المجلس الأعلى للقضاء

توالت ردود الأفعال في غزة حول قرار القضاء الشرعي الذي أصدر تعميمًا قضائيًا يحق بموجبه للزوج رفع قضية "التفريق للشقاق والنزاع "ضد زوجته في إطار إنصاف الرجل وإعطائه حقوقه المسلوبة، حيث أعربت المؤسسات النسوية والناشطات في مجال المرأة عن استغرابها حول وجود رجل معنف من قبل المرأة الأمر الذي استدعى سن قرارات بينما لازلت قضايا آلاف النساء المعنفات معلقة في المحاكم بانتظار حلها، حيث لأول مرة في قطاع غزة يعلن عن بدأ تطبيق توصية المكتب الفني التابع للمحكمة العليا، والذي ينص على حق الزوجين رفع دعوى "تفريق للنزاع والشقاق".

وأوضح رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الدكتور حسن الجوجو، أن الهدف من وراء تطبيق هذه التوصية، هو العمل على التقريب والتوحيد بين شطري الوطن في الاجتهاد القضائي، لأن فلسطين ومنذ عام 1993 ومع قدوم السلطة، لم تستطع تطبيق قانون أحوال شخصية واحد في الضفة وغزة، موضحًا أن الهدف كذلك من تطبيق هذه التوصية في غزة هو الوصول إلى أن الحقوق الزوجية متساوية على قاعدة لا منتصر ولا مهزوم ولا غالب ولا مغلوب.
وقصَّ الجوجو إحدى التجارب التي عايشها والتي تثبت ضرورة تطبيق هذه التوصية قائلاً: "في أحد المرات رفعت زوجة قضية على زوجها، وعندما كنت أتحدث معه وأنهيه عن تعنيفها، ملأت أعين الرجل الدموع وكشف عن صدره ليظهر فيه أثار الاعتداء من زوجته"، مشيرًا إلى أن بعض الرجال كذلك وخشيةً من دفع الالتزامات المالية للطلاق يضطرون لاحتمال الحياة الزوجية السيئة، وكل زوج تم إيذاؤه من قبل زوجته سواء بالقول أو بالفعل، ويترتب عليه استحالة الحياة الزوجية، الأمور ليست بالبساطة وهناك إجراءات شرعية وقضائية طويلة قبل الأخذ بالحكم لصالح أحد الطرفين.

وأشار الجوجو إلى أنه يجب في البداية رفع القضية في المحكمة وإثبات البينة، وفي حال لم يتوصل الطرفان إلى الصلح، يمهلهما القاضي شهراً، وبعد ذلك يتم إصدار الحكم، وإن لم يتوصل القاضي لحكم، يعيد الزوج رفع الدعوى من جديد بعد 6 أشهر، مضيفًا:"في حال لم يتم الوصول إلى حكم بالقضاء، يقوم القاضي باللجوء إلى اثنين من المحكمين من عائلات الزوجين، للوصول إلى حكم نهائي، الزوج تسقط عنه كل الالتزامات المالية الخاصة بالطلاق في حال تم الحكم له، وتم إثبات وقوع الضرر أو التعنيف عليه".

وأكد الجوجو أن الرجل الفلسطيني شهم بطبعه، وتأبى رجولته أن ينأى منأى خسيس، لأن ذلك ليس بالأمر الهين والسهل، وهناك اجراءات قضائية مشددة قبل إثبات الحكم، وتباينت آراء الشارع الغزي بين مؤيد لحق الزوج بـ "الخلع" إذا ما كان يتعرض للتعنيف، ومعارض للفكرة من مبدأ أن الرجل الفلسطيني والشرقي بالعادة هو من يأخذ دور المُعنِف وليس المُعنَف، ويبقى التساؤل الذي يدور في ذهن الناس، "هل سنشهد حالات قضائية يقوم الزوج برفع قضية ضد زوجته في غزة بسبب تعرضه للتعنيف؟!.

و تساءلت مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة الباحثة القانونية زينب الغنيمي ما نسبة الأزواج المعنفين مقابل النساء المعنفات وقالت: "نحن لن ندعي انه لا يوجد رجال يتعرضون للشتم من قبل الزوجة او حتى الضرب ولكن ما نسبة هؤلاء مقارنة بالنساء المعنفات في مجتمعنا الذي يصم أذنيه عن هؤلاء"، مشيرة إلى أن الرجل الذي يعترف أنه تعرض للعنف من قبل زوجته سيعترف ويدعى في اللحظة التي يشعر بها أنه سيخسر أمواله بسببها وبالتالي حتى لا يخسر ويدفع للمرأة كامل حقوقها التي وردت في عقد الزواج سوف يلجأ للحديث عن أي شكل من أشكال العنف ويقول "لقد تم تعنيفي، وأن القرار الصادر سيزيد من الانتهاكات الواقعة ضد المرأة وستكون عرضة للطلاق في أي وقت وينتهك حقوقها ويرمي اليمين كيفما شاء ولا يدفع لها أي شي حتى لو كان لها حق مبينة أن القانون يتشدد بحقوق المرأة ولكن في حقوق الرجل يتساهل".

وأضافت:"بنسبة وتناسب الرجال هم من يعنفوا النساء أكثر وبالتالي لا نجد أيا من النساء أخذت حقوقها، نحن مع حق أي شخص ولكن عندما يتم إهمال حقوق 99% والتمسك في حقوق 1% تصبح هذه إشكالية ونظرة ذكورية للموضوع ، وكمؤسسات نسوية لديهم مطالب وقرارات كثيرة تخص النساء حتى الآن لم يتم الأخذ بها أو التطرق لها مؤكدا انه حتى الآن لا يتم تسهيل إجراءات التقاضي للنساء ولم يتم الأخذ بموضوع الخلع حتى دعوى الشقاق والنزاع نفسها الخاصة بالمرأة لا يتعاملوا معها بأريحية، كما يخرجوا بقرارات لصالح الرجال فنحن أيضا طالبناهم بقرارات كثيرة لصالح النساء".