أسهم البنوك الأوروبية

ارتفعت أسهم البنوك الأوروبية والأسهم الإيطالية أمس الإثنين، بعد أن تعهّد وزير الاقتصاد الإيطالي الجديد ببقاء بلاده في منطقة اليورو، ليبدد مخاوف المستثمرين من تفكك منطقة العملة الموحدة، ويعزز المعنويات بعد خلافات خلال قمة مجموعة السبع، كما ارتفع اليورو مع تحول أنظار المتعاملين من قمة مجموعة السبع التي شهدت انقسامات، إلى اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الأوروبي، الذي قد يشير لبدء إنهاء برنامج التحفيز الاقتصادي الضخم.

ويزيد المستثمرون مراهناتهم على أن البنك المركزي الأوروبي سيلمح يوم الخميس إلى الإنهاء التدريجي لبرنامجه الضخم لشراء السندات بحلول نهاية هذا العام، بعد سلسلة تعليقات تميل للتشديد النقدي، أدلى بها مسؤولون الأسبوع الماضي.

وصعد اليورو 0.4 في المائة إلى 1.1816 دولار، مقتربا من أعلى مستوياته في أسبوعين، البالغ 1.1840 دولار الذي لامسه يوم الخميس. كما ارتفع اليورو نصفا في المائة أمام الفرنك السويسري الذي يعتبر ملاذا آمنا. وارتفع اليورو رغم اشتداد المخاوف من نشوب حرب تجارية عالمية، عقب خلاف بقمة مجموعة السبع في كندا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقادة آخرين بشأن رسوم جمركية على السيارات ومسائل أخرى.

وهاجم ترمب كندا وأوروبا بسبب العجز التجاري الأميركي معهما بعدما وصل إلى سنغافورة، حيث من المقرر أن يعقد اجتماعا تاريخيا مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون اليوم الثلاثاء، في حين انخفض الدولار الكندي، الذي تأثر بمخاوف من أن يلغي ترمب اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، بنسبة 0.3 في المائة إلى 1.2960 دولار كندي للدولار الأميركي.

وقبل اجتماع المركزي الأوروبي، تشير جميع التوقعات تقريبا إلى أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سيرفع أسعار الفائدة يوم الأربعاء للمرة الثانية هذا العام. وسينصب تركيز السوق على توقعات مجلس الاحتياطي بخصوص مسار أسعار الفائدة في المستقبل. ونزل الفرنك السويسري نحو 0.3 في المائة أمام العملة الأوروبية الموحدة إلى 1.162 فرنك لليورو، بعدما رفض السويسريون خطة لتحويل القطاع المالي في البلاد. وتمنع مبادرة المال السيادي البنوك التجارية من ضخ أموال إلكترونيا في عمليات الإقراض، ورفضها أكثر من ثلاثة أرباع المواطنين الذين أدلوا بأصواتهم في استفتاء أول من أمس الأحد.

وفي الأسواق الأوروبية، ارتفع مؤشر البنوك بمنطقة اليورو 1.5 في المائة مما ساهم في صعود المؤشر يورو ستوكس 600 بنسبة 0.4 في المائة، بينما قفز المؤشر الإيطالي اثنين في المائة والإسباني 0.9 في المائة. وصعدت أسهم البنوك الإيطالية 2.1 في المائة مع تراجع عائدات السندات وعودة المستثمرين لشراء الأصول إيطالية عقب تعهد وزير الاقتصاد جيوفاني تريا بالبقاء في منطقة اليورو وخفض مستويات الدين.

وتدعمت المعنويات أيضا برفض الناخبين في سويسرا حملة لإجراء تغييرات جذرية على النظام المصرفي. وزاد مؤشر الأسهم السويسرية 1.1 في المائة، وقاد المكاسب بنكا "كريدي سويس" و"يو بي إس"، فيما يأتي تحسن معنويات الأسواق متزامنا مع الإعلان عن تحقيق فرنسا وألمانيا "تقدما كبيرا" نحو التوصل إلى اتفاق لإصلاح منطقة اليورو، بعد محادثات ماراثونية أجريت في باريس نهاية الأسبوع، بحسب ما أعلن الأحد وزير المال الفرنسي بورنو لومير.

وقال مصدر حكومي فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن لومير ونظيره الألماني أولاف شولتس أجريا السبت محادثات استمرت نحو 14 ساعة في فندق باريسي. ونشر لومير صورا على "تويتر" لما وصفها بأنها "ليلة مفاوضات طويلة" أسفرت عن "تقدم كبير" في شأن خريطة الطريق لمستقبل منطقة اليورو. وقال لومير إنه سيعقد مع شولتس جولة محادثات أخيرة هذا الأسبوع، لدرس المقترحات التي ستطرح خلال لقاء وزاري فرنسي - ألماني يعقد في 19 يونيو (حزيران) الجاري.

وبدوره وصف شولتس على "تويتر" الاجتماع بأنه "مهم" من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وتسعى باريس وبرلين إلى ردم الهوة بين رؤية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإصلاحات كبرى للاتحاد الأوروبي، ومقاربة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأكثر حذرا، خلال قمة لدول منطقة اليورو ستناقش هذه المسألة في 29 حزيران. وقال المصدر الفرنسي "لا يزال هناك عمل يجب إنجازه"، مضيفا "لن يكون هناك اتفاق على أي شيء ما لم نتفق على كل شيء".

ويسعى ماكرون إلى مصالحة الأوروبيين مع الاتحاد الأوروبي، بعدما أدت سياسة التقشف على مدى سنوات، فضلا عن تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين، إلى تنامي معاداة الهجرة وصعود الأحزاب القومية. واستغل ماكرون فرصة تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، للدفع باتجاه اندماج أكبر، بهدف تبني إصلاحات جذرية قبل موعد إجراء الانتخابات الأوروبية في مايو (أيار) 2019، لكن ألمانيا وغيرها من دول أوروبا الشمالية اعترضت على مطالبته بتخصيص ميزانية كبيرة لمنطقة اليورو، خشية أن تضطر الدول الشمالية المتشددة ضريبيا لدفع فاتورة ميل الدول الجنوبية للإفراط في الإنفاق. ووافقت ميركل في أول يونيو الجاري على مبدأ إقرار موازنة استثمارية لمنطقة اليورو، يطالب بها ماكرون لمساعدة الدول الأوروبية الأقل غنى في تعويض تأخرها في مجالات العلم والتكنولوجيا والابتكار. لكن المستشارة الألمانية تحدثت عن مبلغ يقدر بعشرات مليارات اليوروات، ما يبقى بعيدا عما يطالب به الرئيس الفرنسي.

وأوضحت ميركل أن اقتراح ألمانيا يقضي بإنشاء صندوق نقد أوروبي، لمساعدة الدول التي تعاني أزمات مالية، مع إخضاعه لشروط صارمة وإشراف دقيق من قبل الدول الأوروبية، فيما رحبت الرئاسة الفرنسية بالاقتراح الألماني، إلا أن لومير خلال زيارته لبرلين الجمعة دعا ألمانيا إلى "الذهاب أبعد من ذلك"، حيث قال "إنه رد شجاع في الاتجاه الصحيح"، مضيفا: "هل هذا يكفي؟ كلا. نعتقد أنه يجب أن تذهبوا إلى أبعد من ذلك وأن هذه فرصة تاريخية فريدة من أجل تحقيق تقدم ملموس نحو اندماج أفضل في منطقة اليورو".