XLT" للقيادة على الطرق الوعرة

GMT 00:32 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

روسيا تنشر مئات المدرعات والدبابات في إستونيا

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 13:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصميمات مذهلة لحمامات أنيقة لمحبي التجديد والتميز

GMT 10:44 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح هامة للقيادة بأمان في الخريف

GMT 11:21 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

المشروم يحد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم

GMT 07:06 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

منتجعات إسبانيا تفرض غرامات مرتفعة الثمن في صيف 2018

GMT 11:47 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

الحزب الحاكم في "جمهورية شمال قبرص" يفوز في الانتخابات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday