التقسيم تحت ظلال الحرب
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

التقسيم تحت ظلال الحرب

 فلسطين اليوم -

التقسيم تحت ظلال الحرب

عريب الرنتاوي

طبول الحرب تقرع بقوة في اليمين وعليه ... تصريحات وزير الخارجية السعودية أوحت باحتمال اللجوء إلى خيار القوة دعماً للرئيس عبد ربه منصور هادي و”الشرعية”، واستجابة لنداءات استغاثته ... والباب مفتوح أمام “تورط” سعودي في اليمن، يشبه في بعض جوانبه، “التورط” المصري في اليمن، زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مع الفارق في الزمان والسياق والأهداف والتحالفات ... وليس مستبعداً أبداً أن تكون نتائج التورط الثاني في حال حصوله، شبيهة بنتائج التورط الأول، والذي أفضى فقط إلى استنزاف الجيش المصري وتشتيت قواه، ما مهد للهزيمة النكراء في حزيران الأسود وتسبب بها.
الحوثيون لا يبدون فزعين من التهديدات السعودية، بل لكأنهم يستعجلونها ... والأرجح أن مصدر طمأنينتهم عائد لمعرفتهم الوثيقة بحساسية اليمنيين حيال “التدخل الخارجي” خاصة حين يأخذ شكلاً عسكرياً، وبالذات من قبل بعض جوار اليمن، حيث التاريخ القريب وليس البعيد، حافل بالحساسيات والذكريات والمشاحنات التي ما أن يُنفض عنها الغبار، حتى تنفجر كالبركان في وجه الجميع.
لكن حساسية اليمنيين حيال “الخارج” ليست وحدها السبب في طمأنينة الحوثيين، فلديهم جملة من الأسباب الأخرى، من بينها أنه سبق لهم أن قاتلوا السعودية، زمن الحرب السادسة على صعدة التي شنها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، عدو الحوثيين بالأمس وصديقهم اليوم، الحوثيون يقدمون معاركهم مع السعودية بوصفها انتصاراً لهم، والسعودية ترد هازئة، والمراقبون يتحدثون عن “التعادل”، والتعادل هنا يجب أن يأخذ بنظر الاعتبار فارق القوة والتسليح والتدريب والتجهيز، خاصة في تلك الأزمنة، التي سبقت خروج المارد الحوثي من قمقمه.
والحوثيون مطمئنون إلى قدرتهم على استنزاف أية جيوش غازية أو أجنبية، حتى وإن كانت شقيقة ... واثقون من طاقتهم على الصبر والتحمل وطول النفس، فيما لا تتوافر مثل هذه الخصال لخصومهم، الذين تتحكم بهم حسابات أخرى، تجعلهم يخشون حرب استنزاف طويلة الأمد، قد تنكأ جراحات يمنية وسعودية، وقد تعيد طرح خرائط البلدين للبحث من جديد، فنحن نعرف أن خطوط الحدود بين الدول والكيانات العربية، بما فيها تلك التي لم يرسمها سايكس وبيكو، مفبركة ومصطنعة وغير نهائية، مهما بلغت سماكة الجدران التي بنيت على امتدادها، ومهما اتسع حجم الأختام الرسمية والتوقيعات التي زُيّنت بها اتفاقات ترسيم الحدود.
والحوثيون مطمئنون إلى حليف لم يبخل على حلفائه بالمال ولا السلاح ولا العدة والعتاد، والرجال إن اقتضى الأمر، وقد أتبع القول بالفعل في كل من سوريا والعراق، ومن قبل في لبنان ... فيما حلفاء المعسكر الآخر، لا سلاح لديهم سوى المال و”السلفية الجهادية” والدعم السياسي والإعلامي عن بعد ... فكيف إذا كان هذا الحليف على أعتاب التوقيع على “صفقة القرن” مع الغرب والشرق... حوثيو اليوم، ليسوا كحوثيي الأمس، هم أكثر قوة وتنظيماً، وأشد بأساً وأفضل تسليحاً، هم الحكام الفعليون لأكثر من نصف اليمن، وهم أقوى لاعب منفرد على الساحة اليمنية، شئنا أم أبينا، رغبنا في ذلك أم كرهنا.
“الحوثيون على أبواب باب المندب”، هكذا تصيح الصحف ووسائل الإعلام المُدارة من قبل الحلف المناهض للحوثيين، في مسعى لاستثارة قلق المجتمع الدولي ومصر وإسرائيل والدول المشاطئة للبحر الأحمر ... لكن يبدو أنها ظلت صيحات في واد سحيق، فكما أن باب المندب في يد الحوثيين، واستتباعاً في يد إيران، فإن مضيق هرمز من قبل، يقع في قلب الجغرافيا الإيرانية، وليس على مبعدة مئات الكيلومترات منها، ومع ذلك ظل مفتوحاً للنفط والتجارة الدولية والسفن والأساطيل ... لم نر ردة فعل قلقة من المستهدفين بهذه الصيحات، بل رأينا عكسها .... رأينا قادة كبار في الكونغرس يعبرون عن الخشية من ضعف المعلومات والأذرع الاستخبارية الأمريكية في اليمن بعد سحب القوات الأمريكية منها، ولكن في مواجهة القاعدة و”داعش” والإرهاب، وليس في مواجهة الحوثيين أو حلفائهم الإقليميين.
كلما قرعت طبول الحرب وارتفعت أصواتها، كلما زادت احتمالات تقسيم اليمن ... والأرجح أن نتاج هذه الجولة من الصراع في اليمن والصراع عليه، لن تفضي إلى تدخل عسكري عربي أو دولي غير واقعي وغير مرغوب وغير ممكن، داعم لـ “شرعية” هادي في جنوب اليمن، بل إلى التسليم بأن شمال البلاد، قد خضع للحوثيين وحلفائهم، ولإيران من ورائهم ... وأحسب أن أصواتاً خليجية وسعودية بالذات، باتت تتحدث بوضوح عن هذا السيناريو وترجحه وتفضله، بل وباتت تتوسع في الحديث عن مزايا الجنوب وأهله، قياساً بالشمال وقبائله وحوثييه.
لكن التقسيم في الحالة اليمنية بين شمال وجنوب، لن يكون نهاية الأزمة اليمنية، فاليمن إما أن يكون موحداً (فيديرالياً، لا مركزياً ليس مهماً)، وإما أن يكون أكثر من يمنيين... ثلاثة أو أربعة أو حتى خمسة “يمنات”... والجنوب لن يستقر لهادي و”شرعيته” المطعون فيها، فسوف تنازعه عليه، قوى الحراك الجنوبي ذات المشروع المحدد، و”السلفية الجهادية” التي تتمدد كالنبت الشيطاني في محافظاته، وربما قد يظل عرضة لهجمات من خارجه على ما نرى هذه الأيام على تخوم بعض محافظاته.
أما الشمال، فسيخضع من جديد لعمليات فك وتركيب، فالزحف الحوثي مقلق لكثير من أهل الشمال وليس لأهل الجنوب وحدها، وتعز ترى في نفسها ما يؤهلها كعدن، لأن تكون عاصمة ليمن إضافي، والحلف غير المقدس بين صالح والحوثي لن يستمر طويلاً، وسنرى القوم يدخلون في معارك على السلطة والنفوذ، لا نعرف متى تبدأ ولا كيف ستنتهي أو أين.
خلاصة القول: إن من السهل قرع طبول الحرب في اليمن وعليه، لكن من الصعب الدخول في مقامرة “التورط” عسكرياً فيه، والأصعب من هذا وذاك، هو ضمان الخروج المشرّف من هذه الحرب ... والأرجح أن يصار إلى تقسيم اليمن إلى يمنيين مبدئياً تحت ستار كثيف من غبار الحرب وأدخنتها، بدل مقارفة نوع من “المجازفات غير المحسوبة” ... هل تذكرون؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقسيم تحت ظلال الحرب التقسيم تحت ظلال الحرب



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:21 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 10:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:30 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقديم عطر أرماني كود النسائي الأفضل لفصل الشتاء

GMT 04:23 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ريتا اور تتألق في إطلالة رائعة تجذب الأنظار

GMT 18:37 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الشرطة تحبط محاولة قتل في إحدى مستشفيات نابلس

GMT 14:51 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday