ميركل تعيق الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

ميركل تعيق الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين

 فلسطين اليوم -

ميركل تعيق الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين

نقولا ناصر

في افتتاحيتها يوم الثلاثاء الماضي،كتبت "نيويورك بوست"الأميركية أن الاعتراف بدولة فلسطينية من جانب واحد قد أصبح في أوروبا،أحدث صيحات الموضة السياسية،ولحسن الحظ أنها اصطدمت مباشرة بعقبة تتمثل في شخص المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وكان من المقرر يوم الخميس الماضي،أن تنعقد جلسة للبرلمان الأوروبي،في ستراسبورغ للتصويت على مشروع قرار غير ملزم،يدعو كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين،لكن الزعيمة الألمانية،أوضحت بأنها لن توافق، كما أضافت النيويورك بوست،لتقود معارضتها إلى تأجيل موعد الجلسة إلى الخامس عشر من كانون الأول/ ديسمبر.

وقد اعترفت السويد رسميًا بدولة فلسطين،واتخذت برلمانات بريطانيا وأسبانيا وإيرلندا قرارات مماثلة غير ملزمة تحث حكوماتها على اعتراف مماثل، كان من المقرر أن يعقد البرلمان الفرنسي جلسة للغرض ذاته يوم الثلاثاء المقبل،ونظيره الدنمركي بعد تسعة أيام،لكن ألمانيا تبدو مصممة على السير عكس عقارب الساعة الأوروبية.

في التاسع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر،قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي الجديدة للشؤون الخارجية فدريكا موغريني،نحن في حاجة إلى دولة فلسطينية ،ذلك هو الهدف النهائي وهذا هو موقف كل الاتحاد الأوروبي،وإذا جلسنا منتظرين سيطول الأمر 40 سنة أخرى،علينا أن نعمل الآن.

 لكن للمستشارة الألمانية،ميركل رأي مختلف،هو في الواقع استنساخ لموقف الولايات المتحدة يجعل من الصعب على المراقب،وبخاصة إذا كان فلسطينيًا،ألا يتساءل عما إذا كانت ألمانيا قد تحررت فعلًا من الاحتلال الأميركي،ومن تبعيتها لواشنطن منذ هزيمتها في الحرب العالمية الثانية.

 ومن الواضح،أن القارة الأوروبية قد اتجهت أخيرًا،نحو الالتحاق بالمجتمع الدولي الذي اعترف معظمه بدولة فلسطين منذ مدة طويلة،قبل أن يضفي على هذا الاعتراف شرعية الأمم المتحدة،التي اعترفت بفلسطين دولة مراقبة غير عضو فيها قبل عامين،وتبدو ألمانيا وحدها مصممة على السير عكس عقارب الساعة الدولية أيضًا.

في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل عامين،عارضت ألمانيا مشروع قرار الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في المنظمة الأممية،انسجامًا مع سجلها التاريخي في التصويت كما تصوت دولة الاحتلال وراعيها الأميركي،وقد حاولت في اللحظات الأخيرة،قبل التصويت على مشروع القرار إقناع أغلبية من الدول الأوروبية،بالامتناع عن التصويت في الأقل لكنها فشلت.

يوم الاثنين الماضي،فسر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون،هذا التوجه الدولي نحو الاعتراف بدولة فلسطين،الذي سوف تنمو قوة دفعه،كما قال،بأنه نتيجة لفشل المجتمع الدولي ،في التوصل إلى حل سياسي.

 ولم يكن كي مون دقيقًا ولا صريحًا، فليس المجتمع الدولي هو الذي فشل بل الولايات المتحدة التي احتكرت منفردة مساعي التوصل إلى حل بشروط تفاوضية، تجعل من المستحيل التوصل إلى أي حل لأنها شروط صاغتها دولة الاحتلال الإسرائيلي،وتبنتها واشنطن ففرضتها بالقوة القاهرة على المفاوض الفلسطيني،والمجتمع الدولي على حد سواء.

وهذا بالقدر ذاته فشل للدول التي دعمت تلك المساعي الأميركية،وأولها ألمانيا التي تصر مستشارتها اليوم على المضي في المسار الفاشل ذاته.

ففي مؤتمر صحفي،في برلين في الحادي والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر،كررت ميركل رفضها لاعتراف ألمانيا من جانب واحد بدولة فلسطين،وبالرغم من اعترافها بأن استئناف عملية السلام يبدو أمرًا صعبًا جدا في ظل الظروف الراهنة،فإنها أكدت على أن المفاوضات الثنائية فقط،بين دولة الاحتلال وبين الجانب الفلسطيني هي الطريق الصحيح للاتفاق على حل دولتين ،تتعايشان جنبًا إلى جنب بأمن وسلام،أنه الصوت الأميركي النشاز الشاذ عن التوجه العام للمجتمع الدولي لكن بلغة ألمانية.

وموقف ميركل ليس جديدًا، فقد تمسكت به طوال ولاياتها الثلاث كمستشارة لبلادها،ففي العشرين من كانون الثاني/ يناير عام 2010،نسبت جودي دمبسي في مقال لها نشرته انترناشونال هيرالد تربيون الأميركية إلى مشرعين ومحللين ألمان قولهم إن السيدة ميركل،تعد الأكثر تأييدا لإسرائيل،بين كل مستشاري ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ونسبت إلى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني آنذاك روبريشت بولنز ،قوله نحن لسنا محايدين،عندما يتعلق الأمر بعلاقة ألمانيا مع الشرق الأوسط.

وقد خلصت دمبسي،إلى القول إن موقف المستشارة جعل من الأصعب على الاتحاد الأوروبي،أن يتكلم بصوت واحد حول الشرق الأوسط.

ونسبت إلى مؤلف سيرة حياتها،جيرد لانجغوث قوله إن ميركل،حددت لنفسها ثلاثة أهداف في السياسة الخارجية،أحدها إقامة علاقة أوثق مع إسرائيل،وكان هذا هو النجاح الوحيد لها،حيث نجحت في إقامة ما تصفه هي ودولة الاحتلال معًا بالعلاقة الخاصة بين الطرفين،وهو ما يذكر بالعلاقة المماثلة بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة،لتتحول ألمانيا عمليا إلى أميركا أوروبية في هذه العلاقة.

وإذا كانت أميركا هي المتعهد الأمني،للمحافظة على التفوق النوعي لسلاح جو دولة الاحتلال،فقد حولت ميركل ألمانيا إلى المتعهد الأمني للمحافظة على التفوق النوعي لسلاحها البحري،ففي أيلول/ سبتمبر الماضي تسلمت دولة الاحتلال رابع أكبر غواصة ألمانية على الإطلاق من طراز "دولفين" قادرة على حمل سلاح نووي وسوف تتسلم غواصتين أخريين من ذات الطراز قبل نهاية عام 2017.

 وعلى ذمة "هآرتس" العبرية،و"دير شبيغل" الألمانية،وافقت حكومة ميركل على صفقة سفن حربية جديدة صناعة ألمانية لدولة الاحتلال،بمبلغ مليار يورو يدفع دافع الضرائب الألماني ثلثها تقريبًا كما فعل في صفقة غواصات دولفين.

وكانت ميركل أول مستشارة ألمانية،تعترف بدولة الاحتلال كدولة يهودية،لتدخل ذلك في نص الاتفاق مع الأحزاب الأخرى على تأليف حكومتها الائتلافية في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2009، بالضد من نصيحة الدبلوماسيين الألمان، على ذمة دمبسي.

وموقف ميركل،هذا من العوامل الهامة التي شجعت حكومة دولة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو،على تبني مشروع قرار عنصري،لا يمت للديموقراطية بصلة ينتظر مصادقة الكنيست عليه،ليعلن دولة الاحتلال الدولة القومية للشعب اليهودي.

أي أن ميركل،اعترفت بالدولة اليهودية،قبل أن تعترف بها رسميًا حكومة وكنيست دولة الاحتلال،لتكون يهودية أكثر من اليهود أنفسهم،الذين يعارض تيار رئيسي منهم قرار حكومة نتنياهو ومنهم رئيس الدولة روفن ريفلين ووزيرة العدل تسيبي ليفني وحزبها تنوعاه،ووزير المالية يائير لبيد وحزبه يش عتيد.

 صحيح أن ميركل سجلت موقفا لبلادها ضد المستعمرات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة،فلأول مرة في تاريخها شذت ألمانيا عن تقليدها في التصويت ضد أي قرارات للأمم المتحدة،تنتقد دولة الاحتلال أو الامتناع عن التصويت عليها،وذلك عندما أيدت مشروع قرار استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضده في مجلس الأمن الدولي  في الثامن عشر من شباط/ فبراير عام 2011،يعدها غير شرعية ويدعو إلى وقفها فورًا،وصحيح أيضًا أنه من دون دعمها ما كان ليمر قرار الاتحاد الأوروبي العام الماضي بمنع تمويل المستعمرات اليهودية، وصحيح كذلك أن ألمانيا هي أكبر مانح أوروبي للفلسطينيين،وقد عارض برلمانها الحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة التي أعلنت ميركل،خلالها دعمها لحق دولة الاحتلال في الدفاع عن نفسها.

 لكن العلاقة الخاصة،الاستراتيجية التي أقامتها ميركل مع دولة الاحتلال،ما زالت تمنع البناء على هذه البوادر الايجابية،تجاه الشعب الفلسطيني كي تتطور نحو موقف ألماني،أكثر توازنًا بين طرفي الصراع،وأقل انحيازًا لدولة الاحتلال يحول دون أن يتحول الشعب الفلسطيني إلى الضحية الجديدة الباقية لسياسة الهولوكوست،التي تنتهجها ميركل،والتي خرج اليهود منها بدولة لهم ويكاد الفلسطينيون يخسرون بسببها وطنهم التاريخي بكامله.

palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميركل تعيق الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين ميركل تعيق الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين



GMT 10:41 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

لا يعرف ألم الفراق إلا من أكتوي به ؟

GMT 04:14 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:59 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

قرار المحكمة الصهيونية مخالف للقانون الدولي

GMT 19:24 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

نهوض سوريا تهديد لإسرائيل

GMT 19:20 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

تسارع استعادة السيطرة السورية على شرق الفرات

GMT 19:16 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

بنان عكس الطائف بين ثلاثة مفاهيم خطيرة... وتشوّهين

GMT 19:12 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

سورية والعائدون إليها

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:06 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير داخلية بوينس آيرس يستقيل من منصبه

GMT 01:24 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

النجم جورج وسوف يحيي حفلة غنائية في فرنسا

GMT 21:04 2017 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

نجم الفريق تامر صيام يحسم موقفه من هلال القدس

GMT 05:49 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد نؤكد خوض تجربة المسلسل الكارتوني لأول مرة

GMT 07:21 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

6 أخطاء شائعة يجب تجنبها عند إنشاء "كملة سر" صعبة

GMT 10:51 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

هنري جاك يواصل إبداعه في مجموعة Les Classiques de HJ

GMT 00:18 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة تحضير مشروب التمر هندي بالكركديه
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday