السجون

فرحة تخرج رغما عن أنف السجان.. هكذا أرادها الأسير محمود أبو عيشة من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، الذي أصرّ أن يدخل الفرحة على نفسه ومن حوله من الأسرى وعائلته، وذلك بإعلان خطوبته وهو داخل أسوار السجون.

الأسير محمود أبو عيشة (30 عامًا)  اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2004 بتهمة عمله العسكري، وحكم بالسجن الفعلي لمدة 17 عامًا قضى منها 13 عامًا وما زال يقبع داخل سجن نفحة الصحراوي.

وأكمل الأسير أبو عيشة دراسته الجامعية داخل أسوار السجون، فقد حصل على شهادة الدبلوم في أصول الدين، ومن ثم أكمل درجة البكالوريوس بتخصص التاريخ، وحفظ القران كاملًا وحصل على شهادة السند المتصل في الحديث الشريف.

إصرار محمود على الحياة وإدخال الفرحة الغائبة لداخل السجون، كانت الدافع الأول لاتخاده هذا القرار، حيث طلب من والدته مرارًا وتكرارًا أن تخطب له عروسًا يفرح بها ويدخل السرور على قلب عائلته المكلومة، حيث استشهد والده عام 1991 على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وجرح أخيه خلال انتفاضة الأقصى.

وكثيرًا ما كان يلح الأسير محمود على والدته خلال زيارتها المتكررة له بأن تخطب له عروسًا ليتزوجها بعد خروجه، لكن والدته تقول إنها كانت رافضةً لهذا القرار،" ومن شدة إلحاحه المتكرر نزلت على قراره وخطبت له"، وفق تعبيرها.

وتصف الحاجة أم طلعت أبو عيشة مدى سعادتها بحفل إشهار نجلها الأصغر، حيث جلست بدلًا منه على كرسي الفرح داخل صالة الأفراح، لكنها تقول إن فرحتها منقوصة لعدم  وجود ابنها العريس في يوم إشهار عرسه.

وتتمنى الحاجة بأن يعجل الله بفك سراح نجلها محمود وجميع الأسرى وأن يمن الله على ابنها بالخروج والفرح بعرسه الذي كانت تتمناه كثيرًا قبل اعتقاله عام 2004.

أما والد عروس الأسير أبو عيشة نعيم أبو جربوع، فيقول" إن هذا الزواج مفخرة كبيرة لعائلتنا، أن نزوج أسيرًا ضحى من أجل رفع قضية فلسطين وضحى بعمره وشبابه من أجل أن نحيا بسلام، فهذا أقل القليل لنقدمه له".

ويصف أبو جربوع هذا الإشهار بأنه تحدٍ كبير للاحتلال الإسرائيلي، من خلال إدخال الفرحة للسجون الإسرائيلية الذي يسعى الاحتلال لطمسها وقهر الأسرى داخل معتقلاتهم، وفق تعبيره.

وأشار إلى أن هذا الفعل وموافقته على زواج ابنته على أسير ما زال يقبع في سجون الاحتلال، نابعةً من أمله القريب بتحرير جميع الأسرى وتبييض كل سجون الاحتلال.

ويشكر أبو جربوع كل من شارك الأسير أبو عيشة وعائلته فرحته بهذا الإشهار، داعيًا الله بأن يمن على جميع الأسرى بالفرج العاجل.

ونظمت وزارة الأسرى والمحررين وجمعية واعد للأسرى حفل إشهار للعريس الأسير محمود أبو عيشة كـ"لمسة وفاء" له، وذلك بحضور النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر وقيادة حركة حماس في المنطقة الوسطى وثلة من الأسرى المحررين.

وذكر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر في كلمةً له خلال حفل الإشهار، إننا اليوم إذ نلعن إشهار عريسنا الأسير محمود أبو عيشة لهو فخر كبير لنا لأنه يعبر عن مدى إصرار الأسرى على البقاء والحياة رغم السجان والاحتلال.

ويؤكد بحر أن زواج الأسرى وعملية تهريب النطف ما هي إلا رسالة تحدٍ للاحتلال بأن الشعب الفلسطيني يفرح رغمًا عن المآسي الذي يتعرض لها صباح مساء.

ويضيف" موافقة أهل العروس على زواج أسير ما زال يقبع في السجون هو وفاء للأسير ولجميع الأسرى وتقديرًا منهم بتضحيات الأسرى الذين ضحوا بزهرة شبابهم خلف القضبان"، وفق تعبيره.

ويطالب النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي المجتمع الدولي بالإفراج الفوري عن الأسير المضرب عن الطعام محمد القيق، وجميع الأسرى في سجون الاحتلال، داعيًا لهم بالفرج القريب وأن يدخل الفرحة على قلوب ذوييهم.