بقلم: د. يوسف رزقة
انتهت القمة الخليجية التي حضرها الرئيس أوباما. قبيل انتهاء القمة طلبت صحيفة التايمز الطرفين الأميركي والسعودي بشراكة تخلو من النفاق؟! بعد انتهاء القمة صدر بيان عنها جاء فيه أن أميركا تعهدت باتباع سياسة( لا لبس فيها؟!) واستخدام كل عناصر القوة لتأمين مصالحها في منطقة الخليج، وردع أي عدوان خارجي ضد حلفائها وشركائها، كما فعلت في حرب الخليج؟!
" وفي المقابل التزم قادة دول مجلس التعاون الخليجي بتعزيز المشاركة والتدريبات العسكرية، والتعاون الأمني مع الولايات المتحدة بهدف تعزيز قدرة دول الخليج على لعب دور أكبر في مواجهة التحديات الإقليمية".
إنك إذا تمعنت هذه الكلمات وما لحق بها من تفاصيل طويلة في البيان أدركت أنه ثمة مسافة طويلة لم يتم جسرها بين الطرفين، لا سيما بعد الاتفاق الأميركي الإيراني، وبعد تراجع وعود أوباما في المسألة السورية، والعراقية، واليمنية.
في الأشهر الماضية أعربت الرياض عن قلقها وامتعاضها من سياسة أوباما، بعد أن أدار ظهره لدول الخليج، وعندها قررت الرياض الاعتماد على النفس، وعلى تحالفات إقليمية لتعويض التراجع الأميركي وسدّ الفراغ، فكانت عاصفة الحزم في اليمن، وكانت اتفاقات تعاون استراتيجي مع تركيا، وتوظيف افضل للنفط في السياسة الخارجية.
اليوم أوباما يعترف بما عند الخليجين من قلق وألم، لذا قرر أن يقدم لهم تطمينات: ( سياسة أميركية لا لبس فيها) في الدفاع عن أمن الخليج ضد التهديدات الخارجية؟! مع التأكيد على الشراكة الاستراتيجية بين الأطراف، في مواجهة التهديدات وقضايا المنطقة الملتهبة، ولست أدري هل اقتنع قادة الخليج بوعود أوباما، أم أنهم لا يملكون بديلا عما تمّ استدراكه مع البطة العرجاء في البيت الأبيض.
ثم إنك إذا تأملت القضايا الأخرى التي تضمنها البيان وجدتها تركز على موضوع الإرهاب، وتحديدا على داعش، وضرورة العمل المشترك لهزيمة التنظيم، ودعم حكومة العراق لهزيمته وتحرير الموصل، وكذا الأمر فيما يتعلق بتنظيم القاعدة. والعمل معا للحدّ من التوترات الإقليمية والطائفية.وتأكيد تضامن المجتمعين مع الشعب السوري، وإنجاح الحلول السياسية، ومساعدة اللاجئين، إضافة إلى مبادرات أمنية إضافية تشمل التدريب، والمناورات، وتبادل المعلومات، ونظم إنذار مبكر، والتعاون البحري في مجال الأمن..الخ
إنك إذا نظرت في هذا تجد فيه تجديدا لما هو قائم، وتكرارا لما مضى، ولا يتضمن آليات تضمن وفاء أميركا بالتزاماتها لدول الخليج. وإذا تأملت البيان بعمق لم تجد فيه ذكرا للقضية الفلسطينية، ولا لحقوق الشعب الفلسيطني، ولا حتى لمفاوضات التسوية وحلّ الدولتين.
لماذ حضرت داعش، والقاعدة، وسوريا، والعراق، وإيران ، وغابت فلسطين؟! ، مع أنها قضية العرب والمسلمين المركزية، وهي التي أعطت الأنظمة العربية شرعية وجود من خلال الزعم بأنها تعمل لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني. غابت القضية الأعدل في العالم المعاصر، وهذا أول (لبس ) في السياسة الأميركية قبل أن يصدر البيان الختامي عنها.
من المسئول عن الغياب؟! وهل نجحت (اسرائيل ) وأميركا في نصب أعداء جدد للأمة العربية والإسلامية ؟! أم أن المصالح فرصت الغياب؟! ثم أين قادة فلسطين والسلطة؟!