قلعة الكرنتينا

قلعة تاريخية تقع في حضن جبل في البلدة القديمة من مدينة الخليل، تأخذ شكلا هندسيا يعبر عن أهمية المكان ومكانة المدينة التاريخية، التي تحمل لمسات وآثار من حقب تاريخية متعاقبة مرت على ارض فلسطين من عهود الرومان، والبيزنطيين والمماليك، والعثمانيين.

وأوضح المهندس المعماري حلمي مرقة، إن 'الكرنتينا' قلعة شيدت منذ بداية القرن الثامن عشر (عام 1848م)،  بهدف إنشاء مواقع للحجر الصحي، وسميت في حينه 'تحفظخانة' وهي كلمة تركية تعني الحجر، واستخدمت لإقامة القادمين للمدينة من خارجها للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية والمتفشية وكانت هذه المنشات منتشرة على مستوى أوروبا والوطن العربي، لتفادي انتشار الأمراض المعدية التي كانت تحصد الآلاف من البشر نظرا لعدم تواجد دواء وطعوم لهذه الأمراض الفتاكة.

وأضاف يأخذ المبنى شكل القلعة الصحية ، وتوجد في عدة مواقع في فلسطين ولكن في الخليل حافظت على تسميتها ' الكرنتينا' وباقي المناطق سميت بالسرايا، واستخدمت لإغراض مختلفة، والمفهوم كبناء للموقع يرمز للضخامة وأهميته الوظيفية المتوخاة من إنشائه هو العزل الصحي، المدخل يمثل رمزا لمداخل المدن التاريخية، كمدخل خان الخليل، والقناطر، وتتمتع بالحماية والعزل.

ويحيط بالمبنى سور حجري مرتفع يتخذ شكل المربع، ويضم بداخله عددا من المباني والغرف، بقباب وأقواس ضخمة تجاوزت 18 غرفة، والتي تستخدم اليوم كمركز وعيادات صحية للبلدة القديمة، وللسور مدخل ضخم  كمدخل القلعة المحصنة، نقش أعلى بوابته بأحرف عربية وباللغة التركية، أنها أنشأت في عهد السلطان العثماني عبد المجيد بن محمود عام 1265 هجري.

ومن حيث قوة البناء، قال مرقة، من المعروف أن استخدام المكونات للأسطح والجدار في المباني القديمة يمكن أن يعيش ألف عام، في حين أن عمر الخرسانة الافتراضي مئة عام، بسبب استخدام الحديد الذي يتعرض للصدأ، ولذلك تصمد المباني التاريخية أمام العوامل الجوية والظروف البيئية، مبينا انه للحفاظ على هذه المباني ، يجب استخدام مواد مشابهة للمبنى في عمليات الترميم، بالإضافة إلى أن عملية الترميم موضوع شائك، وتحتاج إلى كوادر مدرب، واستخدام مواد تساعد على حل مشاكل الرطوبة، مشددا على توفير التمويل الجيد، وتحديد الهدف من عملية الترميم وأمده.

وأشار إلى أن استعمال الكرنتينا حاليا كعيادة صحية اختلف عن الهدف من تشييدها، مبينا أن هنالك تحديات كبيرة لاستغلال هذه المباني التاريخية  كمتاحف، خاصة أن الكرنتينا  قريبة من منطقة استيطانية وتقع في البلدة القديمة التي تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال التي تعيق حرية الحركة وتمنع من استغلال المبني كمعلم سياحي تاريخي.

من جانبه، أشار المواطن سالم أبو اسنينة، أن الكرنتينا، كانت تستعمل لأغراض الحجر الصحي للأمراض المعدية مثل الطاعون والكوليرا ، وكان الموتى يدفنون في المقبرة القريبة منها فورا، كما استغلت الدولة العثمانية فيما بعد الموقع كسجن للفارين من خدمة الجيش، المعروفة في حينها 'بالسخرة'.

وأضاف كما أعيد استعماله كعيادات طبية في فترة الاستعمار الانجليزي والعهد الأردني والاحتلال الإسرائيلي، كما طورت السلطة الوطنية استخدام الكرنتينا كعيادات طبية وشملت عيادات أنف وأذن وحنجرة ، الغدد ، السكري، نسائية، وتنظيم أسرة، وأطفال، وعظام، وأمراض جلدية، ومختبر عام، وصيدلية تابعة لمديرية الصحة.

مبينا انه لا يوجد عيادة مثلها في كل فلسطين من حيث المساحة، والتصميم الهندسي والجمالي، مشيرا إلى أن البلدة القديمة من مدينة الخليل تزخر بالعديد من المعالم التاريخية إلى بنيت خلال الحقبة العثمانية، منها الحمام التركي الذي تعيد ترميه لجنة إعمار الخليل بتمويل من مؤسسات تركية، ليحاكي الوظيفة التي انشأ من أجلها، وجلب السياحة المحلية والعربية والأجنبية، للتعرف على المدينة التاريخية التي تحتضن إرثا حضاريا غنيا بالمعالم التاريخية .