جانب من مواجهات الشبان الفلسطينين مع الاحتلال

أكّد أطباء دوليون على أنّ أي نظام طبي في الغرب كان سينهار مع هذا الرقم المرتفع من الجرحى الفلسطينيين بإطلاق النار في يوم واحد مثلما حدث في 14 مايو/ أيار، كما أنّ الجهاز الطبي في غزة الذي بطبيعته موجود منذ أعوام في وضع حافة الانهيار بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي الفلسطيني، واجه هذا التحدي بصورة تثير الانفعال.

ووقع تقريبا نصف الـ2770 جرحى جرّاء إطلاق النار، ومن الواضح أن الجنود يطلقون النار أولا من أجل الجرح وتشويه المتظاهرين، وأن يجرحوا أكثر من أن يقتلوا، لإبقاء أكبر عدد من الشباب معاق مدى الحياة، كما أن استعداد المحطات العشر لتخفيف الصدمة والطوارئ كان مثيرا للإعجاب، ففي كل محطة قرب مواقع التظاهر كان هناك ممرضون وطلاب طب متطوّعون، وخلال ست دقائق بالمتوسط تمكنوا من فحص كل جريح وتشخيص نوع الإصابة وتحديد من سيرسل إلى المستشفى وإعطائه العلاج الأولي، ومنذ ساعات الظهيرة وصلت في كل دقيقة سيارة إسعاف إلى مستشفى الشفاء، والصافرات لم تتوقف، وكل سيارة إسعاف أنزلت 4-5 جرحى.

وعملت مستشفى الشفاء في ذلك اليوم دون توقف مدة 12 ساعة، في البداية تم علاج الذين أصيبوا بالأوعية الدموية، وفي الممرات انتظر مئات الجرحى الآخرين دورهم، ممن كان وضعهم أقل خطورة، يتألمون ومغمى عليهم، ومسكنات الألم التي كانت موجودة تتناسب مع وجع الرأس الصعب وليس مع آلام الجرح. 

لا يوجد في أي مستشفى في العالم ما يكفي من الإخصائيين في جراحة الأوعية الدموية وجراحة العظام من أجل التعامل مع مئات جرحى إطلاق النار في يوم واحد، لذلك تم إحضار جراحين إضافيين، ممن تلقوا توجيهات من الإخصائيين، ولا يوجد في أي مستشفى ما يكفي من الطواقم الطبية لعلاج جرحى بهذا العدد الكبير، بعد الساعة الواحدة والنصف عندما بدأ أبناء عائلات الجرحى يتدفقون إلى المستشفى، خرجت الأمور عن السيطرة.

وقال بيير كارهنفول، المدير العام لـ"الأونروا"، بعد زيارة إلى غزة في 23 أيار: "معظم العالم لا يقدر بصورة صحيحة حجم الكارثة التي بمفاهيم إنسانية حدثت في قطاع غزة من بداية المسيرات في 30 آذار، عدد الجرحى في الأيام السبعة من المظاهرات يوازي عدد الجرحى طوال المواجهات في سنة 2014، وحتى أعلى منه. هذا رقم مدهش. إن نموذج جروح اختراق صغيرة وجروح خروج كبيرة تدل على أن الذخيرة التي استخدمت في إطلاق النار تسببت بضرر كبير للأعضاء الداخلية وأنسجة العضلات والعظام، سواء الطاقم في مستشفيات وزارة الصحة أو طاقم في عيادات المنظمات غير الحكومية و"الأونروا" يجدون صعوبة في التعامل مع الجروح والعلاج المعقد بشكل خاص".​