«أتاتورك» العربى
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

«أتاتورك» العربى

 فلسطين اليوم -

«أتاتورك» العربى

بقلم : مصطفي الفقي

لقد أصبحت «الأتاتوركية» رمزاً تاريخياً أمام ممالك الشرق الأوسط ودول المنطقة كنموذج لنهج إصلاحى يتجه نحو الحداثة ويخلع أردية الماضى حتى يخرج من عباءة ارتدتها النظم لسنوات طويلة، أقول ذلك بمناسبة ما يجرى فى بعض دول العالم العربى، خصوصاً فى منطقة الخليج، حيث تبدو الحركة الإصلاحية ناقوساً يدق بشدة بعد طول سبات، ولعل الخطوة التى اتخذتها «المملكة العربية السعودية» مؤخراً بتحرير دور المرأة إلى حد كبير والسماح لها بقيادة السيارات بعد أكثر من مائة وعشرين عاماً من قيادتها فى مصر، كذلك كان توجهها لتنقية دور رجال الدعوة مما لحق بهم من أخطاء وشوائب، فضلاً عن توجيه ضربات موجعة للفساد المالى فى المملكة، أقول إن ذلك كله قد ذكرنى بشىء مما فعله «مصطفى كمال أتاتورك» عندما قلب وجه تركيا العثمانية ليصنع منها تركيا الحديثة، وأنا أظن أن الحركات الإصلاحية الكبرى قد ارتبطت دائماً بصدمات فاجأت الناس وغيرت الأوضاع، وقد يرفضونها فى وقتها ولكنهم يعودون إليها بعد حين، فالإنسان عدو ما يجهل، والشعوب لا تقبل التغيير بسهولة إلا إذا انبثق عنها أو خرج منها، ولعلى أشير هنا إلى الملاحظات الآتية:

أولاً: إن «الأتاتوركية» قد غيرت وجه الحياة فوق «هضبة الأناضول» وحولها وأنهت دولة الخلافة الإسلامية التى امتدت لما يقرب من سبعة قرون حتى تأثرت المنطقة بأسرها بما جرى على يد «الذئب الأغبر» الذى نقل بلاده نقلة نوعية ظل أثرها قائماً حتى اليوم، ولذلك فإنه من الصعب أن نتحدث عن ثورة تركية ولكن الأوفق أن نشير إلى مسار إصلاحى تركى منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة العثمانية والتحول الجذرى الذى أدى إلى أن تصبح تركيا قوة إقليمية بعدما كانت دولة مترهلة انتهى عمرها الافتراضى.

ثانياً: إن السعى نحو الإصلاح العربى قد يقتضى فى مرحلة معينة ارتداء قبعة «أتاتورك» بدلاً من الطربوش العثمانى على ألا يؤدى ذلك إلى التفريط فى الهوية أو العبث بالثوابت، والأمر لدينا يتجاوز ذلك لتأكيد انتفاء التعارض بين الإصلاح وصيانة الهوية، وقد يكون العكس صحيحاً، إذ إن الإصلاح قد يؤدى إلى تصحيح المسار وبالتالى إلى تعزيز مفهوم الهوية واحترام الشخصية الوطنية شريطة أن يرتبط ذلك بقدر لا بأس به من القدرة على التغيير المستمر لتحقيق الأهداف العليا للحركة الإصلاحية ذاتها.

ثالثاً: لقد ارتبطت أفكار «أتاتورك» فى ذهن العامة بنزعة علمانية تفض الاشتباك بين الدين والدولة، فضلاً عن محاولة «التتريك» التى وصلت إلى حد ترجمة الأذان إلى اللغة التركية، وهو أمر لم يستمر طويلاً لأن القرآن نزل بلسان عربى، كما أن كل ما يتصل بذلك الدين الحنيف تجرى صياغته باللغة القومية وهى اللغة العربية.

رابعاً: إن النموذج التركى يختلف بالضرورة عن غيره من النماذج فى المنطقة، بما فى ذلك النموذج السعودى وربما غيره أيضاً من النظم الخليجية الأخرى، فهى دول لا تعانى من اضطرابات أو قلاقل ولكنها تحتاج فقط إلى القذف بالدولة فى أتون القرن الحادى والعشرين وتأكيد قدرة الجميع على التعامل مع معطياته والمستجدات التى طرأت عليه والروح الدولية المسيطرة على طبيعة النظم الحاكمة والعلاقات المتشابكة بينها حتى نكون أمام قراءة جديدة لموقف دولى مختلف.

خامساً: إن تقنيات العصر وثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال تسهم فى مجموعها فى تسهيل مهمة التغيير الذى لم يكن متاحاً بهذه الدرجة منذ ثمانين عاماً، كما أن ما جرى فى عشرينيات القرن الماضى لا يمكن القياس عليه بأبجديات العمل السياسى الراهن.

إن ما حدث فى منطقة الخليج وفى أكبر دولة منه لا يمكن القياس عليه بالنسبة لدول أخرى، إذ إن لكل منها خصوصية معينة وظروفاً مفهومة، إلا أن هناك قاسماً مشتركاً يتصل بالبيئة السياسية ومناخ الحريات اللذين يجب أن يكونا متوافقين مع المستقبل الذى تنشده الدولة، ومدركين للماضى الذى تنسلخ منه، بحيث يتم ذلك كله بطرق سلمية بعيداً عن العنف وإظهاراً للحق وإيماناً بالوطنية التى تحدد الطريق الصحيح أمام من يقود الحركة الإصلاحية ويسعى للتغيير الشامل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أتاتورك» العربى «أتاتورك» العربى



GMT 03:22 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

رسالة مفتوحة إلى رئيسة وزراء نيوزيلندا

GMT 06:08 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تكريم السادات

GMT 06:06 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

المكتشف الأول والعامل المجهول

GMT 05:39 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

"محمود كارم" وسبيكة المكارم!

GMT 05:44 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

25 يناير 2011

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 13:39 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن بعض الوصوليين المستفيدين من أوضاعك

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 07:42 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحتاج إلى الانتهاء من العديد من الأمور اليوم

GMT 05:35 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الملكة رانيا وبيلا حديد بسترة واحدة على "إنستغرام"

GMT 21:07 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شوارع بيروت تغرق في النفايات بسبب الامطار الغزيرة

GMT 07:21 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

زينة تلجأ إلى تحليل "DNA" لإثبات النسب لأحمد عز

GMT 09:17 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 00:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عمار سلمان يعود لتدريب أهلي الخليل

GMT 23:49 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب رفح يصارع القادسية والشجاعية يتحدى الهلال
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday