الجدل حول تكفير التكفيريين
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الجدل حول "تكفير" التكفيريين

 فلسطين اليوم -

الجدل حول تكفير التكفيريين

عريب الرنتاوي

ما أن يحدثك مسؤول حكومي عربي، أو “عالم” دين من المحسوبين على الإسلام الوسطي المعتدل عن “داعش” وأخواتها، حتى يُمطرك بوابل من التأكيدات بأن هؤلاء ليسوا مسلمين إلا اسماً، وأن ما يدّعونه ليس من الإسلام في شيء، وإن إسلامنا براء مما يقولون ويفعلون، وأنهم يلحقون الأذى بالإسلام ويسيئون للمسلمين أكثر من غيرهم، وأنهم “فئة ضالة” و”نبت شيطاني” و”عناصر وافدة” و”بضاعة مستوردة”، إلى غير ذلك كثير مما تسعف اللغة والكلمات به أصحابها.
الساسة يحجمون في العادة عن “التكفير”، يتركون المهمة للناطقين باسمهم من رجال الدين و”علمائه”، مع أن قلة منهم ذهبت في هذا الاتجاه مؤخراً... لكن الغريب في الأمر، أن هذه المرجعيات الدينية بعلمائها وفقهائها، تحجم عن “تكفير” الجماعات الإرهابية، بل وتصر على القول بأنهم “مسلمون”، نختلف معهم في الاجتهاد، وهم في أسوأ الأحوال، “ضالون” عن سواء السبيل، وبصورة تسمح دائماً بالنظر إلى ما يفعلونه بوصفه “جنحة” لا “جناية” كما يقال بلغة القانون.
المدرستان الرئيستان في حركات الإسلام السياسي المعاصر: السلفية والإخوانية، أحجمتا حتى الآن حتى عن وصف “داعش” بالإرهاب، وبعضهم ومن بينهم الإخوان، يحرص أتم الحرص على إدماج النصرة في قائمة “ثوار سوريا”، بل أن ثمة الكثير من التهليل والتكبير، حتى لا نقول التطبيل والتزمير، قد تصدّر المواقع الالكترونية لهذه الجماعات وصحفها، حين أعلنت “النصرة” سيطرتها على معسكري وادي الضيف والحامدية في الريف الشمالي لإدلب، جُل ما يصدر عن هذه الحركات، بيانات إدانة مقتضبة وخجولة لسلوك “داعش” عندما يبلغ السيل الزبى، وحين تصبح الجرائم المقترفة من قبلها، أكبر من أن تحجب بغربال، وغالباً تحت ضغط الرأي العام والحكومات الغاضب... والأهم من كل هذا وذاك، أن لا جدال فكرياً / فقهياً مع هذه الجماعات، ولا محاولات لـ “تظهير” موقف إسلامي مغاير لما تقوله وتفعله، إذ ما زال قادتها وشيوخها، يرددون ذات المفاهيم التي أكل عليها الدهر وشرب، عموميات ومواقف ضبابية لا تسمن ولا تغني من جوع.
السلفيون في هذا الشأن، مدارس ومذاهب، بعضهم يرى في “داعش” أبناء عمومته في الفقه والدين والمذهب، ينبري للدفاع عنها والدعاء لها، وفي أسوأ الحالات، لا نرى أزيد من “الدعاء” بأن يوفق الله المسلمين ويسدد على طريق الخير خطاهم، فإن أصابوا لهم أجران، وإن أخطأوا لهم أجر المجتهد، والله أعلم بالنوايا ... قلة قليلة تذهب أبعد من ذلك في انتقاد الجماعات الضالة، وغالباً لخروجها على “ولي الأمر”... وثمة كثرة كثيرة، ترفض حتى مجرد إصدار موقف مُندد بجريمة بيشاور أو جرائم “بوكو حرام” أو فظائع “داعش” وغيرها.
الأزهر الشريف، الذي يقود مدرسة الوسطية والاعتدال في الإسلام، ويطلق الحملة تلو الأخرى ضد التطرف والغلو، ما زال بدوره، يحجم عن “إخراج هؤلاء من الملّة”، وهم بالنسبة له ما زالوا على الدين، برغم الاختلاف معهم في نظرتهم ووسائلهم المتشددة، وتبريره أننا إن نحن “كفرناهم” صرنا مثلهم: تكفيريون، مع أن المقارنة هنا غير جائزة، إذ شتان بين جماعات تكفر الدولة والمجتمع، وتعمل سيوفها وخناجرها في رقاب العباد، وموقف فقهي يصدر بحق جماعة ضالة، تقارف من الأعمال، ما يجعلها خارجة على جميع شرائع الأرض والسماء ... لا أدري كيف يمكن تفسير صدور فتاوى عن الأزهر الشريف، ضد كتاب ومفكرين تنتهي إلى “تطليق زوجاتهم” لخروجهم على الملّة، في حين ينظر إلى ما تفعله “داعش” بوصفه إثماً متروكاً للرحمن الرحيم.
التناقض البيّن في قول بعض الأئمة والحركات والمرجعيات الدينية أن إسلامنا بريء منهم ومن أفعالهم، وإحجامها في الوقت ذاته عن “تكفير” هؤلاء، هو الذي يبقي لهم هامش مناورة واسعة، ويسمح لكثير من الشباب الالتحاق بهم، بل والنظر إليهم بوصفهم “قراءة” من قراءات الإسلام المعاصرة، تحتمل الخطأ والصواب، لكأننا نبحث في الفوارق بين الشافعي وابن حنبل ... هذا أمر خطير إن صدر نوايا صادقة، وخبيث إن اختبأت خلفه، مشاعر التعاطف، أو الإحساس بوحدانية المرجعية الدينية مع هذه الجماعات.
نفهم أن يقال ذلك عند الحديث عن الإخوان المسلمين وخلافهم من مدارس سياسية – دينية غير عنفية، ولكن أن يقال عن جماعة ارتبطت باسمها أفظع المجازر والقبور الجماعية، وعمليات التقتيل والتهجير وتقطيع الرؤوس والأطراف والسبي وجهاد النكاح، فذلك أمرٌ لا يمكن لنا أن نفهه، كما أن كثيرين من غير المسلمين من أبناء أوطاننا ومجتمعاتنا، يجدون صعوبة في تقبل صمتنا المتواطئ حيناً، وفي نقدنا المتردد الخجول أغلب الأحيان، وانظروا إلى ما قاله إميل شمعون نونا، رئيس أساقفة الموصل للكلدان، حول موقف الأزهر الفاتر من “داعش” لكي تتعرفوا أكثر عن مخاطر إحجام المرجعيات الدينية عن القيام بدورها.
والحقيقة أنه لا يوجد من تفسير لهذا التقصير المؤسف، إلا بواحد من اثنين: إما أن القوم يخشون على أنفسهم بطش هذه الجماعات وابتزازها وإما أنهم يشتركون معها في كثير أو قليل من مواقفها ونظراتها ... والنتيجة في كلتا الحالتين تراوح ما بين “المصيبة” و”المصيبة أعظم”.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجدل حول تكفير التكفيريين الجدل حول تكفير التكفيريين



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 17:35 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

الجزائر تحظر الألعاب النارية وتصنفها "عتاد حساس"

GMT 10:57 2015 الجمعة ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المصارعة الحرة تتهم ري مستريو بالقتل غير المتعمد

GMT 18:04 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

أشهر كذبات نيسان التي صدقها كثيرون

GMT 09:28 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى فتاة سورية لجأت الى فرنسا تبحث عن والدها المخطوف
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday