المثقف والموظف
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

المثقف والموظف

 فلسطين اليوم -

المثقف والموظف

بقلم مصطفى الفقي

نظرت حولى فيمن أعرف بدءًا من مرحلة الشباب إلى مرحلة الشيخوخة، فوجدتهم نوعين، الأول هو ذلك الذى يمتلك الوعى العام الذى يجعل تفكيره شاملًا ورؤيته متكاملة ونظرته للأمور فوقية، فلا يتوه فى التفاصيل ولا يضيع فى زحام البيروقراطية، أما الثانى فهو الذى تستهويه الوظيفة ويستغرق فى الإداريات وله باع فى فهم الماليات، وضعًا فى الاعتبار أن هناك خصومة تاريخية فى بلدنا بين زهو المناصب ووهج الثقافة! ورأيت أن على الكبار أن يتنحوا جانبًا ويفسحوا المجال للأجيال الجديدة لتأخذ حظها، حتى وإن لم تكن تلك الأجيال السابقة قد حصلت على ما تستحق فى وقتها، فلكل زمان رموزه ومعاييره وظروفه، لذلك يجب أن يقنع الكبير بموقع استشارى أو منصب عام، ولكن لا يتعين عليه أبدًا أن يكون جزءًا من الإدارة المصرية، مهما كانت الظروف، لأننا نعيش فى ظل أقدم جهاز إدارى على الأرض، أقول ذلك بمناسبة صدور القوانين المنظمة للإعلام المصرى المقروء والمسموع والمرئى، وترشيحات المواقع المماثلة على مستوى الدولة، لكى أؤكد أننا نحتاج إلى مصريين أكفاء يجيدون فن الإدارة على نحو يوفر قوة الدفع ويسمح بتراكم الخبرة، وهو أمر يحتاج بالضرورة إلى حيوية وحماس مع القدرة على التعامل مع المواقف بسرعة وذكاء، إن موضوعيتى تتغلب على شخصيتى، لذلك عادت بى الذاكرة إلى عقدين ماضيين من الزمان أو أكثر عندما كتبت مقالًا شهيرًا فى عصر الرئيس الأسبق مبارك عن «الطابق المسحور» أو «الجيل المسروق»، فلقد قالوا لنا فى البداية إنكم مازلتم صغار السن وأمامكم المستقبل، وبعد ذلك بسنوات قليلة قالوا لنا إنكم تغادرون مرحلة الشباب وقد أصبحتم كبارًا، فدعوا الفرص لغيركم، لذلك لم يقف المصعد عند الطابق الذى يقيم فيه بعضنا لينتهى الأمر بذلك النفر إلى التركيز على الفكر والقلم والاتجاه نحو العمل العام، وهنا أقول إن المجالس ذات الطابع القومى والوطنى يمكن لها أن تضم أصحاب الخبرة، حتى ولو تقدم بهم العمر نسبيًا، مع ترك مساحة كافية للأجيال الجديدة، وقد لاحظت دائمًا أن السياسى المثقف أفضل من السياسى الموظف إذا جاز التعبير، ولا أشك أن جزءًا كبيرًا من قراءات عبدالناصر فى شبابه، خصوصًا فى التاريخ العسكرى، وكذلك الثقافة الواسعة والمتعددة للسادات فى سنوات التشريد والسجن والعمل بالصحافة، قد أضفت على كل منهما بعدًا خاصًا وروحًا متميزة فى إدارة الحكم وممارسة السلطة، وأنا أدعو إلى الدفع بالشباب إلى المواقع التى تربط بين السلطة والمسؤولية، مع الحاجة إلى المتابعة اليومية، تأهيلًا لهم وحقًا عليهم تجاه وطن ينتظر منهم الكثير، ونلاحظ هنا أن التفكير نوعان: تفكير (مكرو) مثلما هو الحال فى النظرة إلى الاقتصاد الفوقى، وآخر (ميكرو) مثلما هى تفاصيل بنود النشاط الاقتصادى وخططه، أقول ذلك للتأكيد على أن السياسى بطبيعته يجب أن تقف حدوده- مهما بلغ من العمر- عند حدود التخطيط العام والرؤية الشاملة، فهو يقف فى دائرة الـ(مكرو)، أما الشباب فلابد أن يتعلموا من التفاصيل أولًا، وأن يصعدوا من القاعدة إلى القمة بخبرات تنقلهم تلقائيًا من مرحلة الـ(ميكرو) إلى مرحلة الـ(مكرو)، ولقد لاحظت دائمًا أن الأمر قد يختلف عن ذلك، فترى أحيانًا فى مناصب عليا مَن لم يتجاوزوا مرحلة الـ(ميكرو)، ونرى مغمورين عند السفح، رغم امتلاكهم النظرة الـ(مكرو)، وذلك خلل حقيقى يدعو إلى مراجعة كثير من المواقف والمواقع والمناصب، حتى لا نرى كبيرًا يفكر بطريقة جزئية وصغيرًا يفكر بطريقة شاملة! وأنا ممن يؤمنون بأهمية (فقه الأولويات) وترتيب العقل وجدولة الذهن، فهى أمور لازمة لكى يكون القرار رشيدًا وتصبح الرؤية واضحة، لأن المناخ الضبابى والبيئة التى لا تعرف الجو الصحى ولا الفكر السوى هى أمور تعوق الأمم وتعرقل الشعوب، ولقد عشت فى الهند سنوات فى مستهل شبابى، وتعلمت منهم أهمية الالتزام بالخطة طويلة المدى، إذ مازال الهنود يمضون وراء قرارات المجلس الأعلى للتخطيط، الذى اقترن بعصر «جواهر لال نهرو»، فى مطلع خمسينيات القرن الماضى، كما أن لديهم ميزة حرمنا الله منها، وهى أنهم يستكملون ما يبدأون ولا يتوقفون عند منتصف الطريق، ولنتذكر أننا فى مصر تحدثنا عن الدولة النووية منذ أيام الوزير صلاح هدايت فى العصر الناصرى، ومررنا أيضًا على دولة الفضاء، وتغنينا كثيرًا بصاروخين، هما القاهر والظافر، ثم تحدثنا عن غزو الصحراء والثورة الخضراء، ولكن الذى حدث أن الصحراء مازالت تنتظر مَن يزرعها، بينما فقدت الدلتا مئات الآلاف من الأفدنة المزروعة بالتعديات والتجاوزات وغرس الحوائط الأسمنتية قبيحة المنظر، والتى تفتقد إلى الطراز المحدد أو الذوق العام، كما تحدثنا عن الثورة الإدارية لنسف الروتين، فإذا هو يزداد تعقيدًا والجهاز الإدارى يزداد تضخمًا والمصالح تبقى راكدة فى مكانها، وذلك كله تراكم عقود طويلة وإفراز عقل مرتبك لم يلتزم منذ البداية بالقواعد العلمية أو التفكير السليم، فكانت النتيجة ما ورثناه وما ظللنا نعانيه.

إننى أقول صراحةً إن نموذج الموظف المثقف هو ذلك المطلوب لكى يقود الوحدات الإدارية والهيئات الحكومية فى شرائح عمرية أقرب إلى الشباب ويتجه بها نحو الدولة العصرية، أما الموظف البحت، الذى لا يرى أبعد من موضع قدميه، فهو كارثة حقيقية على مستقبل الوطن ومصالح أبنائه.. دعونا أيها السادة نختار الأفضل للموقع الأنسب، فمصر عانت كثيرًا ونريدها أن تعود- كما يردد رئيسها- «أم الدنيا»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المثقف والموظف المثقف والموظف



GMT 03:22 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

رسالة مفتوحة إلى رئيسة وزراء نيوزيلندا

GMT 06:08 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تكريم السادات

GMT 06:06 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

المكتشف الأول والعامل المجهول

GMT 05:39 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

"محمود كارم" وسبيكة المكارم!

GMT 05:44 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

25 يناير 2011

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 13:39 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن بعض الوصوليين المستفيدين من أوضاعك

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 07:42 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحتاج إلى الانتهاء من العديد من الأمور اليوم

GMT 05:35 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الملكة رانيا وبيلا حديد بسترة واحدة على "إنستغرام"

GMT 21:07 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شوارع بيروت تغرق في النفايات بسبب الامطار الغزيرة

GMT 07:21 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

زينة تلجأ إلى تحليل "DNA" لإثبات النسب لأحمد عز

GMT 09:17 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday