البرلمان الأرجنتيني

تبنّى البرلمان الأرجنتيني قانونًا يسمح للحكومة بتسوية الخلاف مع الصناديق الاستثمارية حول الدَيْن الموروث من الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد عام 2001، في انتصار سياسي للرئيس الجديد ماوريسيو ماكري، في حين تبنى مجلس الشيوخ بعد مجلس النواب أمس، قانونًا يسمح للحكومة بتسديد أموال إلى صناديق استثمارية كانت لجأت إلى القضاء الأميركي، وطي صفحة التخلف عن الدفع كما حدث عام 2001.

ووافق مجلس الشيوخ بذلك على تسديد 4.6 بليون دولار إلى هذه الصناديق وعلى رأسها "أن أم أل كابيتال" و "اوريليوس"، وإصدار دَين قيمته 12.5 بليون دولار. وصوّت 54 من أعضاء مجلس الشيوخ لمصلحة النص في مقابل 16 رفضوا السماح بالتمويل. وقال ماكري قبل توجهه إلى واشنطن إن هذا الاتفاق، الذي أبرم نهاية شباط /فبراير الماضي، "يتيح للأرجنتين إنهاء هذا النزاع الذي كان يمنع البلد من الحصول على أموال من الأسواق الدولية لرؤوس الأموال"، وبعد الأزمة الاقتصادية التي شهدتها الأرجنتين عامي 2001 و2002، أعادت الدولة جدولة 93 في المئة من ديونها ولكن الصناديق المضاربة التي تملك 7 في المئة من هذه الديون رفضت إعادة الهيكلة.

وتشكل هذه الخطوة مكسبًا كبيرًا،بالنسبة الى صناديق المضاربة، فصندوق "ان ام ال" الذي يملكه الثري الأميركي بول سينغر سيحصل على بليوني دولار في مقابل أسهم اشتراها نهاية الألفية الثانية بـ80 مليون دولار، أي أكثر بـ25 مرة من سعر الشراء، وكانت الأرجنتين أبرمت مطلع آذار/مارس الماضي اتفاقًا تاريخيًا مع أهم الصناديق الاستثمارية لإنهاء خلاف حول الديون. وأعلن الوسيط الأميركي دانيال بولاك حينذاك أن هذا الاتفاق المبدئي ينص على أن تدفع الأرجنتين نحو 4.653 بليون دولار لإنهاء الخلافات العالقة في نيويورك وأماكن أخرى. ووافقت 4 صناديق تملك أسهم ديون أرجنتينية اشترتها بأسعار زهيدة، على اقتراح التسوية الذي عرضته بوينس آيريس، ما يمهد الطريق لحل نهائي لهذا الخلاف.

وأوضح بولاك أن الاتفاق المبدئي ينص على أن تدفع الأرجنتين لصناديق "ان ام ال كابيتال" و "اوريليوس كابيتال" و "ديفيدسون كيمبنر" و "بريسبريدج كابيتال" 75 في المئة من المبالغ المطلوبة، ودفع المبالغ الأخرى خارج نيويورك والنفقات القضائية. وقال ماكري في مقابلة تلفزيونية أمس: "إنه دليل على النضج وهذا المهم لأن العالم يراقبنا، والأرجنتين استعادت صدقيتها وثقتها، ما سينعش الاستثمار في البلاد".

وحققت حكومة ماكري بعد ذلك أول نجاح تشريعي لها بموافقة غالبية النواب على قانون يفتح الطريق للاتفاق. وبدعم من المعارضة المعتدلة، حصل الاتفاق على موافقة 165 نائبًا في مقابل 86.

وكانت الأرجنتين قطعت في عهد الرئيس نستور كيرشنر، بين عامي 2003 و2007، علاقاتها مع صندوق النقد والبنك الدولي، معتبرة أنهما مسؤولان عن زيادة ديون ثالث اقتصاد في أميركا اللاتينية وإفلاسه عام 2001،  ورحب صندوق النقد الدولي بالاتفاق، مؤكدًا "أنها خطوة مهمة ليتاح للأرجنتين العودة إلى أسواق المال وتحسين وضعها المالي"، حيث أشادت وزارة الخزانة الأميركية "بهذا التطور الايجابي لمجمل النظام المالي العالمي"، وعبرت عن أملها في تطبيق الاتفاق بالكامل وبسرعة، وكان كيرشنر رفض تقديم أي تنازل لهذه الصناديق، معتبرًا أن كل الدائنين يجب أن يستردوا المبالغ ذاتها التي دفعت، ويكشف هذا النجاح البرلماني الانقسامات داخل المعارضة الأرجنتينية.

وصوتت عضو مجلس الشيوخ عن "جبهة النصر اليسارية المعارضة ماريا ايستر ضد الاتفاق، مؤكدة أن عملية إعادة الجدولة التي أجريت عامي 2005 و2010، "كانت عادلة ومنصفة والأمر ليس كذلك حاليًا"، وقال وزير الاقتصاد السابق روبرتو لافانيا، الذي شغل المنصب عند إعادة جدولة الدَين عام 2005، إن الاتفاق الذي أبرمته حكومة ماكري مع صناديق المضاربة "سيء وباهظ الثمن"، وردت الحكومة بالقول إنها تدفع ثمن إهمال الإدارة السابقة وتباطئها في حل المشكلة بينما كانت الفوائد تتراكم، حيث تتمثل التحديات المقبلة للحكومة في إنعاش الاقتصاد الذي يشهد انكماشًا، ومكافحة التضخم المزمن الذي بلغ 30 في المئة عام 2015.