رائحة الفقر
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

رائحة الفقر

 فلسطين اليوم -

رائحة الفقر

بقلم :أسامة غريب

هل لأفراد شعب ما رائحة تميزهم عن رائحة أفراد شعب آخر؟. بمعنى هل يمكن أن نميز رائحة المصريين ورائحة الإنجليز ورائحة اليابانيين مثلاً؟. قفز الأمر إلى ذهنى حين كنت أقف مع صديق بالشارع عندما مر إلى جوارنا أحد الأشخاص فهلت بقدومه رائحة قوية غير مريحة ووصفها صديقى الذى عاش فى الخليج طويلاً بأنها تشبه رائحة الهنود!.. فهل للهنود حقاً رائحة تميزهم عن غيرهم؟

فى رواية «العطر»، التى كتبها الألمانى باتريك زوسكند، كان بطل الرواية يمتلك أنفاً استثنائياً قادراً على تمييز شتى الروائح ومعرفة الناس من رائحتهم دون أن يراهم، فكان يعرف الكاهن من خلال رائحة الخل التى تميزه، ويعرف الشرطى من رائحة التبغ العالقة به، وثالثا من رائحة الحلبة، وآخر من رائحة السباخ التى تفوح منه، وكان أنفه هو دليله فى الحياة كما كان مقتله فى النهاية. لقد أدركت ما عناه صديقى برائحة الهنود لأننى عشت فترة من عمرى بالخليج، وعرفت الهنود الذين يمثلون أكثر من ثلثى السكان هناك، وقد خبرت بنفسى تلك الرائحة التى تحدث عنها صديقى ونسبها للهنود. ولكن فى اعتقادى أن هذه ما هى إلا رائحة الفقر مخلوطة ببعض التوابل ليس أكثر.

وقد أرانى التجوال فى أرض الله الفقراء والمعدمين من سكان العشش الصفيح فى أفريقيا وفى جنوب شرق آسيا وفى عشوائيات مصر، وهى أماكن لا يمكن أن يصدر عن ساكنيها ما يسعد الأنف، حيث مكان السكن عطن غير متجدد الهواء، والطعام فى الغالب غير صحى وغير نظيف ومياه الشرب ملوثة، والصرف الصحى لا وجود له، ومن الطبيعى فى ظروف كهذه أنّ عادات النظافة الشخصية لا يستطيع أن يكتسبها ويتمسك بها الكثيرون، بل ومن العادى أن يعتبرها البعض ترفاً لا يجوز التطلع إليه.. وهذا فى تقديرى هو حال العمالة الفقيرة فى كل مكان.

وبالطبع لا تخلو الحياة من فقراء معدمين شديدى الحرص على النظافة رغم قسوة الحياة، ولكن هذا استثناء لا يقاس عليه.. أما بالنسبة لصديقى الذى تحدث عن رائحة الهنود فلقد كانت خبرته ناتجة عن تجربته بالعيش فى الخليج، حيث العمالة الهندية الكثيفة، وأغلبها يعيش فى ظروف صعبة شديدة البؤس فى مستعمرات سكنية مكدسة. ولكن بعيداً عن العمال الذين يتم جلبهم للعمل فى ظروف غير إنسانية، وبعيداً عن الوسيط الكافر الجالب للعمالة، سواء كان شركة أو فردا، ذلك الذى يأخذ لنفسه معظم الراتب ويمنح العامل مبلغاً ضئيلاً يقوم بإرساله لأهله فى حيدر أباد أو بيشاور ويعيش هو على الكفاف.. بعيداً عن كل هذا، لو أن صديقى مد بصره فنظر إلى المهنيين الهنود فى الخليج كالأطباء والمهندسين والعلماء، أولئك الذين تؤهلهم خبراتهم لمكانة متميزة ودخل عالٍ وسكن طبيعى فلا أظنه كان سيذكر حديث الروائح هذا.

هى رائحة الفقر إذن فى كل زمان ومكان وليست رائحة شعب بعينه.. كل الحكاية أنها مع فقراء الهنود تأتى مخلوطة بالكارى!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة الفقر رائحة الفقر



GMT 06:44 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

الجنون والمسخرة

GMT 00:39 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

المينى بار

GMT 04:02 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

بيتى أنا.. بيتك (1)

GMT 04:17 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

البيان رقم واحد

GMT 06:17 2017 الأربعاء ,26 تموز / يوليو

أخطاء عبدالناصر وإنجازاته

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 10:32 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

ليدي غاغا تتألّق في حفل جوائز الأوسكار 2023

GMT 08:10 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أحمد زاهر يبدي سعادته بدوره في فيلم "هروب اضطراري"

GMT 16:52 2016 الخميس ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو موسى يحل ضيفًا على MBC" مصر" الجمعة

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

المُكرّمون في احتفالية محمد صبحي بمسيرته يردون على الهجوم

GMT 03:47 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحطم طائرة استطلاع فرنسية في النيجر

GMT 19:38 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

تنظيم داعش يهاجم مواقع لجبهة النصرة في مخيم اليرموك
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday