الرئيس الفلسطيني محمود عباس وجيسون غرينبلات

استبقت إسرائيل وصول الموفد الأميركي الخاص جيسون غرينبلات المرتقب هذا الأسبوع إليها وإلى رام الله، لفحص فرص استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، بشن هجوم منفلت على الرئيس محمود عباس بداعي مواصلته تمويل عائلات منفذي الهجمات المسلحة، وذلك في أعقاب هجومي القدس ليل الجمعة السبت ومقتل المجندة واستشهاد الشبان الفلسطينيين الثلاثة. وشكك رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزراء في حكومته في جدية عباس في إجراء مفاوضات لحل الصراع، واعتبره بعضهم ليس ذا صلة بأي عملية سياسية، وهو التعبير ذاته الذي استخدمه رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق آريئل شارون ضد الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل محاصرته في رام الله قبل 14 عاماً.

وطالب نتانياهو في مستهل تصريحاته الأسبوعية التي تسبق اجتماع حكومته، دول العالم بإلزام السلطة الفلسطينية وقف دفع مبالغ لعائلات المخربين، وقال إنه "بدلاً من التنديد بالعملية أصدرت حركة فتح التي يتزعمها أبو مازن بياناً تندد بمقاتلي حرس الحدود الذين قتلوا المخربين الثلاثة في القدس، ويشيد بالقتلة باعتبارهم أبطالاً". وأضاف: "يبدو أن لا حدود للكذب والوقاحة... السلطة الفلسطينية ترفض التنديد بقتل المجندة، والسلطة ذاتها ستقوم الآن بدفع أموال وتعويضات لعائلات القتلة... أدعو دول العالم للتنديد بالقتل والمشيدين به ومطالبة السلطة بالوقف الفوري لدفع هذه الأموال لعائلات المخربين".

وتسابق وزراء الحكومة في شن هجوم كلامي أعنف على السلطة الفلسطينية، وتحديداً رئيسها، وقال الوزير أوفير أكونيس (ليكود) إن من اعتقد أنه بعد زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة ستتجدد العملية السلمية قريباً يرى اليوم أن "أبو مازن ليس هو الشخص القادر على توفير البضاعة، وها هي كل الأحاديث كأن أبو مازن يليّن مواقفه استعداداً لاستئناف المفاوضات تتحطم على الصخر إذ نرى أنه بتعليماته وتعليمات السلطة الفلسطينية، تُنشر بيانات دعم للمخربين والإرهاب". وأضاف: "هذا لا يفاجئنا، لكن يجب أن يكون في محور الاتصالات التي تجريها جهات أميركية يتوقع أن تصل إلى هنا هذا الأسبوع، عليها الضغط على الفلسطينيين في مسألتين: التنديد بالإرهاب لا دعمه، ووضع حد للعملية الإجرامية المتمثلة بتمويل عائلات القتلة".

وكعادته، كان الوزير يوفال شتاينتس الأعنف في هجومه، ولم يكتف بالإشارة إلى عدم تنديد السلطة الفلسطينية بالهجومين في القدس إنما اتهم الرئيس الفلسطيني بالتحريض شخصياً على تنفيذ مثل هذه الهجمات. وقال إن "السلطة الفلسطينية هي من يهيئ لهذه الهجمات لأنها تربي الشبيبة الفلسطينيين على وجوب القضاء على إسرائيل، وأن اليهود هو شعب سيء يستحق أن نؤذيه، والقتلة هم شهداء أبطال يتم تسمية الشوارع باسمهم". وأضاف أن "السلطة لا يمكن أن تغسل يديها من هذه العمليات، بل هذا الدم هو أيضاً على أيديها، وهي لا يمكن أن تكون شريكة سياسية لعملية سلام وأمن".

ولا يكتفي وزراء اليمين بسلسلة العقوبات التي أقرتها الحكومة بحق الفلسطينيين بعد الهجومين في القدس، إذ نجحوا في إرغام رئيس الحكومة على عقد اجتماع للحكومة الأمنية المصغرة لإعادة النظر في قرارها أواخر العام الماضي تمكين الفلسطينيين من بناء 14 ألف وحدة سكنية في مدينة قلقيلية وغيرها من البلدات الفلسطينية الواقعة في المنطقة المعروفة بالمنطقة "ج" الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي عسكرياً ومدنياً. ويدعي وزراء "ليكود" أن الجيش ضلل رئيس الحكومة حين لم يكشف أمام الحكومة المصغرة التي صادقت على المخطط العدد الفعلي للوحدات السكنية، وعليه يجب إعادة بحث الموضوع.

في غضون ذلك، أفادت صحيفة "هآرتس" بأن البيت الأبيض شرع الأسبوع الماضي في حشد تأييد سياسي داخل الكونغرس لمبادرة سلام يريد الرئيس دونالد ترامب الدفع بها قريباً. وأضافت أن غرينبلات المتوقع وصوله إلى تل أبيب ورام الله قريباً، التقى الأسبوع الماضي أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ من الحزبين الجمهوري والديموقراطي وممثلي منظمات يهودية، تحديداً من المعسكر اليميني، ليشرح لهم تصور ترامب للصفقة التي يريد التوصل إليها لحل الصراع العربي- الإسرائيلي. وتابعت أن غرينبلات حاول استبطان موقف النواب من الحزب الجمهوري الذي اتخذ في السنوات الأخيرة موقفاً متشدداً من الفلسطينيين بتأثير من اليمين الإسرائيلي. وزادت أن غرينبلات كرر أمام ممثلي المنظمات اليهودية أن ترامب يتمسك بموقفه عدم فرض أي اتفاق على إسرائيل، وأن أي اتفاق يتم يجب أن يكون نتيجة مفاوضات مباشرة بينها وبين الفلسطينيين.