حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة

 فلسطين اليوم -

حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة

عريب الرنتاوي

تحدثت الأنباء عن “اتفاق” امريكي – تركي، توجته (أو مهدت له) مكالمة هاتفية بين أوباما وأردوغان، أخذت بموجبه الولايات المتحدة “الحق” في استخدام القواعد العسكرية الأمريكية في تركيا، (أنجرليك) بالذات، ودخلت تركيا بمقتضاه الحرب الكونية على “داعش”، بعد أن ضمنت “حداً ما” من مطالبها وشروطها، على حد تعبير رئيس حكومتها أحمد داود أوغلو... بعض المراقبين والمحللين و”الأطراف السياسية” في المنطقة، ذهبت بعيداً في تناول الاتفاق بوصفه تجاوزاً لقضايا الخلاف بين الجانبين، فهل تعكس مثل هذه التقديرات والقراءات حقيقة الموقف؟
بمقياس الربح والخسارة، حققت واشنطن هدفين لطالما سعت لانتزاعهما من حكومة العدالة والتنمية من دون جدوى: الأول، ويتمثل في تمكين سلاح الجو الأمريكي من استخدام القواعد التركية القريبة من مسرح عملياته في سوريا والعراق ... والثاني، إدماج تركيا بما لها من ثقل ومكانة في التحالف الدولي المناهض للإرهاب، بدءاً بتقطيع طرق إمداد “داعش” بالمال والرجال والسلاح، التي تمر معظمها إن لم نقل جميعها، بالأراضي التركية، وتحت سمع وبصر وبموافقة وتشجيع من المؤسسة السياسية والأمنية التركية، وانتهاءً بالانخراط المباشر في العمليات الجوية ضد تنظيم الدولة.
في المقابل، حصلت أنقرة على بعض ما كانت تطلبه وتشترط الحصول عليه، للدخول على خط الحرب على “داعش” ... أول هذه الشروط، السماح لأنقرة بإنشاء منطقة عازلة “مصغرة” و”مشروطة” في شمال سوريا ... وثاني هذه الشروط، “غض طرف أمريكي عن استئناف الجيش التركي لحربه ضد حزب العمال الكردستاني.
واشنطن على ما تشير تقارير ومصادر معلومات، أعطت ضوءاً أخضر مشروطاً للمنطقة العازلة، منها أن تظل محصورة بنطاق جغرافي ضيق “نسبياً”، يلتقي مع الحد الأدنى من متطلبات الأمن و”الهواجس” التركية، بخلاف ما كانت تطمح له أنقرة من توسيع لهذه المنطقة، لتشمل حلب وتمتد بامتداد حدودها مع سوريا، وبعمق يتراوح ما بين 30 – 40 كيلومتراً ... المصادر تتحدث عن ضغوط أمريكية أوقفت محاولات تركيا التقدم صوب حلب وحماة والساحل، لأن المستفيد الوحيد من فراغ السلطة السورية أو انسحابها منها، هو القوى الأصولية المتشددة.
والولايات المتحدة التي ما زالت تدرج حزب العمال الكردستاني”PKK”، على لائحة المنظمات الإرهابية، ما كان لها أن تحول دون قيام أنقرة بتنفيذ عمليات “ضد الإرهاب الكردي” بالتوازي والتزامن مع دخولها على خط الحرب ضد الإرهاب السني المتمثل بـ “داعش” ... لكن واشنطن في ذات الوقت، حرصت على حض أنقرة على وجوب التمييز بين داعش والحزب الكردي، وإعطاء الأولوية للحرب على الأول بدلاً من تركيز النيران على الثاني.
تدرك واشنطن أن احتدام المعارك التي تخوضها أنقرة ضد أكراد تركيا، ستفضي حتماً إلى تأزيم علاقاتها (المتأزمة أصلاً) مع أكراد سوريا ... صحيح أن أكراد سوريا ظلوا خارج إطار “الاتفاق/ الصفقة” بين الجانبين، لكن نفوذ حزب العمال الحاسم في أوساط أكراد سوريا، يجعل من الصعب الفصل بين حرب أنقرة على أكرادها وحربها على أكراد سوريا الذين تنظر إليهم واشنطن بوصفهم حليفاً موثوقاً ومجرباً في الحرب على “داعش”، ولا تريد أن تفقد مكانتها وتحالفها معهم، إرضاء لرغبات السيد أردوغان، أو تلبية للشهية التركية المفتوحة لضرب عدة عصافير بحجر واحدٍ.
على الأغلب أن الاتفاق بين الجانبين، قادهما للالتقاء في نقطة في منتصف الطريق الفاصل بينهما ... والمؤكد أن كل فريق سيواصل سعيه لتوسيع هامش المكتسبات التي حققها بالاتفاق مع الفريق الآخر، وستنشأ عن ذلك، خلافات وتباينات، وجولات من الشدّ والجذب ... تركيا ستسعى لتوسيع المنطقة العازلة إلى أقصى حد ممكن، وستحرص على نقل قوات موالية لها من المعارضة السورية، لإدارة هذه المنطقة، المحظور على جيشها دخولها أو اختراق حدوده مع سوريا، والولايات المتحدة ستسعى في جعلها تتم في أضيق نطاق ممكن ... تركيا ستوسع دائرة المستهدفين بنيران طائراتها الأمريكية الصنع، والولايات المتحدة تريد لهذه الطائرات أن تركز حممها على مواقع “داعش” ومعسكراتها ... تركيا تريد أن تقضي على طموح أكراد سوريا بإنشاء كيانهم الخاص من ضمن سوريا فيدرالية، والولايات المتحدة تتحول مع تطور الأزمة السورية، إلى موقع “الراعي الرسمي” للمشروع الكردي في سوريا.
ماذا عن الأسد ومستقبل نظامه؟
عند هذه النقطة بالذات، يدرك أنقرة الصباح، وتتوقف عن الكلام المباح، لا حديث عن هذه المسألة من جديد ... كل ما يصدر عن حكومة العدالة والتنمية، لا يفصح عن مصائر شعار “إسقاط الأسد ونظامه”، وفي المقابل ليس ثمة ما يشي بإجراء مراجعة أو تغير في الموقف التركي، يرى في الأسد ونظامه، مشروع حليف في الحرب على “داعش”.
النظام في دمشق، ما زال على روابطه الوثيقة مع الحركة الكردية، ولا نقول “شعرة معاوية”، فما بين الجانبين أقوى من ذلك، أقله حتى الآن، لكن الخشية من قيام كيان كردي انفصالي على المدى الأبعد، ربما تشكل في قادمات الأيام، أرضية مشتركة لتلاقي تركي – سوري، كما أن الحرب على “داعش” تضع دمشق وأنقرة، في خندق واحد، بالرغم من استمرار التراشق بالاتهامات وحالة العداء التي تطبع العلاقات بين الجانبين.
انتقال تركيا من سياسة “غض الطرف” عن “داعش” إلى مواقع القتال ضد “خلافته”، حرّك مياه راكدة في الأزمة السورية، وأطلق ديناميكيات متسارعة، من المبكر التكهن بمصائرها ومساراتها والنتائج المترتبة عليها ... لكنه بالقطع، انتقال يستبطن تحولات استراتيجية في موازين القوى وخرائط التحالف، الخاسر الأول والأكبر فيه، هو “داعش” والإرهاب عموماً، بيد أنه لن يكون الخاسر الوحيد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 00:15 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 23:28 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

طريقة إعداد وتحضير بودينغ الشوكولاتة بالنعنع

GMT 02:30 2015 الأحد ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

النجمة نيكول سابا تتضامن مع الكينج لدعم السياحة

GMT 01:03 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

وليد علي يتمسك بمجاله الإعلامي ويرفض العمل في السياسة

GMT 17:01 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

الحكومة الروسية تقرّ استراتيجية الطاقة حتى 2035
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday