فقدان الذاكرة لدى الكبار

كشفت دراسة بحثية جديدة أن التعرُض لسلالات من فيروسات "الهربس" وبعض الطفيليات تؤثر على أداء الذاكرة والتفكير لدى كبار السن بعد أعوام من الإصابة بها للمرة الأولى، وفي السابق كان ينظر إلى النسيان كعرض من أعراض التقدم في العُمر.

وشملت الدراسة، التي استمرت 5 أعوام، 1000 شخص من فوق سن الـ65عامًا وخلصت إلى أن البالغين المصابين بهذه الفيروسات كانوا أكثر عرضة لمشاكل الذاكرة والارتباك مقارنة بالذين لم يصابوا بها، وأوضح الدكتور في جامعة بيتسرغ فشوايت نيمغاونكر أن البحث استهدف الفيروسات التي تصيب الإنسان في أوقات مختلفة في حياته، والتي تعلق في الجسم إلى الأبد، ونعتقد أن هذه الفيروسات هي التي تسبب الأذى للدماغ.

ولم يُحدد بعد السبب الرئيسي لمساهمة هذه الفيروسات في التدهور المعرفي للإنسان، ولكن يعتقد أنها تؤثر في الجهاز المناعي على المدى الطويل، فالجهاز المناعي يلعب دورًا متخصصًا في أنسجة المخ، ويمكن أن يساهم ضرره في انخفاض القدرات العقلية، وتابع فشوايت بقوله "نحن لا نقول إن هذه الفيروسات هي السبب الوحيد الذي يلعب دورًا، ولكننا فقط نجمع بعض الأدلة، وإذا استطعنا أن نظهر أن هذه العوامل تسبب التدهور المعرفي فهذا يعني توفير اللقاح لاسيما في الدول النامية.

وركزت الدراسة على المرضى الذين تعرضوا لفيروس هربس وفيروس "أتش.أس.في 2" و"سي.أم.في" والتوكسوبلازما الطفيلية، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية يصاب نحو 417 مليون شخص، أي حوالي 10% من سكان العالم بفيروس "أتش.أس.في 2" الذي ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، ويصاب نحو 80% من البريطانيين بفيروس "سي.أم.في"، الذي ينتمى إلى عائلة الهربس أيضًا وينتقل عن طريق اللعاب، ويمكن أن ينتقل من الأم إلى الجنين أثناء الحمل، وليس لديه الكثير من الأعراض ومعظم الناس لا يدركون حتى أنهم مصابون.

وتحتوي اللحوم غير المطهوة والمياه الملوثة والفواكه والخضروات غير المغسولة على طفيل التوكسوبلازما، ويعتقد أن نحو 350 ألف شخص يصاب بهذا الطفيل سنويًّا، ويمكن أن يسبِّب الإجهاض أو ولادة جنين ميت ومضاعفات بالغة للجهاز المناعي.

ودرس العلماء عينات من دم أكثر من 1000 بالغ من فوق سن الـ65 عامًا، وبحثت في علامات التعرض للفيروسات، وبعد ذلك أجريت لهم اختبارات المهارات العقلية للبالغين المصابين سنويًّا وغير المصابين على مدى 5 أعوام، وأظهر البالغين الذين أصيبوا بهذه الفيروسات نوعًا من التراجع في الوظائف العقلية، مقارنة بأولئك الذين لم يصابوا بالمرض، حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى مثل العمر والتعليم وارتفاع ضغط الدم وتناول الكحول.

ويعتبر هذا البحث الأول من نوعه الذي يبحث في الآثار الطويلة الأمد للفيروسات على العقل، إذ أشارت أستاذة الطب النفسي في جامعة بيتسبرغ، ماري غانغولي، إلى أن هذا البحث مهم على صعيد الصحة العامة، لاسيما وأن الفيروسات شائعة ولكن هناك بعض خيارات الوقاية والعلاج المتاحة، وفي الوقت الذي نتعلم فيه أكثر عن أثر العوامل المعدية على الدماغ، علينا أن نضع خططًا وقائية لضعف الإدراك.