بقلم د. يوسف رزقة
من البدهي في القراءة السياسية الآن أن الرئيس الجمهوري رونالد ترامب يميل إلى اليمين المحافظ بين الجمهوريين، ويميل إلى معادات الجاليات الأجنبية المهاجرة إلى أميركا، ويؤيد الحركة الصهيونية تأييدا كبيرا وسافرا، ويؤيد الاستيطان، ويعادي الاتفاق النووي مع إيران، ويقترب كثيرا من الرئيس بوتين كشخص وكرئيس لروسيا أيضا.
هذا هو الرئيس ترامب كما عبر عن نفسه، وكما تدل أفعاله وتعيناته، وكما يشرح شخصيته وما بها من نزق علماء النفس والسياسة أيضا. وعلى العالم العربي وغير العربي التعامل مع هذا الرئيس وحاشيته للسنوات الأربع القادمة على أقل تقدير.
ومن البدهي أن نعيد القول القائل أن القضية الفلسطينية هي (القضية المركزية) للأمة العربية تاريخيا، وهذا يعني أن النظام العربي منفردا ومجتمعا يجدر به أن يدير سياسته الخارجية في ضوء المصالح التي تخدم قضيته المركزية ( فلسطين).
نعم هذا الواجب الوطني والتاريخي والجغرافي، وكذا في عالم المصالح، ولكننا إذا حاولنا إنزال هذه النظرية على أرض الواقع سنجد أنفسنا في مفارقات مؤلمة، لأن الواقع المرير غير النظرية، لذا تقول بعض المؤشرات ذات الدلالة:.
١- من المفترض أن قيادات الشعب الفلسطيني، بما فيها السلطة والفصائل، والشعب أيضا، ألّا ترحب بقيادة ترامب لأنه يبدي عداء سافر للقضية المركزية قضية فلسطين، وبالتالي نحن أمام رجل يعادي العرب، ويعادي قضيتهم، وينصر ( إسرائيل) ظالمة أو مظلومة،
٢- ومع ذلك تجد مثلا السعودية ودول الخليج ترحب بزعامة ترامب للبيت الأبيض لأنه يعادي الاتفاق النووي مع إيران، دون نظرة موزونة جيدا مع معاداته لقضية العرب المركزية.
٣- وإذا نظرت إلي مصر وجدتها أيضا ترحب بزعامة ترامب للبيت الأبيض، لأن مصالح مصر في هذا الترحيب يمكن أن تفسر بأنه، أو لأنه ربما الأكثر عداء للإسلام ولإخوان، وربما لأنه صديق لبوتين، والأخير صديق للرئيس المصري، وحين كانت مصر جزءا من مشروع قرار مجلس الأمن لنبذ لاستيطان، انسحبت من المشروع بناء على محادثة للرئيس ترامب مع الرئيس المصري كما تناقلت ذلك الوكالات، وعليه يمكن أن تسأل أين القضية الفلسطينية ( المركزية) في هذه العلاقات والمواقف؟!
إن النظام العربي يتحدث كثيرا عن فلسطين، وعن مركزية القصية الفلسطينية للعرب ، ولكن لا شيء عملي يشهد على ذلك، ولا تدار المصالح العربية مع ترامب وإدارته القادمة على ضوء هذا المعيار. ثم علينا أن نلحظ كيف يستخف ترامب بالعرب بشكل عام ليس في كلامه عن الدفع مقابل الحماية فقط، بل وفي تعيين صهره اليهودي مبعوثا للسلام في الشرق الأوسط.
ترامب ظاهرة جديدة وغريبة، وعلى العرب إدراك ذلك، والنظر في مصالحهم بعمق دون تردد، وعليهم أن يحافظوا على مركزية القضية الفلسطينية في أثناء تناولهم لسياستهم الخارجية، ففلسطين هي (ترمومتر ) حرارة العرب.